تحقيقات و تقاريرعاجل

وسائل تحقيق الأمن المستدام بمؤتمر “ميونخ للأمن”

يناقش زعماء دول ومسؤولون وخبراء القضايا السياسية العالمية الرئيسية في مؤتمر ميونخ للأمن المنعقد حاليا،  دور التعددية في التعامل مع القضايا الأمنية.

ويواجه العالم في الوقت الراهن تحديات أمنية مثل الصراعات الجيوسياسية، والإرهاب الذي هُزم ولكن يبقى القضاء عليه بعيد المنال. وعقب نحو 3 عقود من نهاية الحرب الباردة، يواجه العالم مجددا خطر انتشار الأسلحة النووية.

في الوقت نفسه ظهرت مجموعة جديدة من التحديات الأمنية. فقد أصبح الأمن السيبراني قضية ساخنة في وقت يتصل فيه العالم كله بشبكات ،بما يجعله معرضا لمزيد من الهجمات السيبرانية.

من ناحية أخرى، فإن انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس حول التغير المناخي قد يعوق جهود التعامل مع قضية التغير المناخي.

وقال رئيس مؤتمر ميونخ للأمن فولفجانج إشينجر في كلمته الافتتاحية أمس الجمعة إن العالم أقرب ما يكون إلى حافة الصراعات بين البلدان.

وفي الوقت نفسه، فقد تأثر النظام الدولي بسبب عودة الشعبوية والأحادية.

ولقد برهن التاريخ عدة مرات على أن التوجه الأحادي بالعقلية الصفرية ليس من شأنه سوى أن يؤدي إلى تزايد التوترات والصراعات، ما يسفر عن تشرد البشر وخلق بؤر أكثر للإرهاب والصراعات.

على الجانب الآخر، أدت الأحادية والتدخل في شؤون الدول الأخرى إلى معاناة بعض البلدان الغربية من الهجمات الإرهابية ومن الآثار الكبيرة السيئة لتدفق اللاجئين.

وفي عالم معولم ومرتبط بعضه ببعض إلى حد كبير، لا يمكن لأي طرف أن يعيش وحده كجزيرة منعزلة، ولا يمكن التعامل مع القضايا من جانب دولة بمفردها. وفي عالم تتشابك فيه المصالح بشدة، من المرجح أن تنتشر آثار الصراعات الإقليمية وتؤثر على المناطق المجاورة والعالم بأسره. وإذا أردت أن تتأكد من ذلك، فانظر إلى الحرب على الإرهاب في الشرق الأوسط وأزمة اللاجئين في أوروبا.

لذلك، فإن الأحادية قصيرة النظر لاتفتقر فقط إلى الاستدامة ولكنها تهدد أمن العالم أيضا .

ولا يمكن تحقيق الأمن الدولي طويل الأجل من خلال معالجة الأعراض وحدها. لم يعد الأمن محصورا في مفاهيم عسكرية أو سياسية ولكنه يرتبط أيضا بالتنمية والبيئة.

وقد أوضحت وزيرة الدفاع الألمانية أورسولا فون دير لاين في كلمتها الافتتاحية أن أوروبا لم تحقق السلام طويل الأجل بعد الحرب العالمية الثانية من خلال الجهود الأمنية التي يقودها الناتو فقط، وإنما أيضا من خلال التنمية.

والأمر نفسه ينطبق على مناطق تمثل فيها التنمية أهمية كبيرة، مثل الشرق الأوسط الممزق بالحروب والبلدان الأفريقية التي تعاني الفقر فضلا عن المناطق المهددة باحتمال نشوب صراعات.

إن التواصل والتعاون وحدهما بوسائل متعددة الأطراف، هو ما سوف يحقق السلام والاستقرار الممتدين ، فضلا عن التنمية الشاملة التي تعود بالنفع على كافة البلدان وكافة الجماعات البشرية.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش للمشاركين في مؤتمر ميونخ للأمن ” تكتسب التعددية اليوم أهمية أكثر من أي وقت مضى” ، داعيا إلى بناء تعددية حقيقة وقوية لمواجهة التحديات الراهنة ،وذلك في ظل أن التهديدات الموجهة للأمن العالمي والصراعات، قد أصبحت أكثر تشابكا.

وإن الصين دائما طرف فاعل يمارس دوره في إطار التعددية. وبثقة في قوتها المتزايدة، تتحرك الصين من أطراف الساحة الدولية إلى مركزها، ولم تعد الصين تكتفي بدور المشاهد وإنما تقوم بدور المشارك، وذلك من خلال تعزيز الأطر التعددية القائمة مثل الأمم المتحدة ومجموعة العشرين وغيرها.

ويمثل مؤتمر ميونخ للأمن منصة في غاية الأهمية لصياغة هذا التوجه التعددي بالنسبة للقضايا العالمية، ولكننا يجب أن نبذل الممزيد من الجهود العملية بدلا من الاكتفاء بمجرد الكلام . فكلما اشتملت جهود التعددية على حلول عملية، أصبح السلام والاستقرار العالميان أقرب للتحقق من جانب العالم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى