مصر تحقق فرص استثمارية وتجارية واعدة على خريطة مبادرة الحزام والطريق

انطلاقة جديدة وفرص واعدة يتيحهما انضمام مصر قبل ٣ سنوات لمبادرة ” الحزام والطريق ” الصينية ، وأصقلتهما مشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسى الحالية على رأس وفد وزاري فى فعاليات المنتدى التي حمل ذات العنوان ، ليؤكد أن مبادرة الحزام والطريق تحولت من اقتراح صيني إلى توافق عالمي ، دعمه امتلاك بكين أكبر ثاني اقتصاد في العالم ، وكونها واحدة من أهم رواد المجال الإلكتروني والتطور التكنولوجي ، لذلك فقد أصبح منتدى “الحزام والطريق” للتعاون الدولي ، منصة مهمة لجميع الدول والمنظمات المشاركة فيه، لتعميق التبادلات وتعزيز الثقة والحفاظ على اتصالات وثيقة.
الحزام والطريق ، الذي يربط بين قارات ثلاث ( إفريقيا وآسيا وأوروبا ) ، ويغطى ٦٨ دولة بما يوازى ٦٥ فى المائة من سكان العالم ، وضع قناة السويس ضمن أهم المحاور التي ترتكز عليها المبادرة التي دشنها الرئيس الصيني شى جين بينج فى عام ٢٠١٣ ، مستهدفا بناء مجتمع ذي مصير مشترك للبشرية، وتحقيق مبدأ النمو المتبادل من خلال المشاركة والتعاون، والإسهام في دفع إصلاح نظام الحوكمة الدولية والعولمة الاقتصادية٠
«الحزام والطريق» يعزز دور محور قناة السويس كمركز لوجستي
تحولت المبادرة بعد ست سنوات من تدشينها إلى منتج عام يرحب المجتمع الدولي به على نطاق واسع ، ومشاركة مصر فيها يجعلها مركزا استراتيجيا واقتصاديا عربيا وعالميا هاما ، ويجعل القاهرة معبرا تجاريا بين بكين والعالم ، ويزيد إيرادات المرور من قناة السويس التي ستكون محطة رئيسية فيها ، ومعبرا لحركة التجارة من الصين لمختلف دول العالم ، مما يعزز دور محور قناة السويس كمركز لوجستي للسفن والبضائع.
لم تتوان مصر عن اللحاق بتلك المبادرة الهادفة للتنمية السلمية والتعاون الاقتصادي ، كما لم تتوان عن مشاركة رفيعة المستوى في فعاليات المنتدى الذي استمرت مناقشاته على مدى ثلاثة أيام ، مستعرضا تقدم المبادرة وإسهاماتها وآفاقها ، باعتبارها عملية تنمية منفتحة وشاملة ومشتركة ، حيث لا يفرق الاشتراك فيها بين الدول وفقا لأيديولوجيتها .
فالصين تدعم من خلالها التعاون بين المؤسسات المالية المحلية والدولية لتوفير المساعدات المالية المتنوعة والمستدامة للمشروعات، وتشجع على تعزيز فرص التمويل بالتوازي مع احترام الأولويات الوطنية والقوانين والقواعد التنظيمية والالتزامات الدولية، وبما يتفق مع مبادئ الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن استدامة الدين.
شارك فى المنتدى قادة ٣٧ دولة من الدول الأعضاء فى المبادرة ، إلى جانب ممثلين عن فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة وإسبانيا واليابان وكوريا الجنوبية والاتحاد الأوروبي، و الأمين العام للأمم المتحدة والمديرة العامة لصندوق النقد الدولي ، فيما أوفدت الولايات المتحدة ممثلين من المستويات الدنيا، مما يعكس رؤيتها غير المتحمسة للمبادرة٠
الـدول المشاركة ال٣٧ هي النمسا وأذربيجان وبيلاروسيا وبروناي وكمبوديا وشيلي وقبرص وجمهورية التشيك وجيبوتي ومصر وإثيوبيا واليونان والمجر وإندونيسيا وإيطاليا وقازاقستان وكينيا وقرغيزستان ولاوس وماليزيا ومنغوليا وموزمبيق وميانمار ونيبال وباكستان وبابوا نيو غينيا والفلبين والبرتغال وروسيا وصربيا وسنغافورة وسويسرا وطاجيكستان وتايلاند والإمارات العربية المتحدة وأوزبكستان وفيتنام.
اجتماع 37 من قادة دول العالم في بكين على مدى ٣ أيام في “منتدى الحزام والطريق” ، سمح لهم وللوفود المشاركة بتبادل الرؤى ووجهات النظر حول المشروعات المرشحة للتعاون تحت مظلة تلك المبادرة ، وتخلله توقيع اتفاقات وتخصيص اعتمادات لتمويل مشروعات تحترم أهداف الدين العالمي وتشجع النمو الأخضر والتنمية الخضراء ، وكذلك تشجع تنمية التمويل الأخضر بما يشمل طرح سندات خضراء وتنمية التكنولوجيا الخضراء ( صديقة البيئة ).
وأكدت مناقشات المنتدى حدوث تقدم قوي في تعزيز التجارة دون عوائق بين الدول والمناطق المشاركة في مبادرة الحزام والطريق، حيث أسهمت المبادرة في تحرير التجارة والاستثمارات ، كما ساهمت في تيسيرها في الدول والمناطق المشاركة، وخفضت تكاليف التجارة والأعمال التجارية، وأطلقت إمكانات النمو، مما مكن المشاركين من المشاركة على نطاق أوسع وأعمق في عولمة الاقتصاد٠
وكشفت المناقشات عن أن الجهود التي استثمرت في المبادرة ، أدت إلى تحرير وتسهيل التجارة والاستثمار بين الدول والمناطق المشاركة في المبادرة ، وخفضت تكاليف التجارة والأعمال ، وأطلقت إمكانات النمو ، ومكنت الدول المشاركة في التعامل مع عولمة اقتصادية أوسع وأعمق.
لقد استطاعت الحكومة الصينية من خلال تبنيها لمبادرة الحزام والطريق تحقيق أغلب أهدافها التنموية في زمن قياسي ، مما جعلها لاعبا أساسيا على الساحة الإستراتيجية والمسرح الدولي ، فبكين مورد أساسي لأسواق استراتيجية في آسيا وإفريقيا والشرق الأوسط ، وهى شريك تجاري لعشرين دولة من دول منظمة التعاون الإسلامي ، وقد وقعت وطورت اتفاقيات للتجارة الحرة مع رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، وسنغافورة وباكستان وجورجيا ودول ومناطق أخرى، ووقعت اتفاقية تعاون اقتصادي وتجاري مع الاتحاد الاقتصادي الأوراسي.
كانت 17 دولة عربية وقعت على وثائق للتعاون الاقتصادي لبلادها ضمن “مبادرة الحزام والطريق” ، وذلك خلال انعقاد الدورة الثانية لـلمنتدى الصيني – العربي التي استمرت فعالياتها على مدى يومي 15 و16 أبريل الحالي في مدينة شنغهاي شرق الصين، تحت شعار “الإصلاح والتنمية “، وقد أنشأت الصين حتى الآن شراكات استراتيجية، وشراكات استراتيجية شاملة مع 12 دولة عربية.
تهدف المبادرة فى محورها الجيوديسي إلى إحياء طرق التجارة القديمة البرية والبحرية //المسارين البري (الحزام) والبحري (الطريق)//، مستهدفة كتلة بشرية هائلة، ويمر المسار البحري من (قناة السويس والبحر الأحمر)، حيث تشير بعض الخرائط التفصيلية إلى أن ميناء السويس المصري سيكون أحد المرافئ الهامة ضمن المسار ، وتشير الخطط الأولية للمبادرة إلى إن الخطوط التي تم تبنيها وهي ستة خطوط، يمر نصفها أو ينتهي على ضفاف المتوسط.
شينخوا: مستقبل مشرق لمبادرة الحزام والطريق بفضل طموح الصين ورؤية مصر الثاقبة
ذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) أن تأكيد الرئيس عبد الفتاح السيسي أن مصر كانت أول دولة عربية أقامت علاقات دبلوماسية مع الصين خلال لقائه الرئيس الصيني “شي جين بينج” يوم /الخميس/ الماضي، لا يعكس قرارا تاريخيا صائبا فحسب، بل يجسد أيضا رؤية استراتيجية ثاقبة.
وأضافت الوكالة – في تقرير اليوم /الأحد/ بمناسبة حضور الرئيس السيسي الدورة الثانية لمنتدى (الحزام والطريق للتعاون الدولي) في بكين الذي انعقد خلال الفترة من 25 حتى 27 أبريل الجاري – أن مصر هي أول دولة عربية وأفريقية أقامت علاقات دبلوماسية مع الصين عام 1956، كما سبقت بالفعل أيضا الدول العربية والأفريقية الأخرى لإقامة علاقات التعاون الاستراتيجي مع الصين في عام 1999، الأمر الذي يبرز الذكاء السياسي والرؤى بعيدة المدى للبلدين.
وتابعت: إنه بعدما طرحت الصين مبادرة (الحزام والطريق) عام 2013، سرعان ما ارتقت الصين ومصر بعلاقاتهما إلى شراكة استراتيجية شاملة في ديسمبر 2014 خلال زيارة دولة قام بها الرئيس السيسي للصين، وبذلك أصبحت مصر ثاني دولة عربية تقيم علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة مع الصين.
وأردفت: منذ ذلك الوقت، دشنت الصين ومصر فصلا ذهبيا جديدا في ضوء البناء المشترك للحزام والطريق، لاسيما وأن مصر أصبحت واحدة من طليعة الدول المشاركة في بناء الحزام والطريق مع الجانب الصيني. وعندما طرحت الصين مبادرة (الحزام والطريق)، التي تمثل طموحا صينيا تاريخيا يهدف إلى تعزيز ترابط شبكات البنية التحتية، وتيسير الاستثمار والتجارة في شتى أرجاء العالم على أساس التشاور الشامل والبناء المشترك والنفع المتبادل، كانت مصر صاحبة الرؤية بعيدة المدى على دراية تامة بالفرص الضخمة الناتجة عن المبادرة.
وأشارت الوكالة الإخبارية إلى أن “حرص مصر على بناء (الحزام والطريق) لم يكن حبرا على ورق، بل سعت لتحويل الأقوال إلى أفعال على أرض الواقع”، حيث تعد مصر واحدة من الدول الـ57 المؤسسة للبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية والذي يقدم دعما ماليا ضخما لبناء (الحزام والطريق)، فيما تتعاظم أهمية مشاركة مصر في تأسيس هذا البنك مع معرفة أن الدول الـ57 تضم بلدين أفريقيين فقط هما مصر وجنوب أفريقيا.
ولفتت الوكالة إلى أن الصين ومصر وقعتا مذكرة تفاهم بشأن بناء (الحزام والطريق) في يناير 2016 خلال زيارة دولة قام بها الرئيس الصيني لمصر، كما تم توقيع عدة اتفاقيات للتعاون الثنائي تتضمن مجالات البنية التحتية والكهرباء والمالية والثقافة وغيرها.
ونوهت الوكالة الصينية إلى أن الجهود الصينية المصرية أثمرت نتائج إيجابية عديدة بشأن البناء المشترك للحزام والطريق، حيث حققت منطقة السويس للتعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين ومصر ثمارا متزايدة باحتضانها 77 شركة باستثمار فعلي يتجاوز مقداره مليار دولار مع قيمة مبيعات تجاوزت مليار دولار حتى نهاية 2018. كما وفرت المنطقة التي تنشئها شركة (تيدا) الصينية 3500 فرصة عمل مباشرة ونحو 30 ألف فرصة عمل غير مباشرة للمصريين فضلا عن تحقيق إيرادات ضريبية بقيمة مليار جنيه مصري.
وأصبح من الواضح – وفقا للوكالة – أن مبادرة (الحزام والطريق) فتحت فضاء رحبا للتعاون الصيني المصري، حيث وقعت الدولتان اتفاقية حول بناء أكبر مشروع عالمي لتوليد الكهرباء بالفحم النظيف في مصر بالعام 2018، إضافة إلى الدور المميز الذي تلعبه الشركات الصينية في مشروعات الرئيسية للبنية التحتية بمصر وبناء العاصمة الإدارية الجديدة، ما يرمز إلى الثقة المتبادلة بين البلدين.
واستطردت الوكالة “في الوقت الذي تضفي فيه المشروعات الكبرى بعدا مهما على التعاون الصيني المصري، يحظى التعاون الثنائي بدعم فكري مهم، حيث تأسس مركز دراسات وأبحاث طريق الحرير بالتعاون بين جامعة الشعب الصينية وجامعة عين شمس، والذي يعد أول مركز لدراسة (الحزام والطريق) في مصر”.
ولا يخفى على أحد أن الصين ومصر – والحديث لـ(شينخوا) – شريكان وثيقان وستسطران صفحة أجمل في بناء (الحزام والطريق)، لاسيما وأن التصريحات الأخيرة لزعيمي الدولتين قدمت أقوى تفسير وأفضل دليل على ذلك، حيث قال الرئيس الصيني شي جين بينج إن حضور الرئيس السيسي لمنتدى (الحزام والطريق) الثاني للتعاون الدولي يعكس مشاركة مصر بإخلاص في مبادرة (الحزام والطريق).
«السيسي»: مصر ترغب في الاستفادة من خبرة الصين الناجحة في التنمية
قال الرئيس السيسي إن مصر ترغب في الاستفادة من خبرة الصين الناجحة في التنمية، ومواءمة خطة التنمية بها مع مبادرة (الحزام والطريق)، وتعميق التعاون الثنائي في نطاق واسع من المجالات.
كما أكد الرئيس السيسي -في كلمته خلال مراسم افتتاح المنتدى- أن حرصه على المشاركة في المنتدى ينبع من اهتمام مصر بمبادرة (الحزام والطريق)، حيث تتناول المبادرة قطاعات ومجالات حيوية ذات أولوية بالنسبة لمصر في إطار رؤية مصر 2030.
الأمر الآخر اللافت للنظر – وفقا للوكالة الصينية – أن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي للصين هي السادسة خلال خمس سنوات، ما يدل على الجهد الحثيث للرئيس السيسي والدبلوماسية العملية لمصر، حيث سرعان ما أصبح السيسي صديقا قديما للشعب الصيني في وقت قصير كونه يسعى إلى خلق مستقبل جديد وأفضل لمصر.
ولا شك أن الجهود الدؤوبة للجانبين الصيني والمصري في إطار البناء المشترك للحزام والطريق ستقوي التقارب والتفاهم والمنفعة المتبادلة للدولتين المنفتحتين والمحبتين للسلام.