شمال سيناء.. من التحديات الامنية إلى أفق التنمية الشاملة| بقلم اللواء محمد عبد العظيم كيوان

لطالما كانت محافظة شمال سيناء (أرض الفيروز) وبوابة مصر الشرقية نقطة تقاطع للتاريخ والصراع وبعد سنوات من التحديات الأمنية المعقدة تشهد المحافظة اليوم مرحلة تحول شاملة مدفوعة باستراتيجية قومية تهدف إلى دمج سيناء بالكامل في نسيج الدولة المصرية اقتصادياً وعمرانياً والسؤال المطروح الآن ليس فقط.. ماذا يحدث ؟ بل الأهم شمال سيناء إلى أين تتجه ؟.
مشاريع التنمية والبنية التحتية هي حجر الزاوية في استراتيجية التنمية بسيناء لكسر العزلة الجغرافية التي عانت منها المحافظة و شهدت سيناء إنشاء وتطوير شبكة ضخمة من الأنفاق والكباري العابرة لقناة السويس (مثل نفق الشهيد أحمد حمدي و30 يونيو وأنفاق بورسعيد) هذه المشاريع لا تضمن فقط سهولة حركة الأفراد والبضائع بل تحول سيناء من مجرد أرض حدودية إلى عمق استراتيجي ورافد اقتصادي للوادي.. ويجري حاليا تطوير ميناء العريش بشكل مكثف ليصبح ميناءً محورياً متعدد الأغراض يخدم حركة التجارة الدولية في شرق المتوسط ويدعم المشاريع اللوجستية في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس.
ويتم التركيز على إعادة الإعمار والتطوير الحضري لمدن مثل رفح والشيخ زويد والعريش مع إنشاء تجمعات سكنية جديدة لتوطين السكان وزيادة الكثافة السكانية في مناطق كانت تعاني من ضعف الخدمات وتسعى الحكومة لتحويل شمال سيناء إلى سلة غذاء إقليمية مستغلة مواردها الطبيعية.
كما تم التركيز تجاه مشاريع الاستصلاح الكبرى وخاصة في نطاق ترعة السلام إلى زيادة الرقعة الزراعية المعتمدة على مياه النيل المعالجة والتركيز على محاصيل ذات قيمة اقتصادية عالية مثل الزيتون والنخيل والفاكهة.
ومن ناحية اخرى تم التركيز على تطوير بحيرة البردويل التي تعد من أنقى مصادر الأسماك عالية الجودة في مصر من خلال تطهير البواغيز (الممرات المائية) وضمان استدامة الثروة السمكية.
وتحوى ارض سيناء على كميات كبيرة من الغاز الطبيعي والمعادن ومن المرجح أن تلعب هذه القطاعات دوراً متزايداً في اقتصاد البلاد خلال الفترة القادمة.
وبالرغم من هذا الزخم التنموي لا تزال هناك تحديات يجب معالجتها لضمان نجاح المسار… فمن الناحية السياحية يحتاج قطاع السياحة بما في ذلك السياحة البيئية والتاريخية (آثار تل الفرما) إلى استعادة عافيته بشكل كامل بعد تأثره بالظروف الأمنية…ومن الناحية الاقتصادية فان الامور تتطلب ضرورة تمكين القبائل البدوية من الاندماج الكامل في المشاريع الاقتصادية الجديدة والاستفادة من عوائد التنمية لضمان الشعور بالملكية والشراكة في مستقبل سيناء.. فضلا عن ان نجاح التنمية يرتبط بشكل اساسى على قدرة المشاريع الجارى تنفيذها على جذب كثافة سكانية من الوادي والدلتا وتوفير فرص عمل مستدامة.
إن الاتجاه الذي تسلكه شمال سيناء اليوم بوضوح نحو الاندماج الاقتصادي والعمراني الكامل مع باقي الجمهورية ولقد أثبتت الدولة المصرية التزامها بتسخير موارد هائلة لتأمين وتنمية هذه البقعة الاستراتيجية.
ولذا فان المستقبل الواعد لشمال سيناء يرتكز على تحويلها من منطقة تحديات إلى مركز لوجستي وزراعي وسياحي جديد يسهم بفاعلية في الاقتصاد القومي ويحقق حلم توطين نحو مايقرب من ثمانية مليون مصري على أرضها المباركة وعلى الرغم من طول الطريق التى تتخذه الدولة للوصول الى اهدافها.. الا ان الخطوات الاولى المتخذة ثابتة ومدروسة للوصول للهدف المنشود وقد أثبتت الدولة المصرية التزامها بتسخير موارد هائلة لتأمين وتنمية هذه البقعة الاستراتيجية.





