نتنياهو يواجه غضبا شديدا مع تفاقم الانقسامات في إسرائيل

واجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو غضبا شديدا من المتظاهرين أمام البرلمان (الكنيست) في القدس، الأربعاء، بعد يوم من استئنافه الحرب على غزة، منهيا بذلك وقف إطلاق النار المستمر منذ شهرين مع حركة “حماس”.
وعلى الطريق السريع رقم ١ – الطريق الرئيسي الذي يربط تل أبيب بالقدس – رفع المتظاهرون لافتة كُتب عليها: “مستقبل الائتلاف أم مستقبل إسرائيل؟”.
وأكدت اللافتة رسالةً نقلها آلاف الأشخاص أنه على مدار ما يقرب من ١٨ شهرًا من الحرب وهدنات هشة، يواصل نتنياهو إعطاء الأولوية لبقائه السياسي على أمن بلاده وحياة الرهائن الإسرائيليين والفلسطينيين في غزة.
وكان الغضب في هذه الاتهامات واضحا بعد يوم واحد فقط من قصف إسرائيل لغزة، والذي أسفر عن مقتل أكثر من ٤٠٠ شخص وإصابة المئات، وفقًا لوزارة الصحة في غزة مسجلا بذلك أحد أكثر أيام الحرب دموية.
وأعلن الجيش الإسرائيلي، الأربعاء، أنه شن “عملية برية مُستهدفة” في غزة، مُستعيدا جزئيا منطقة رئيسية في القطاع.
وبالنسبة لنتنياهو، ساعد خرق وقف إطلاق النار في تعزيز ائتلافه المُهتز في ظل محاكمته المُستمرة بتهم الفساد، وقبل تصويت مُهم على ميزانية إسرائيل.
وأدى استئناف القتال إلى استعادة نتنياهو دعم إيتمار بن غفير ، الوزير اليميني المتشدد الذي استقال من الحكومة احتجاجا على اتفاق وقف إطلاق النار في يناير/ كانون الثاني.
والثلاثاء، بعد وقت قصير من تجدد القصف على غزة، أعلن حزبه “القوة اليهودية” عودته للانضمام إلى ائتلاف نتنياهو.
ولكن بالنسبة للعديد من الإسرائيليين، أثار تجدد القتال مشاعر اليأس والغضب تجاه الحكومة، أما بالنسبة للفلسطينيين، فيعني ذلك نهاية فترة راحة قصيرة استمرت شهرين فقط.
وعلاوة على ذلك، فإن استئناف الحرب لا يتماشى مع ما يريده الكثير من الإسرائيليين، وفقا لاستطلاع رأي حديث أجراه معهد إسرائيل للديمقراطية، وهو مركز أبحاث مقره القدس، والذي أفاد في أوائل مارس/آذار أن الغالبية العظمى من الإسرائيليين يؤيدون وقف إطلاق النار.
وأفاد المعهد بأن أكثر من 70% من الإسرائيليين أيدوا التفاوض مع “حماس” لإنهاء القتال والانسحاب الإسرائيلي من غزة، مقابل إطلاق سراح الرهائن المتبقين.
والجدير بالذكر أن نسبة كبيرة (61.5%) من ناخبي حزب “الليكود” بزعامة نتنياهو أيدوا استمرار المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، على حد قوله.
والآن، وبينما يتمسك نتنياهو بموقفه في حملته الانتخابية المتجددة، يخشى الكثيرون من مصير مجتمع ممزق أصلا.
وقال يوفال يائيري، الفنان من القدس والمدير السابق لمدرسة فنية، لشبكة CNN، وهو يحتج إلى جانب الآلاف خارج الكنيست، بأنه يعتقد أن “القتال قد استؤنف لأسباب سياسية”، وأضاف أن نتنياهو بحاجة إلى حلفائه اليمينيين قبل الموعد النهائي للتصويت على الميزانية في 31 مارس، وتابع أن الحرب “تقوض الديمقراطية الإسرائيلية”.
وأردف: “أنا قلق للغاية بشأن احتمال نشوب حرب أهلية، هذه الأمة منقسمة، يبدو أحيانًا أنه لا مفر من ذلك، لم يعد الناس يؤمنون بالديمقراطية، لم يعودوا يؤمنون بالحياة التي كنا نعيشها قبل بداية كل شيء، ترون الانقسام: الدين من جهة، والعلمانية من جهة أخرى، ويبدو الأمر ميؤوسًا منه”.
وذكر إلياس شراغا، رئيس حركة جودة الحكم في إسرائيل، وهي هيئة رقابية قانونية، أن حرب نتنياهو في غزة تُشنّ لإبقائه في السلطة.
وقال شراغا لشبكة CNN: “أراد نتنياهو الهروب من العدالة، وهذا هو السبب الوحيد الذي يجعلنا نواجه انقلابًا على النظام وهذه الحرب الدموية، إنه مزيج خطير”.
وكان من المقرر أن يدلي نتنياهو بشهادته في محاكمته بتهم الفساد، الثلاثاء، لكن الجلسة أُلغيت بسبب استئناف العمليات العسكرية في غزة قبل ساعات فقط من مثوله أمام المحكمة.
وينفي رئيس الوزراء ارتكاب أي مخالفات.
وقال شراغا: “أحد أسباب رغبته في الإفلات من العدالة هو رغبته في الحفاظ على ائتلافه واستعداده للتضحية بشعبه، هذا هو السبب، والأمر في غاية البساطة”، مضيفا أن استئناف القتال أظهر مجددا أن نتنياهو “لا يكترث بالرهائن” في غزة الذين كان من المقرر إطلاق سراحهم بموجب اتفاق وقف إطلاق النار.
وأضاف: “نحن نضحي بأطفالنا في هذا، بينما يبيع رئيس وزرائنا روحه”.
وفي المقابل، يقول نتنياهو إن الضغط العسكري على “حماس” ضروري لإعادة الرهائن.
وانضم زعيم المعارضة يائير لابيد إلى مظاهرة الأربعاء والتي قال إنها تهدف إلى “ضمان أن تفهم الحكومة أنها لا تستطيع فعل ما تشاء”.
وصرح لابيد، مرتديًا شريطًا أصفر للإشارة إلى دعمه للرهائن المحتجزين في غزة، لـ CNN أن المتظاهرين “يحاولون إخبار شعوب العالم بأن إسرائيل لن تصمت عندما يسلبون ديمقراطيتنا”.
وبينما كان المتظاهرون يطرقون الأواني ويهتفون “أعيدوهم إلى ديارهم الآن”، وافقت لجنة في الكنيست على مشروع قانون مثير للجدل يهدف إلى تغيير تشكيل اللجنة التي تختار قضاة إسرائيل، والمسماة “لجنة اختيار القضاة”.
وبموجب إطار عمل اقترحه وزير العدل ياريف ليفين في يناير ووزير الخارجية جدعون ساعر، سيستبدل هذا القانون المحاميين المستقلين الحاليين في اللجنة بممثل من الائتلاف الحاكم وآخر من المعارضة.
ويرتبط هذا القانون بحزمة الإصلاح القضائي المثيرة للجدل التي سعت إليها حكومة نتنياهو في ٢٠٢٣ قبل بدء حرب غزة، والتي أشعلت بعضًا من أكبر الاحتجاجات في تاريخ إسرائيل.
وعلى الرغم من أن مشروع القانون ليس جذريا كبعض إجراءات ٢٠٢٣، إلا أن المنتقدين يقولون إنه “سيُسيّس لجنة الاختيار من خلال إضعاف نفوذ المحامين المستقلين”.
وقال لابيد إن مشروع القانون “المتشدد” سيضمن “أن يخضع القضاة للسياسيين”.
وأضاف لابيد بعد موافقة اللجنة على مشروع القانون، الذي يحتاج الآن إلى اجتياز القراءتين الثانية والثالثة في الجلسة العامة للبرلمان قبل أن يصبح قانونًا: “سيعينهم السياسيون، ويسيطرون عليهم، ويضمنون قيامهم بكل ما يُطلب منهم”.
مع ذلك، وبينما احتشد الآلاف خارج الكنيست ضد ما اعتبروه “الاعتداء على الديمقراطية” من قبل نتنياهو، أبدى البعض دعمهم لرئيس الوزراء وأهدافه الحربية المتجددة.