مؤرخ بريطاني: سياسة أوباما الخارجية ليست “مثالية” كما يظن معظم الأمريكيين

أ ش أ
ورصد في مقال نشرته صحيفة (لوس أنجلوس تايمز) استمرار اقتناع معظم الأمريكيين أن أوباما “مثالي” على صعيد السياسة الخارجية؛ وقال فرجسون إنه يكفي إعادة الاستماع لخطاب أوباما الأخير أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، للتدليل على ذلك، حيث قال أوباما إنه يفضل العمل مع أمم أخرى تحت غطاء من المعايير والمبادئ والقوانين الدولية، وأنه يفضل تسوية النزاعات عبر القانون الدولي، وليس قانون القوة.
وعلى الرغم من انتقاد أوباما في خطابه لكل من روسيا وإيران على تحركاتهما في سوريا، إلا أنه وجه إليهما دعوة إلى العمل معه لتسوية النزاع هنالك إذْ أن “الواقعية” تؤكد أن ثمة حاجة إلى تسوية لإنهاء الاقتتال الدائر والقضاء على تنظيم داعش الإرهابي.
وانتزع فرجسون كلمة “الواقعية” من خطاب أوباما، وتساءل إنْ لم تكن هذه الواقعية هي أساس النهج الصعب المراس – فضلا عن وصفه باللاأخلاقي – على صعيد السياسة الخارجية لوزير الخارجية الأسبق هنري كيسنجر؟
ونوه فرجسون عن حُكْم بعض الباحثين على كيسنجر بأنه “أستاذ الواقعية السياسية الكبير” الذي لا يعرف الرحمة، مستندين في حكمهم هذا على أن كيسنجر كان متورطا في قتل مدنيين خلال قصْف كمبوديا وفيتنام ، كما فشل في الحيلولة دون وقوع مذابح في بنجلاديش وتيمور الشرقية ، فضلا عن أنه كان متهما بالتنصت والتجسس على زملائه.
وأكد فرجسون أن التاريخ لا يعرف التطابق بين حالتين، وأن الحرب الباردة انتهت، وأن التكنولوجيا هذه الأيام متطورة بشكل كبير أكثر من التكنولوجيا التي سادت في حقبة السبعينيات من القرن المنصرم.. إلا أن سِجِلّ الرئيس أوباما يغري بمحاكمته بحثيا على غرار محاكمة كيسنجر المشار إليها.
واضطلع فرجسون بهذا الدور، بادئا محاكمة أوباما بالحديث عن حماس إدارة الأخير لاستخدام الطائرات بدون طيار، وتحوّل هذه الإدارة من مكافحة حركات التمرد إلى مكافحة الإرهاب.
وبحسب إحصائيات رسمية أمريكية ، فإن غارات الطائرات بدون طيار في ظل إدارة أوباما قد قتلت 570ر3 إلى 763ر5 شخص في باكستان واليمن والصومال وأفغانستان ، بينهم 400 إلى 912 مدنيا و82 طفلا على الأقل.. هذه الأرقام هي حصيلة غارات الطائرات بدون طيار فقط فيما يُعدّ قصف مستشفى أفغاني تديره منظمة أطباء بلا حدود في الثالث من أكتوبر الجاري دليلا جديدا على ضلوع طيارين أمريكيين في قتل مدنيين ، ليس فقط في أفغانستان وإنما أيضا في العراق وسوريا.
وتشير إحدى الإحصائيات إلى أن عدد الضحايا المدنيين جراء القصف الأمريكي لتنظيم داعش بلغ نحو 450 شخصا مدنيا،
وعلى الرغم من ذلك، وحتى في حال سقوط مواطنين أمريكيين جراء القصف بالطائرات بدون طيار ، إلا أن إدارة أوباما تصرّ على قانونية تحركاتها.
ولفت فرجسون إلى تحميل الباحثين كيسنجر المسؤولية في سقوط ضحايا كنتيجة غير مباشرة للسياسة الأمريكية في عهده ، وتساءل عمن يتحمل مسؤولية عدد من سقطوا كنتيجة غير مباشرة لسياسة أوباما في الشرق الأوسط ، حيث ساعد في الإطاحة بديكتاتور في ليبيا فيما فشل في نفس المهمة في سوريا؟ ، وأشار إلى اختلاف التقديرات ، لكن المرصد السوري لحقوق الإنسان يقول إن عدد من سقطوا في الحرب الأهلية السورية هو قرابة 330 ألفا بينهم نحو 112 ألفا من المدنيين.
أما على صعيد التجسس ، فقد رأى فرجسون أنه لا وجه للمقارنة بين كيسنجر وأوباما على هذا الصعيد؛ فالإحصائيات تشير إلى أن كيسنجر تجسس على 13 مسؤولا حكوميا وأربعة مراسلين فقط ، أما أوباما فإنه وبحسب ما كشفت عنه تسريبات إدوارد سنودن موظف وكالة المخابرات المركزية الأمريكية السابق فإن أوباما تجسس على نحو 120 مليون شخص ، فضلا عن محتوى البريد الإلكتروني والرسائل الصوتية والنصية ومكالمات الفيديو لعدد غير معروف على وجه الدقة من الأمريكيين والأجانب المقيمين في أمريكا.
واختتم فرجسون محاكمته البحثية بالقول إنه لا يجب الكيل بمكيالين عند النظر في السياسات الخارجية للرئيس أوباما وكيسنجر الحاصلَين على جائزة نوبل للسلام ، وإذا صدر حكمٌ بعدم أحقية كيسنجر لتلك الجائزة فإن هذا الحكم يجب أن يشمل أوباما أيضا.