آراءشويّة دردشة

كن من الغرباء | بقلم د. ايات الحداد

في مرحلة ما في حياة كلًا منّا نصل فيها للصدمة والخوف من كل شيء ومن اي شيء ، أي مرحلة عدم فهمك لبعض أمور الحياة  والاشخاص، عدم استطاعتك التمييز ما بين الحق والباطل،ترى من يتحلى بصفات سيئة كالكدب والغش والخيانة هو من يربح ويصل لمراده ! ومن يتحلى بالصدق تتعرقل امور حياته بسبب صدقه!وتسأل نفسك دومًا هل أكون مثل هؤلاء أم هؤلاء!؟ ولكن أؤكد لك ليس من قبيل التهدئة او مجرد كلام، بل تأكيدي مبني على الواقع وعلى الثقة في الله، وعلى بعض الاحداث التي شاهدها الجميع سواء أكانت احداث سياسية ام اجتماعية ام تاريخية،ان الحق بيظهر وان الخير بينتصر وان طيلة فترة انتظار الحق والخير ونصرة المظلوم كانت خير وكان لابد أن تطوّل لأنها فترة يغرق الظالم في ظلمه او فترة يرجع فيها عن ظلمه قبل ما يأذن الله بالعقاب .

في تلك المرحلة ستتعلم ان لا تلجأ الا لله ولا تعتمد غير على الله ولا تستعين الا بالله ولا تتوكل الا على الله ، ستجد متعة في ذلك ستجد انك تتعامل مع الله كأنك تراه وتشاهده وتعرفه، ستشعر وانت تشكو له بأنك تشكو شخص تراه ويراك ، تسمعه ويسمعك، واثق انه لن يخذلك ، حتى لو ظنيت انه خذلك في البداية .

ستشعر في تلك المرحلة بالقوة ، ولا أقصد قوة جسد او قوة عضلات او قوة التي بها شر، بل اقصد قوة من الله، بأنك لا تخشى غير الله، ولا تخاف من اي شيء او اي شخص في الدنيا غير الله، ستشعر بأنك تغيرت كليًا للأفضل، ستشعر انك قادر ومستعد لمواجهة الحياة والمستقبل باحداثه وناسه، لا تشعر بالسعادة مع اي شخص بل هناك أشخاص معينة تشعر معهم بالسعادة وما يهم في تلك الاشخاص هو الروح والقلب وليس غيره، ستُسعدك الاشياء البسيطة المعنوية أكثر من المادية، ستبتعد عن كل من يجلب لك الحزن والضيق حتى ولو كانوا اقرب الناس لك، ستتغير كليًا ولكن للأفضل .

قال النبي صلى الله عليه وسلم:” إن الإسلام بدأ غريبًا وسيعود غريبًا فطوبى للغرباء، قيل: ومن هم؟ قال: الذين يصلحون إذا فسد الناس “،وقال أيضًا “من أشراط الساعة أن يظهر الجهل ويقلّ العلم”.

البعض اليوم تَبِعوا الغرب في أزيائهم  وعاداتهم وتقاليدهم حتى لو مخالفة لمجتمعاتنا، اي يفعلون ما يفعلوه الغرب ويشعرون بالتحضُر فأقتبسنا منهم الزي والعادات السيئة ! ويبدأ البعض بالتباهي بالمعصية جهرًا!فيشعر المُلتزم بدين الله وسنة رسوله بأنه غريب في هذا المجتمع كالسائح في بلد غير وطنه! فإنَّ رأيتَ مجتمعاً كهذا  وأنتَ غريبٌ عنه  لا ترضى به ، فهذه بِشارةٌ طيبةٌ على أنك من الغرباء الذين قال عنهم رسول الله .

فهؤلاء الغرباء يزيدون إذا نَقَصَ الناس ؟ اي إذا قلَّ أهلُ الخير زادَ خيرهم ، وإذا قلَّ أهل المعروف زادَ معروفهم ، وإذا قلَّ أهلُ الورع زادَ ورعهم ، وإذا قلَّ أهلُ الالتزام زادَ التزامهم ، الذين يزيدون في المعروف ، وفي الورع ، وفي الطاعة ، وفي القربات ، وفي البذل ، وفي التضحية إذا نَقَصَ الناس . 

فإذا الإنسان استقام أهله أقرب الناس إليه يرفضونه زوجته أحياناً ترفضه، وأكبر مثال على ذلك امرأة لوط، وايضًا ابن نوح،امرأة فرعون،سيدنا إبراهيم وأبيه وعم الرسول، شريكه لا يرضى ويفُض الشراكة،أصدقائه ينفرون منه إذا لم يتبعهم أي إذا دعوه لشُرب الخمر ورفض نبذوه ،إذا دعوه لإرتكاب المعاصي ورفض انقلبوا عليه، وكذلك المرأة إذا لم تُخلع الحجاب ولم تتبع أصدقائها في أقوالهم وأفعالهم وعاداتهم وتنجرف معهم في المعاصي ابتعدوا عنها، فأحيانًا بُعد الناس عنك رحمة لك وحب من الله لك،  فالغُربة نِعمة وليست نِقمة، إذا كنتَ غريباً، فهذه بِشارةٌ من رسول الله صلى الله عليه وسلم .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى