شويّة دردشة

سر الجمعة العظيمة..إعلان الحب الذي زلزل الكون| بقلم وسام سمير

في لحظة فارقة من تاريخ البشرية، وعلى تلةٍ قاحلة تدعى “الجلجثة”، فعل يسوع المسيح ما لم يكن في الحسبان، وما لم يخطر على عقل بشر ولا حتى في تصورات الأرواح الشريرة.

لقد فعل الأعظم، لا فقط مما تمناه الإنسان، بل ما عجز أن يتخيله، أو يتصوره: فكّ لعنة الأزل التي التصقت بجنس البشر منذ سقطة آدم وحواء، وحررنا من ربقة الموت والفساد بعملٍ إلهي عجيب، هو جوهر كل الرجاء.

منذ بدء الخليقة، كان الإنسان يرزح تحت ثقل اللعنة، يتخبط في متاهات الخوف والضعف، يبحث عن معنى، عن خلاص، عن كفّارة… لكن لا ذبائح تكفي، ولا طقوس تطهّر، وهنا، في ملء الزمان، دخل يسوع المسيح المشهد الإنساني، لا كمتفرج، بل كمحرّر، يحمل خطة أبدية، مخططًا رهيبًا فاجأ السماء والجحيم معًا.

الشيطان، بكل مكائده، ظنّ أنه ربح حين ساق رؤساء الكهنة وشيوخ الشعب ليقدّموا يسوع للموت، والرومان، بكل جبروتهم، تصوروا أنهم بصليبهم أنهوا أمر نبي متمرد، لكن الحقيقة كانت عكس ذلك تمامًا. لقد تم كل شيء كما أراد يسوع أن يتم، وبحسب خطة لم تتبدل منذ الأزل، خطة كان ينطق بها في كل كلمة، وينبئ بها في كل خطوة.

الجمعة العظيمة، ليست فقط ذكرى صلب المسيح، بل هي يوم تحقيق النبوءة، يوم إعلان الحب الأعظم، يوم قُهِر فيه الموت بالموت، ويوم زُلزلت فيه الأرض من رهبة المشهد، نعم، عندما أسلم يسوع الروح، لم تكن مجرد لحظة موت، بل لحظة تجلٍ كوني، البرق شق السماء، الرعد دوّى، الصخور تشققت، الحجاب انشق، والشمس احتجبت، لأن خالق الخليقة أغمض عينيه على الصليب، لا كمن يُهزم، بل كمن ينهي معركة بحسم إلهي لا يُضاهى.

كان ذلك اليوم هو إعلان من الله، من الطبيعة، من السماء، أن هذا هو ابن الله الحي، مخلّص العالم، ورب المجد، يسوع المسيح، لقد أحبنا حتى الموت، لا موتًا عاديًا، بل موت الصليب، بأوجاعه وعاره، لكي يحررنا من قيود لم نكن ندرك مداها، ارتبك الشيطان من هول ما جرى، وارتجف الإنسان من عظمة ما حدث، فالفداء تخطى كل مقاييس العقل البشري.

في هذا اليوم، الجمعة العظيمة، نقف بخشوع أمام خطة لم يكن للإنسان يدٌ في صنعها، بل فقط في نيل ثمارها، خطة صمّمها الله قبل الدهور، ونفّذها في ملء الزمان، وجعل من الألم خلاصًا، ومن الصليب عرشًا، ومن الدم حياةً أبدية.

يا لعظمة الحب! ويا لرهبة الفداء! هذا هو يسوع، رب المجد، الذي أحبنا حتى النهاية،

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى