آراءشويّة دردشة

منافقون ومتسلقون ومتلونون ماذا نحن بينهم فاعلون | بقلم وليد عبد الرحمن

باستطاعة بعض أنواع الحرباء أن تغيّر لون جلدها، ويتغيّر لون جلد الحرباء بحسب وضعها الفيزيائي والفسيولوجي واستجابة للتعرّض للضوء ودرجة حرارة المحيط بالإضافة إلى التعبير عن مزاجها إذ باستطاعة المشاعر ومحاولة جذب القرين أن تؤدي إلى تغيير لون جلد الحرباء في بعض الأحيان.

وبنفس طريقة الحرباء وأسلوب عملها الذى استهوى البعض من البشر ينفذون سياساتهم ويحاولون تحقيق مكاسب شخصية فى هذا الصدد والتعامل مع كافة المواقف بمنطق المصلحة.

واذا عدنا الى الوراء عدة سنوات نجد أن هذا الامر يبرز جليا فى أعداد كبيرة من السياسيين والحزبيين والاعلاميين والصحفيين الذين كانوا يدينون بالولاء لنظام مبارك بالكامل وحققوا اقصى استفادة منه وتقلد بعضهم مناصب فى هذا العصر وكان منهم الاعلاميون والصحفيون المتنطعون والموالون والمتطوعون الذين كانوا يسطرون تقارير للجهات الامنية فى زملائهم مقابل حفنة من الاموال ويسعون إلى اى منصب بمنطق ( عبده مشتاق ).

وانقلبوا جميعا بعد ثورة يناير 2011 ضد حسنى مبارك ونظامه ونافقوا الثورة والثوار حتى ان بعضهم كان يدعى انه مفجر الثورة وانه ارتاح من نظام طبق على صدره وعلى صدر المصريين لسنوات طويلة ، ثم فجأة تحولوا إلى مناصرة حكم المجلس العسكرى رغم انهم كانوا ضده اثناء ايام الثورة ال 18 .

وبعد وصول الاخوان الى سدة الحكم فى مصر تحول هؤلاء بقدرة قادر إلى دعم وتأييد الاخوان وسياساتهم والوقوف ضد كل من يعارضهم ، فجأة من كاتبى تقارير فى أمن الدولة والأجهزة الامنية ودعم مبارك إلى دعم الاخوان والوقوف ضد التظاهرات المناهضة لهم ، بل والبحث عن مناصب لهم أو مكاسب شخصية اعتقادا منهم باستمرار حكم الاخوان.

وبعد ثورة 30 يونيو تحول هؤلاء فجأة إلى الهجوم الكاسح ضد الاخوان ومناصرة الرئيس السيسى بل ويقدمون انفسهم على انهم من قاموا بمحاربة الاخوان حتى خلعوهم من حكم مصر، ووجد هؤلاء ضالتهم فى دعم تحركاتهم من بعض الاشخاص فى بعض الأجهزة الأمنية او الجهات السيادية لتنفيذ اطماعهم مقابل عودتهم للعمل وكتابة التقارير دون النظر للمصلحة العامة فى هذا الشأن ولكن البحث كان عن نجاحات محدودة باستخدام وجوه معروف عنها حبها لمصلحتها الشخصية حتى لو مع اعداء الوطن.

والسؤال الذى يطرح نفسه بقوة هنا كيف يمكن أن تقتنع أو تأمن جانب هؤلاء أو تستخدمهم ثانية طالما انهم بهذا التلون المقيت والنفاق المفذع وكل هدفهم هو التسلق للوصول إلى غايتهم الشخصية دون النظر إلى المصلحة العامة والتى دائما تكون انعكاسا لتقدم الدولة وتؤثر بعمق فى المصلحة الخاصة.

ولذلك لا يمكن ان تتعجب من كم المعوقات التى تواجهها الدولة فى ظل وجود هؤلاء الاشخاص وانتشارهم واستخدامهم لان فى الاساس لا احد يعلم مع من هم يعملون أو من يستخدمهم فهم مع المصلحة الشخصية والاموال التى يتم دفعها اليهم ، فهم تنطبق عليهم مقولة ( الحفاظ على المبلغ ) وليس الحفاظ على المبدأ.

وفى الوقت ذاته تجد وزير أو مسئول لا يصلح لموقعه بأى حال ولا تتفق امكانياته مع الموقع الذى يتبوأه ولكن هناك من الجوقة المحيطة التى تنافق هذا المسئول ومنهم من كان ينافق المسئول السابق له للتسلق والحصول على مكاسب خاصة بغض النظر عن نجاح المنظومة من عدمه وبعيدا عن محاولته تصحيح المسار أو إسداء النصح لتعديل الاوضاع الخاطئة فى الوزارة أو المؤسسة.

وعندما نتحدث عن جهود الرئيس عبد الفتاح السيسى الدائمة والمستميتة فى محاربة الفساد وتعديل مسار الحياة فى مصر إلى الافضل ، فأن أحد أهم سبل مقاومة الفساد هى حسن الاختيار للوزراء والمسئولين فى مواقعهم حتى نبتعد تماما عن فيروس الفساد ونقضى على اوبئة النفاق والتسلق والتلون الفتاكة التى تنخر فى عظام الوطن.

يا سادة مصر تحتاج إلى تصحيح مسار اخلاقى لمجتمع عانى طويلا من عدة آفات اخلاقية دمرت البنية التحتية فى سلوك بعض المواطنين وكانت امامهم نماذج وامثله نجحت بالنفاق والتلون فاستسهلوا هذا الطريق للوصول إلى غايتهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى