شويّة دردشة

الموسيقى فى مصر وحوض النيل .. بقلم ناصر النوبي

13819677_10153846539927887_999642035_n

الموسيقى فى مصر

وحوض النيل والقرن الافريقى وافريقيا

البقاء دائما فى التاريخ لمن يؤسس للحب والسلام والمعرفة وهذا الدور قامت به الموسيقى والفنون منذ فجر التاريخ وان الفنون هى التى ترتقى بالوجود وترتقى باخلاق المحبة وتعلم الصغير قبل الكبير لان بناء الوجدان هو الذى يؤسس لاستمرار الوئام بعيدا عن اى اختلافات فى اللون اوالشكل او اللغة

الموسيقى هى التى ترتقى بالشعوب وهذا من الادوار الازلية التى قام بها الانسان الاول قديما وحتى هذة اللحظة يستطيع ان يقوم بنفس الدور ليس فقط لافريقيا بل للعالم اجمع.

افريقيا شاسعة المساحة الجغرافية ومتعددة الثقافات والأعراق وتتنوع فيها المناخات والبيئات مما أكسبها تفرداً وتميزاً بين قارات العالم.، ففي أقاليمها المختلفة
شرقا
وغربا

شمالا
جنوبا
ووسط
تسكن مجموعات كبيرة من الأهالي والمواطنين الذين ينتظمون للعيش في جماعات وقبائل شديدة التنوع فى الثقافة والاعراق.

كما أن موقع  القارة الإفريقية، جعلها معبراً مهماً ورابطاً حيوياً ومدخلاً للعالم يطل علي شعوب العالم وقارة تربط العالم شرقا وغربا وشمالا وجنوبا.

يعتبر الثراث الشعبي عامة والتراث الموسيقي خاصة من المعالم الرئيسية في حياة الشعوب، حيث ظل في افريقيا يعكس صورة حقيقية وصادقة للخبرات والتجارب والمعارف التي مرت بها القارة السمراء، إضافة إلي كونه تعبير فعلي عن الأحاسيس والمشاعر اللتين يقود توحدهما إلي الترابط القوي والشعور الأصيل بالوطن والمواطنة، فالأغاني والموسيقى هي أحدي أهم وأقوى الوسائل التعبيرية والأدوات الحقيقية التي ترصد وتوضح وتؤرخ بصدق عادات وتقاليد وحكم وأمثال وفنون قارة افريقيا.

وفي مرحلة متقدمة تصبح الأغاني والموسيقى دعامة لاستلهام ووضع الكثير من الخطط والبرامج المتعلقة بالمستقبل الفني والثقافي القائم علي الأصالة والمرتبط بالمعاصرة مع الحفاظ علي الهوية و الطابع القومي المتميز لشعوب لقارة افريقيا، وهو أمر ساهم بقوة في إرساء قواعد وسيادة الثقافة الغنائية بالمقارنة بالثقافة الموسيقية المرتبطة بالموسيقي المجردة التي لا تصحبها كلمات أو نصوص أدبية بعينها.

تمارس في افريقيا  عدة أنواع من الموسيقي فمنها علي سبيل المثال ما يرتبط بالتراث الشعبي وآخر يرتبط بالحضارة المدنية ومتأثر بمتغيرات ومستجدات التطور ولكل عناصره وقواعده

أما الموسيقي التراثية أو الشعبية فهي ترتبط بالثقافة السائدة بكل دولة وبكل اقليم من اقاليم ٥٤ .. فهو متعددة الروافد والجذور والاعراق!

فدول واقاليم  افريقيا  متنوعة اللغة والثقافة فمنها ما تتحدث اللغة العربية مثل مصر والسودان تونس والجزائر والمغرب وليبيا ومورتانيا والصومال وبعض دول القرن الافريقى ولذا فلها طبيعتها الخاصة جدا التى تؤكد على عمق الاواصر الفنية والموسيقية والحضارية؛ كما ان باقى دول افريقيا لها لغات مختلفة منها اللغة المحلية الخاصة بها اضافة الى اللغات التى اكتسبتها منذ اواخر القرن السابع عشر وبداية القرن الثامن عشر وهى اللغات
الانجليزية
والفرنسية
والبرتغالية
والايطالية
والاسبانية
مما افرز لها بعد دوليا وامتزاج قام باثراء اللغات المحلية والثقافة الشعبية السائدة بها … مما يجعل التقارب والامتزاج لتلك الموسيقى والاغانى والفنون الخاصة بكل دولة وكل اقليم بمثابة فتح يعيد لافريقيا ودول العالم فتحا جديدا لافاق كثيرة فى مجالات الابداع الفنى والغنائى والسينمائى وله عائد غير مباشر وقيمة مضافة على الاقتصاد الافريقى وتنمية تلك الشعوب التى عانت كثيرا من الانغلاق والتباعد الذى كان سببا فى جهل كلا منا بالاخر واحالت ظروف كثيرة جميعنا نعرفها للحيلولة دون قيام التواصل على الرغم ان الجغرافيا والانهار تربطنا جميعا بشرايين الحياة والمعرفة والفنون والموسيقى

الموسيقى تغمر الحياة بايقاع الحركة، وروح التفاؤل والأمل.

ولا يوجد انسان موسيقي وآخر فقير في استعداداته الفنية.

لأن الانسان يولد موسيقيا في البداية، ثم تتحول هذه الموسيقى الى طاقات مبدعة في مجالات متعددة للعلوم والفنون، لتثري أوجه الحياة المختلفة بالعمل المنوع.

ويظل مع ذلك موسيقيا في مشاعره ونبضه وحركته وايقاعه، حتى ولو تحول الى مفكر أو عالم أو عامل أو صانع.

لأن الانسان له قلب ينبض بايقاع دقيق، وأعضاء تتكامل في حركات ايقاعية متعددة ومتناسقة، مادام حيا.

كما أنه يتغنى بالحديث الجميل ذي النبرات الرنانة، والجمل المفيدة والمعلقة، والتعبير الحزين والمرح، والقوي والواهن، والمحب والمخيف. فاللغة موسيقى وايقاع، وهي تعبر عن أوركسترا الجسم البشري بكافة آلاته ونبضاته لقد اكتسب الانسان الأول هذه الحقيقة في نفسه وفي مجتمعه وبيئته.

فجعل من الموسيقى قوة هائلة تخفي وراءها أسرار الحياة التي يجهلها.

فهي تغمر عالم السحر والأساطير، وهي وسيلة للعبادة والتقرب الى الآلهة، وهي أيضا رموز للحرب والعمل والتضامن، والترفيه والحب والسلم، وهي كذلك نبض الرقص والحركة، وتعبير عن النمو والحصاد

وتطور الانسان وزادت مدنيته في بقاع معينة من العالم، بينما بقي الانسان الأول حتى يومنا هذا قريبا من الانسان الذي عاش فى العصور الحجرية الأولى، منحصرا في قبائل معينة في أواسط أفريقيا وفي أمريكا الجنوبية.

غير أنه بقي موسيقيا كما كان دائما ويظن الكثيرون أن هذه القبائل بعيدة عن فهم الموسيقى الحديثة المتطورة التي تعاقبت عليها العلوم الأوروبية، بعد أن صبت فيها الحضارات القديمة خلاصة تجاربها الرائدة وكانت التجربة .. وجاءت النتيجة مذهلة، فقد تذوق الانسان البدائي الموسيقى العالمية المتطورة التي يعجز عن تذوقها الكثير من المتعلمين، بل العلماء المعاصرين من استشفاف نقاط الجمال فيها.

فقد قامت جماعة من الباحثين في علوم الموسيقى بتكليف من منظمة اليونسكو العالمية، بعزف موسيقى بيتهوفن الرائعة، من تسجيلات موسيقية حديثة.

قاموا بعزفها لجماعة من سكان أمريكا الجنوبية المنتمين لاحدى القبائل البدائية التي لم تختلط بالانسان الحديث الغارق في المدنية.

وراقبوا جيدا مدى جدية هذا الانسان البدائي الأصيل، والقدر الذي انفعل به وهو يستمع الى هذا اللون الغريب عليه من الموسيقى.

كانوا يستمعون باحترام كبير للأصوات، وبتركيز يندر أن نشهده في أعرق قاعات الكونسير فى أوروبا وأمريكا.

وظهرت الانفعالات على وجوههم، وقد أصبحت ملامحهم أليفة مطمئنة متأثرة، هكذا وصل بيتهوفن الى رجال القبائل البدائية، لأنهم أقدر منا على استشفاف معاني الجمال .. ولأنهم لا يمتلكون من الحياة سوى مميزاتها البدائية الأصيلة، ولم تلوثهم المدنية بضجيجها غير الطبيعي المدمر .. كما لم يصبهم جنون العلم الذي يحشد المعلومات في العقول لينسي الانسان الصفاء والجمال، والارتباط بالطبيعة، والجذور البشرية، وليخرج عن ايقاع نفسه الانسانية الى ايقاع الآلة وموسيقى رنين المادة

ظهرت كتب عديدة في أوربا وأمريكا تبحث في أصالة الموسيقى البدائية، وذلك بعد أن اتجه أعظم المؤلفين الموسيقيين الى تمجيد الايقاع والألحان البسيطة.

فقد بنى ” سترافنسكى ” جزءا كبيرا من موسيقاه على ألحان الانسان البدائي، واستمد أفكاره ونظرياته وتحليله لموسيقى القبائل البدائية الافريقية والأمريكية.

وجاءت موسيقاه المتطورة مرتبطة بشكل جذري ووثيق بكل من العلم الموسيقى الموروث من حضارة الموسيقى الأوروبية، والوجدان والنبض الايقاعي النادر للانسان الأول الأصيل

وفي موسيقى الجاز، نجد التعبير التلقائي الارتجالي للزنوج الأمريكيين عن حنينهم الى الحرية، بعد أن سلبتهم مدنية الرجل الأبيض حرية الحركة فى مجتمع طبيعي أصيل، يشكلون لبنة طبيعية فيه.

ونجد الايقاعات المرتبطة بالرقص التلقائي المعبر عن كافة مشاعرهم وآمالهم وآلامهم، هذا بالطبع الى جانب ارتباطات هذا الفن بموسيقات أخرى.

وهذه الجذور البدائية هي التي شكلت روح ونبض الجاز. ولذلك فقد نجح وشاع هذا الفن ودخل الى كافة جوانب الموسيقى التي تمخضت عنها ذروة التقدم الموسيقي في الغرب والشرق وكان ذلك التقرب من الانسان الأول بفنونه الأصيلة، وسيلة للتجديد في فنون البشرية الحديثة، بعد أن تحكم العقل في وجدان البشر، وبعد أن استنفذ الانسان الفنان وسائل الابتكار والابداع والتجديد.

ان الحضارة البشرية موجات متلاحقة، فيها الارتفاع وفيها الانخفاض، فيها العودة الى القاع والصعود الى الذروة.

وكان لا بد للموسيقى الحديثة من العودة الى الجذور لتستلهم الطريق الى ما هو جديد، والبحث عن وسيلة لنجدة الانسان المعاصر من ضغط العلم والمدنية على ضميره وعقله، دون أن يجد فرصة ليلتقط أنفاسه، أو ليلتقي مع الطبيعة الأم

فحتى الطبيعة القريبة من المدنية قد شوهتها يد العمران والمدنية بالصقل والتهذيب، فهاجرت الطيور لتغني بعيدا في آفاق الحرية
والموسيقى

هى احد الانشطة الفريدة التى يمارسها الانسان فى اى زمان او اى مكان ومهما كانت بيئته او مستواه الاجتماعى والاقتصادى او الثقافى سواء كمستمع او مؤدى ممارس او هاويا او محترفا منفردا او مشاركا للاخرين لذلك فهى تمثل جزءا من حياته حتى مماته ويسعى لتحقيق ذلك مستخدما كل الوسائل المتاحة له وباساليب تختلف من ابسطها واسهلها وايسرها شكلا واداء الى اكثرها تطورا وتعقيدا .

والموسيقى هى امتداد الرغبة الانسانية الطبيعية والتلقائية فى التعبير عن ذاته وعن مشاعره واحاسيسه منذ ان اصبح واعيا وقادرا على ادراك ماحوله والاحساس بذاته وكيانه على الارض بين المخلوقات الاخرى متفاعلا مع من حوله ككائن خى مؤثر ومتأثر لذلك فالموسيقى تعتبر  اساسية قويا له القدرة على تحقيق التواصل والتفاهم بين الانسان وما حوله بالشكل الذى لا تستطيع الكلمات مهما كانت بليغة ودقيقة ومفهومة احيانا وهو يستخدم لذلك كل الوسائل التى يدركها لتحقيق مايريد اما بصوته الذى منحه الله له  بالغناء وتنغيمه حادا او غليظا او قويا او رقيقا ، كما يستخدم المواد الملائمة التى تقدمها له الطبيعة والبيئة المحيطة من ادوات مولده للصوت او مكبرة او اى وسيلة مثل
الطرق
النبر
الدق
الصفق
الاهتزاز
النفخ
الاحتكاك.

تنوع المقامات الموسيقية فى قارة افريقيا

تتنوع المقامات والقوالب الموسيقية بافريقيا ففى الدول الناطقة باللغة العربية من مصر حتى المغرب العربى نجد المقامات الشرقية السباعية مثل مقام الراست والبياتى ومقام عراق والصبا وراحة الارواح والعديد من المقامات الشرقية الاصيلة ونجد ايضا المقامات الخماسية التى تتميز بها اكثر  دول القارة السمراء وسوف اركز قليلا على المقام الخماسية والسداسية بقارة افريقيا بنوع من التفصيل
السلالم الخماسية:

من الاسم نستطيع أن نعرف بأن هذه السلالم تتكون من خمسة نوتات فقط وليس من سبعة نوتات كما عهدنا، ممكن لو كان لحنا مؤلفا من خمسة نوتات فقط تسميته بالسلم الخماسي لكن السلالم الخماسية يفهمها الأوروبيين على أن أي سلم فيه قفزة ثالثة صغيرة (تون ونصف) هو سلم خماسي، هذه السلالم لا تحوي على مسافة الثانية الصغيرة (نصف التون)، بمعنى أن أي نوتتين تشكلان بينهما مسافة نصف تون يتم القفز من إحداهما للتالية لكي يتم التخلص من نصف التون فيخلو السلم من أنصاف التونات وهذا السبب في كونها سلالم خماسية حيث أنه يتم حذف نوتتين من النوتات السبعة المكونة للسلم، مثلا:
دو ري مي صول لا دو، وممكن عمل عدة تشكيلات من هذه السلالم وكلها سلالم خماسية. (لو عزفت على الأصابع السوداء فقط في البيانو لحصلت على السلم الخماسي).

بقي أن ألفت النظر إلى أن السلالم الخماسية منتشرة في القارة السوداء أي أفريقيا حيث أن الجزء الأكبر من هذه القارة يستخدم السلالم الخماسية، لكن هذه السلالم غير مستخدمة في شمال أفريقيا أي في الدول العربية الواقعة على البحر الأبيض المتوسط وبعض الدول القليلة من القارة السوداء كذلك فالسلالم الخماسية منتشرة بكثرة في شرق آسيا مثل الصين واليابان وكوريا وغيرها الكثير.

لو أحصينا عدد سكان الدول التي تستخدم السلالم الخماسية لوجدنا أنهم ربما يشكلون نصف سكان الكرة الأرضية

طرق اشتقاق السلالم الخماسية:

ثلاثة طرق لاشتقاق السلالم الخماسية، هذه الطرق مشتقة من السلالم والكوردات.
السلم الخماسي الكبير:
وهو نفس السلم الكبير لكن رابعة السلم وسابعته مفقودتان.
مثلا، لو بنينا سلم خماسي على سلم دو كبير فستكون النوتات:
دو – ري – مي – صول – لا – دو
السلم الخماسي الصغير:
وهو نفس السلم الصغير (الطبيعي) لكن ثانية السلم وسادسته مفقودتان.
مثلا لو بنينا سلم خماسي على سلم دو الصغير فسيكون السلم:
دو – مي بيمول – فا – صول – سي بيمول – دو.
السلم الخامسي الدومينانت:
وهو مأخوذ من كورد الدومينانت بسابعته.

باختصار شديد (لأن الأمر متعلق بالكوردات والتي سيأتي شرحها لاحقا) فإن السلم هو نفسه السلم الكبير، لكن تستبدل الدرجة السادسة للسلم بالسابعة المخفضة:
مثلا لو بنينا سلم خماسي دومينانت على درجة دو سيكون السلم:
دو – ري – مي – صول – سي بيمول – دو.
هذا الشكل فيه السلالم بالطرق الثلاثة مبنية على أكثر من درجة، السلم الأخير مبني على درجة الدومينانت (الدرجة الخامسة) للسلم.
السلم السداسى
أن خاصية العلاقة بين النوتات مفقودة في هذا السلم فممكن اعتبار أي نوتة من نوتات السلم السداسي هي الدرجة الأولى للسلم.

ما معناه أن أي سلم سداسي سوف يبنى على نوتة أخرى غير نوتتي دو و دو دييز فسوف يكون نفس أحد هذين السلمين أعلاه
لو حاولنا بناء سلم سداسي على نوتات أخرى غير دو و دو دييز فممكن أن نحصل على أكثر من شكل كل شكل يعطي نفس السلم لكن بتسميات مختلفة، وذلك باستخدام خاصية النوتات المتعادلة أي “إنهارمونيك”، (نلاحظ أنه في السلم السداسي هناك دائما نوتة مفقودة من النوتات السبعة) هكذا.

انتقال المقام الخماسى الى امريكا

البلوز والجاز
انتقل المقام الخماسى من افريقيا الى امريكا مع القرن الخامس عشر الميلادى وتم استعماله فى موسيقى البلوز والجاز وفى اواخر القرن التاسع عشر امتد اثاره بشكل ملموس نحو موسيقى الايقاع الريتم اند بلوز والبوب والهارد روك والروك اند رول وينقسم السلم الخماسى المستعمل فى هذة الانماط الى مقام كبير ومقام صغير ويطلق على المقام الخماسى البنتاتونيك الذى يتكون من خمس نغمات او اصوات او نوتات مقارنة مع السلم الدياتونى السباعى النغمات
دو رى مى صول لا دو جواب فهو اصغر من السلم السباعى بدرجتين.

                                                                                                                   ناصر النوبي
                                                                                                             مؤسس فرقة الجميزة

IMG_20160720_170759

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى