وزير الصحة من جنيف: ملفات الصحة تحظى بأهتمام في العلاقات الدولية

أكد الدكتور أحمد عماد الدين راضي وزير الصحة والسكان، أن ملفات الصحة باتت تحظى بمرتبة متقدمة فى العلاقات الدولية والتي شهدت خلال العام الماضي تبني كافة الأطراف في المجتمع الدولي لأهداف التنمية المستدامة بركائزها الثلاث الاقتصادية والاجتماعية والبيئية وفي القلب منها الأهداف المرتبطة بالصحة والحق فيها وعمادها «الرعاية الصحية الشاملة».
وأضاف «راضي» خلال عرض بيان مصر صباح اليوم الثلاثاء، أمام الإجتماع التاسع لوزراء صحة دول حركة عدم الإنحياز بجينيف قائلًا : « لعلنا لا نبالغ إذا قلنا أن المرحلة الحالية التي يمر بها المشهد الدولي بكافة تعقيداته هي من أخطر المراحل التي مرت بها البشرية منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، في ضوء الأزمات الإنسانية وانتشار الأوبئة والكوارث الطبيعية، وما أدت إليه من ازدياد مضطرد وغير مسبوق في أعداد اللاجئين والنازحين والتي وصلت في أيامنا هذه إلى عشرات الملايين، بحيث أفضت هذه الأوضاع المأساوية إلى عدم القدرة في أحيان كثيرة على توفير الخدمات الصحية الأولية والأدوية الرئيسية بما فيها التطعيمات».
وأشار وزير الصحة، إلى أن هذا الاجتماع يمثل فرصة مناسبة لدول الحركة لاستعراض أهم التطورات التي ألمت بمجال الصحة الدولية خلال العام السابق وأيضاً أهم البنود المدرجة على أجندة جمعية الصحة العالمية في دورتها الـ 69، والتي يُنتظر أن تتناول العديد من القضايا بالغة الأهمية والتي لها انعكاساتها على دور وأهداف منظمة الصحة العالمية خلال القرن الحادي والعشرين.
ويعتبر ملف الإصلاح من أهم هذه الملفات وأبرزها على الإطلاق، وهو الملف الذي بدأت فيه المنظمة خلال السنوات الماضية سواء ما يتعلق منه بالإصلاح البرامجي أو الإداري أو المالي، وفي مقدمة هذا الملف إصلاح استجابة المنظمة خلال أوقات الطوارئ والأوبئة من خلال إنشاء برنامج موحد لهذا الغرض على امتداد مستويات العمل الثلاثة للمنظمة.
وأستطرد قائلاً يجب أن نسجل من هنا أن الإصلاح في حد ذاته ليس أمراً معيباً أو مكروهاً، وإنما حاجة ملحة وضرورية لا بد من المضي قدماً فيها على فترات منتظمة لضمان انسياب العمل داخل المنظمة وتعزيز قدرتها على الاستجابة للتحديات الضخمة التي تعترض نشاطها، وأخذاً في الاعتبار تعقيدات المشهد الدولي الحالي بكافة جوانبه وما يكتنفه من صراعات لها بدورها كما نشهد بأعيننا تداعياتها الصحية الكارثية.
وتابع “إلا أنه من المطلوب أن يتم تناول الإصلاح باعتباره ملفاً واحداً لكن له جوانبه المتعددة التي يجب أن تتكامل وبعضها البعض، إذ أن فرض التجزئة على هذا الملف وتناول جوانبه المختلفة في معزل عن بعضها هو المقدمة الحقيقية لتقويضه”.
وشدد راضي، في كلمته على ضرورة أن تأخذ دول الحركة في عين الاعتبار أهمية أن تأتي المسئوليات التي ستترتب على تدشين البرنامج الجديد لاستجابة المنظمة خلال أوقات الأوبئة والطوارئ واضحة ومرنة ومُعبرة عن الطبيعة الخاصة وغير المركزية للعمل داخل المنظمة من خلال مستوياتها الثلاثة، وبما يضمن في نفس الوقت وجود استجابة سريعة وفعالة، وبحيث يقوم المقر الرئيسي للمنظمة بوضع الإستراتيجية العليا مع ضمان وجود آليات التنسيق المرنة مع المكاتب الإقليمية والمكاتب القطرية للمنظمة لتنفيذ التدخل العملياتي.
وأوضح خلال كلمته قائلًا : أود في هذا السياق أن أؤكد على أهمية توفير المساعدات اللازمة للدول الأعضاء لتعزيز قدرتها على بناء أنظمة صحية مرنة ومتطورة ورفع كفائتها من خلال تقديم الدعم الفني باعتبار أن الأنظمة الصحية في الدول الأعضاء هي خط الدفاع الأول في مواجهة أي طارئ من أي نوع، وهو الأمر الذي يوفر الكثير من الجهد ويجعل من استجابة المنظمة من خلال مقرها الرئيسي أو مكاتبها الإقليمية مكملة للجهود التي بدأت فيها الدولة نفسها للاستجابة، وهو أمر يتطلب بدوره تعزيزاً في المكاتب القطرية للمنظمة بما يمكنها من تقديم الإسناد والدعم الفني اللازمين للمنظومة الصحية على المستوى الوطني.
واشار إلى أهمية بناء القدرات الرئيسية للدولة كما وردت في اللوائح الصحية الدولية لعام 2005 لتعزيز قدرتها على الرصد والاستعداد والاستجابة، وهو ما يمكن أن يتم على مرحلتين الأولى مرحلة التقييم الذاتي والتي تعكف خلالها الأجهزة الصحية في الدولة على دراسة وتحليل مدى التزامها باللوائح ومتطلبات الوفاء بهذا الالتزام على أن يليها، في حالة الإحتياج إلى ذلك وبناء على طلب الدول المعنية، مرحلة ثانية للتقييم الخارجي يتم من خلالها اكتشاف الثغرات الإضافية التي قد تؤثر بالسلب على قدرة المنظومة الصحية للدولة على الاستجابة في أوقات الأوبئة والطوارئ، وهو الأمر الذي يمكن تحقيقه بصورة متكاملة من خلال “آلية التقييم الخارجية المشتركة” وهي الآلية التي ساهم المكتب الإقليمي لشرق المتوسط في تطويرها بحيث أضحت حالياً آلية شاملة لمنظمة الصحة العالمية ككل.
وأشاد بالمجهودات التي قامت بها العديد من الدول الأطراف في الحركة خلال مراحل التفاوض المختلفة لهذا الإطار حتى وصل إلى صورته شبه النهائية والتي تضمنت العديد من الضمانات التي تتيح للدول الأعضاء في المنظمة ممارسة رقابتها الفاعلة على كل ما يتصل بتطبيق هذا الإطار بما يؤدي إلى حماية المنظمة ودورها.
وتأتي قضية التمويل باعتبارها العقبة الرئيسية التي تواجه الدول خلال «عصر التنمية المستدامة»، وهي المشكلة التي تتفاقم تداعياتها بصورة أكبر على الدول النامية، ويجب أن تأخذها المؤسسات والدول المانحة في الحُسبان، إذ أن قدرة الدول النامية تظل محدودة نحو حشد الموارد الذاتية لتمويل تنفيذ أهداف التنمية المستدامة.
وأعرب الدكتور أحمد عماد الدين راضي وزير الصحة، عن قلقه من استمرار الضغوط التي تقوم بها بعض الأطراف للزج بمفاهيم خلافية على أجندة اجتماعات الأجهزة الرئاسية بالمنظمة، الأمر الذي سيؤدي حتماً إلى زيادة حالة الاستقطاب داخل المنظمة اتصالاً بهذه المفاهيم التي تتعلق بالمثلية الجنسية، والهوية النوعية، ومتحولي الجنس، وذلك بدلاً من أن تنصرف فيه جهود كافة الدول نحو مواجهة التحديات الرئيسية التي تقف بين المنظمة وبين القيام بدورها خاصة في عصر التنمية المستدامة، إذ أن التوصل إلى توافق بشأنها أمر مستبعد لمساسها بالعديد من الثوابت الأخلاقية والدينية والاجتماعية التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بعادات وثقافات الشعوب.
وفي ختام كلمته أكد علي إستعداد مصر الكامل للتعاون في إطار الترويكا ومع كافة الدول الأطراف في الحركة، بما يدعم من الجهود المشتركة الرامية إلى تحقيق المبادئ التي تدافع عنها الحركة منذ إنشائها والطامحة إلى تعزيز ثقافة السلام وإرساء مبادئ العدل في المنظومة الدولية ورفع معدلات التنمية انطلاقاً من تحقيق الرعاية الصحية الشاملة في كافة الدول الأعضاء في الحركة.