أخبار عالميةعاجل

نيجيريا تستضيف المؤتمر الدولي حول بحيرة تشاد خلال فبراير الجاري

تستضيف الحكومة الاتحادية لنيجيريا ولجنة حوض بحيرة تشاد، بدعم من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) المؤتمر الدولي حول بحيرة تشاد خلال الفترة من 26 – 28 فبراير الجاري. وسيكون موضوع المؤتمر “إنقاذ بحيرة تشاد لتنشيط النظام الإيكولوجي للحوض من أجل توفير سبل العيش المستدامة والأمن والتنمية”. ويرتكز الهدف الرئيسي للمؤتمر الدولي على إيجاد وعي عالمي بشأن التحديات الاجتماعية – الاقتصادية والبيئية الناجمة عن انكماش بحيرة تشاد التي تسبب تهديدات وتحفز انعدام الأمن، وكذلك وضع برنامج عمل شامل لإنقاذ البحيرة من الانقراض.

وعن الأهداف الآخرى للمؤتمر والتي تتمثل في: إطلاع أصحاب المصلحة، ومناقشة وإيجاد توافق في الأراء حول الحلول المختلفة لاستعادة بحيرة تشاد، بما في ذلك مشروع نقل المياه بين الحوض المشترك من نهر أوبانغي إلى بحيرة تشاد؛ لجمع الخبراء وصانعي القرار السياسي والجهات المانحة ووكالات الأمم المتحدة المتخصصة، والخبراء العلميين والتقنيين، والمجتمع المدني، والمنظمات غير الحكومية، والباحثين لتبادل المعارف وتبادل المعلومات بشأن تنمية وإدارة موارد المياه في بيئة الأزمات من أجل التنمية المستدامة في حوض بحيرة تشاد؛ وحشد الدعم السياسي والمالي من أجل بحيرة تشاد.

يشكل حوض بحيرة تشاد – الذي تشترك فيه الجزائر والكاميرون وجمهورية أفريقيا الوسطى وتشاد وليبيا والنيجر ونيجيريا والسودان – كيانا كبيرا يمثل حوالي 8 % من إجمالي سكان أفريقيا، حيث يقدر عدد سكان دول الحوض بحوالي 40 مليون نسمة وفقا لإحصائيات عام 2010.

وتعد البحيرة مصدر مياه أساسيا للصيادين ومربي الماشية ومزارعي البلدان المشاطئة ومعظمهم من أفقر بلدان العالم. وعلى الرغم من الفقر والتحدي الأمني ​​في منطقة حوض بحيرة تشاد، فإن هذه المياه العذبة هي مصدر إمدادات المياه للشرب وبيئة سليمة مواتية للتنمية الاجتماعية والاقتصادية. كما يوفر بيئة اجتماعية وثقافية فريدة تسهم في التنوع الغني للمنطقة. فالشعوب المتشاطئة في بحيرة تشاد لها قيمها الثقافية ومعتقداتها وممارساتها التقليدية التي تشكلها علاقتها بالبيئة الطبيعية وبالتالي تؤثر على الاستدامة البيئية.

وبحيرة تشاد مثلها مثل موائل كثيرة في إقليم الساحل الأفريقي تشهد على تدهور التنوع الأحيائي فيها، بعدما تناقصت مساحتها من 25 ألف كيلومتر مربع في ستينيات القرن الماضي إلى أقل من 2000 كيلومتر مربع هذا العام.

ويرجع الخبراء ذلك إلى أسباب عدة أهمها تقلص مياه نهر شاري الرافد الرئيسي للبحيرة بسبب التغيرات المناخية، والجفاف وندرة الأمطار، إلى جانب الاستغلال المفرط للموارد المائية من قبل السكان المحليين، وفقا لبيانات البنك الدولي ولجنة حوض بحيرة تشاد.

وقد انخفض إنتاج الأسماك بنسبة 60 % تقريبا، وشهدت أراضي الرعي تدهورا أدى إلى نقص العلف الحيواني بنحو 46.5 % منذ عام 2006. وأثر تحول السكان من تربية الأبقار والجمال إلى تربية الأغنام والماعز في زيادة تدهور الغطاء النباتي واستهلاك النباتات الخشبية.

وتعدى أثر التدهور البحيرة إلى حياة من حولها من السكان في الدول الأربع المطلة عليها، أي تشاد والكاميرون والنيجر ونيجيريا، والذين يقدر عددهم بأكثر من 20 مليونا، من بينهم 8 ملايين يعيشون على موارد البحيرة المباشرة. وبدأت نواقيس الخطر تدق منذ سنوات لتحذر من إمكانية تلاشي الحياة في البحيرة وما حولها، من ذلك التحذير الذي أطلقته منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة “فاو” عام 2009، وباعتماد تحذير آخر للإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء “ناسا” يقول إن استمرار انحسار مياه البحيرة قد يؤدي إلى اختفاء رقعتها تماما خلال الأعوام الـ 20 المقبلة.

وتشير التقارير إلى تحذير “الفاو” عام 2017، إلى أنه مع استمرار النزاع وحالة عدم الاستقرار، فإن وضع الأمن الغذائي في نيجيريا وحوض بحيرة تشاد يتدهور بشكل كبير، ودعت المجتمع الدولي إلى التحرك بشكل عاجل وحاسم لحماية سبل عيش ملايين العائلات التي تعتمد على الزراعة والماشية وصيد الأسماك في غذائها وسبل عيشها. ومع بدء موسم الزرع في مايو الماضي، وندرة علف الحيوانات ونقاط المياه خلال موسم العجاف، فإنه من الضروري جدا أن تصل بذور وأدوات المحاصيل والدعم اللازم للماشية إلى العائلات بشكل عاجل للحد من نطاق الأزمة المتدهورة التي تشمل حاليا 4 دول هي الكاميرون وتشاد والنيجر ونيجيريا.

ويعاني حاليا نحو 7.1 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي الحاد في الدول الأربع التي تعاني من أزمة والتي يعتمد 80-90 % من سكانها في سبل عيشهم على الزراعة وصيد الأسماك ورعي الماشية؛ وكذلك من بين هؤلاء 515 ألف طفل يعانون من سوء التغذية الشديد الحاد وهي الحالة التي يمكن أن تؤدي في حال لم تعالج إلى الإضرار في نمو الطفل وربما إلى الموت.

من جانبه، أشار دومينيك بورجون مدير شعبة الطواريء والتأهيل في الفاو، إلى أنه لا يزال شبح المجاعة يخيم على المناطق الأكثر تضررا ولا يزال الملايين عالقين في دائرة الجوع الحاد إذا لم نمكن المزارعين من بدء جمع محاصيلهم الآن. وأضاف أن جهودنا المجتمعة لا يمكن أن تقتصر فقط على تجنب حدوث مجاعة واسعة، بل يجب أن تسمح للناس بالعودة إلى عيش حياة كريمة. ودعم الزراعة هو أمر أساسي لتحقيق الهدفين. وقال بورجون، إنه إلى جانب خفض الجوع وتعزيز التغذية فإن الاستثمار في المزارعين سيوفر كذلك فرص العمل التي يحتاجها السكان بشدة والتي من شأنها أن تقلل الهجرة وتحد من احتمال تطرف الشباب العاطلين عن العمل.

كما كشفت التقارير امتداد العنف المرتبط بجماعة بوكو حرام في شمال شرق نيجيريا إلى أجزاء من الدول المجاورة في حوض بحيرة تشاد وخاصة أقصى شمال الكاميرون وغرب تشاد وجنوب شرق النيجر. أدى إلى تأثيرات مدمرة على أمن الغذاء وسبل العيش.

ومع اقتراب منطقة حوض بحيرة تشاد من المرحلة الحرجة في تقويم الزراعة، فإن الفاو تدعو إلى جمع 30 مليون دولار بشكل عاجل للدعم الطاريء المباشر لمساعدة عائلات المزارعين في الدول الأربع على الاستعداد للزراعة في موسم مايو المقبل، والحيلولة دون بلوغ هذه العائلات مرحلة الاعتماد على المساعدات الغذائية على المدى الطويل. ويلزم إجمالي 232 مليون دولار لضمان إنتاج الغذاء وحصول 3 ملايين شخص على الغذاء في المناطق الأكثر تضررا خلال السنوات الثلاث المقبلة. والغالبية العظمى من الأموال المطلوبة (نحو 191 مليون دولار) مخصصة لنيجيريا التي تتحمل العبء الأكبر من الأزمة.

وقد تسبب العنف في نزوح الملايين في الدول الأربع من منازلهم وعرقل الوصول إلى الأراضي والممتلكات الزراعية وهو ما أدى إلى خلق احتياجات إنسانية واسعة في منطقة تعاني أصلا من انعدام الأمن الغذائي والفقر والتدهور البيئي. وتواجه المجتمعات المضيفة بشكل خاص منذ العديد من السنوات صعوبة في إطعام النازحين إضافة إلى سكان البلاد الأصليين.

ومع تحسن إمكانية وصول المساعدات الإنسانية، فقد تكشفت فداحة تأثير النزاع، وحان وقت دعم السكان الذين بقوا في أراضيهم وهؤلاء الذين يقررون العودة إلى سبل عيشهم الأصلية.

ففي ولاية بورنو وحدها زاد عدد السكان في مراحل الأزمة والطواريء والكارثة من مراحل الأمن الغذائي (المراحل من 3-5 على مقياس تعتمده المنظمات الإنسانية مكون من خمس مراحل) من 2 مليون في أغسطس 2016 إلى 3.3 مليون في أكتوبر-ديسمبر 2016. والأكثر تضررا في هذه المجموعة لا يستطيعون إطعام أنفسهم واستنفدوا جميع الموارد ببيع ممتلكاتهم ومن بينها البذور والأدوات والحيوانات. وإذا لم يتم التدخل فإنه من المتوقع أن يرتفع العدد إلى 3.6 مليون في ذروة موسم العجاف في أغسطس 2017. وتتوقع الأمم المتحدة أن يواجه 120 ألف شخص ظروف المجاعة في نيجيريا. ويتوقع أن تكون الغالبية العظمى منهم نحو 96% في ولاية بورنو.

ويجب أن تترافق المساعدات الزراعية الطارئة مع المساعدات الغذائية حتى تحقق النجاح طوال موسم العجاف. ولتحقيق ذلك، فإن الفاو تتعاون مع برنامج الأغذية العالمي لضمان حصول العائلات الأكثر ضعفا – بشكل خاص العائلات النازحة والمجتمعات المضيفة – على المساعدات الغذائية والدعم الزراعي المستند إلى الزراعة على شكل توفير البذور والأدوات والأسمدة في الوقت نفسه. وبهذه الطريقة ستتمكن هذه العائلات من استعادة وحماية سبل عيشها وممتلكاتها الزراعية وإنتاج الغذاء المستمر.

وتركز استراتيجية الفاو الطويلة الأمد لمنطقة بحيرة تشاد (رابط) بشكل خاص على دعم اللاجئين وعائلات النازحين والمجتمعات المضيفة إضافة إلى الجماعات الأكثر ضعفا في هذه الأزمة. وتركز التدخلات على تحسين أمنهم الغذائي والتغذوي وبناء صمودهم حتى يكونوا مجهزين بشكل أفضل لمواجهة صدمات المستقبل. وإضافة إلى ذلك فإن استعادة سبل الحياة المعتمدة على الزراعة سيوفر فرصة فريدة لتمهيد الطريق لانتعاش المناطق المتأثرة وإحلال السلام فيها. وتشتمل هذه الاستراتيجية على توفير المدخلات الزراعية والمتعلقة بسبل العيش، وليس ذلك فحسب بل كذلك توفير التدريب الفني والتحويلات النقدية والإرشادات المتعلقة بإدارة الموارد الطبيعية ودعم إنشاء صناديق مالية تديرها المجتمعات تزيد من القدرة على مواجهة الصدمات.

وقد تسابق العلماء والمتخصصون الذين يعتبرون البحيرة جزءا متبقيا من إحدى البحيرات الهائلة التي كانت موجودة حتى أوائل العصر الجيولوجي الرابع، وهي واحدة من كبريات بحيرات المياه العذبة في أفريقيا، إلى الاستجابة لنداءات الاستغاثة، ونشروا مقترحاتهم بشأن إنقاذ البحيرة. من بين تلك المقترحات تنفيذ مشروع سد بالمبو على نهر أوبنغي، وربط النهر بنهر شاري لكي تتدفق المياه من النهر الأول إلى الثاني.

وقد أعلن أن هذا العمل يحتاج إلى جهد دولي، وتعهدت بالفعل عدة دول خلال مؤتمر للمانحين في أوسلو في فبراير الماضي بتقديم مساعدات عاجلة تصل إلى 672 مليون دولار لنيجيريا والدول المحيطة بالبحيرة تدفع خلال ثلاثة أعوام. وتظهر تقارير استعراض الهيدرولوجيا في حوض بحيرة تشاد أن السنوات الرطبة قبل عام 1973، تدفقت في المتوسط ​​بين 30 و 40 كيلومترا مكعبا في السنة، في حين بلغ متوسط ​​التدفق الجاف بعد عام 1974، 20 – 21 كيلومترا مكعبا في السنة في حين كان أدناها 16 كم 3 المسجلة عام 1984.

ويقدر استخدام حوض المياه عام 2011 ب 2 كم 3 سنويا. وفي عام 2013، زادت مساحة سطح بحيرة تشاد إلى 5 آلاف كيلومتر مربع بعد تحسن استثنائي في نمط هطول الأمطار.

وفي مواجهة التدهور المتزايد في النظام الإيكولوجي لبحيرة تشاد، اتخذت حكومات كل من البلدان الأعضاء التدابير الرئيسية التالية:
– وافق رؤساء دول وحكومات حوض بحيرة تشاد في القمة العاشرة التي عقدت في نجامينا بتشاد 28 يوليو 2000، على تعبئة 6 ملايين دولار لدراسة الجدوى المتعلقة بنقل المياه بين الحوض من نهر أوبانغي في جمهورية أفريقيا الوسطى إلى بحيرة تشاد. وتحقيقا لهذه الغاية، أيدت نيجيريا الدراسة بمنحة قدرها 5 ملايين دولار . وقد أثبتت الدراسة أن نقل المياه بين الحوض أمر ممكن، ولكنه مكلف لرأس المال ومشروع طويل الأجل. وأشارت الدراسة إلى أنه يمكن زيادة تدفق البحيرة بمقدار 3.5 كم 3 إضافية مما قد يزيد من التدفق السنوي بين 23.5 إلى 24.5 كلم 3.

– وقد تمت الموافقة على برنامج العمل الاستراتيجي عام 2008، وبدأ تنفيذه بتمويل من الدول الأعضاء في مصرف التنمية الأفريقي والدول الأعضاء في مجلس الأعمال التجارية في مشروع بروديبالت.

– تمت الموافقة على ميثاق مياه حوض بحيرة تشاد عام 2012 من قبل قمة لكبك لرئيس الدولة والحكومة كأداة قانونية لإدارة المياه في البحيرة. وقد صدقت جميع الدول الأعضاء في اللجنة على الميثاق باستثناء ليبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى التي هي بصدد القيام بذلك.

– عقد مؤتمر للمانحين بهدف جمع الأموال لتنفيذ خطة الاستثمار الخمسية وخطة العمل الوطنية في أبريل 2014 في بولونيا بإيطاليا . وقد دعم بنك التنمية الأفريقي المبادرة من خلال توفير مبلغ 53. 82 وحدة حسابية يساهم الشركاء الآخرون بمبلغ 17.41 مليون وحدة حسابية أو ما مجموعه 71.23 مليون وحدة حسابية ( 110.4 مليون دولار أمريكي).

– بدأ تنفيذ برنامج العمل الوطني في نيجيريا حيث واجهت الدول المطلة على الحوض التحدي المتمثل في معالجة القضايا الراهنة بإنشاء صندوق استئماني لتنفيذ الأنشطة الواردة في خطة إدارة مصايد الأسماك في حوض كومادوغو – يوبي (كيب).

– في الآونة الأخيرة، أعدت لكبك وبلدانها الستة: الكاميرون وجمهورية أفريقيا الوسطى وتشاد وليبيا والنيجر ونيجيريا بدعم من مجموعة البنك الدولي وبالتنسيق مع الوكالة الفرنسية للتنمية، خطة عمل بحيرة تشاد للتنمية والمرونة المناخية (لداب) للفترة 2016-2025. والفكرة الأساسية للخطة هي أنه، بالتوازي مع استعادة السلام والأمن، هناك حاجة لتحويل بحيرة تشاد إلى قطب من التنمية الريفية الإقليمية.

ويوجد في حوض بحيرة تشاد إمكانات اجتماعية – اقتصادية ضخمة وغير مستغلة. وتشمل هذه الموارد ما يلي: الأراضي الزراعية؛ إمكانيات مصائد الأسماك والرعوية؛ المياه الجوفية؛ موارد التعدين؛ الهيدروكربونات ؛ السياحة. وعلى الرغم من كل هذه التدابير، لا تزال التحديات الرئيسية التي تواجه منطقة بحيرة تشاد قائمة. ومن هنا، فإن الحاجة تدعو إلى تنظيم مؤتمر دولي بهدف عكس الاتجاه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى