ولد الهدي | بقلم د. روان عصام يوسف

وُلِـدَ الـهُـدى فَـالكائِناتُ ضِياءُ وَفَـمُ الـزَمـانِ تَـبَـسُّـمٌ وَثَناءُ .
عندما ولد رسولنا الكريم صلوات الله عليه كانت مكة في انتظار حدث جديد، وهذا الحدث كان له تأثير بالغ في حياة جميع الناس، وسيظل نور النبي صلى الله عليه وسلم يشرق في الأرض ويضيء القلوب إلى أن تقوم الساعة، حيث أن مولد الرسول صلى الله عليه وسلم هو أهم حدث على هذه الأرض منذ أن خلقها الله إلى أن يرثها تبارك وتعالى، ويحتفل المسلمون كل عام بهذا اليوم لقدوم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم به.
لقد ولد رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه في الثاني عشر من ربيع الأول وهو عام الفيل، ويكون من ضمن الاحتفال في هذا اليوم هو أن يقيم المسلمون جلسات لمدح النبي صلى الله عليه وسلم وتوزيع الزكاة، إضافةً إلى توزيع الأكل والشرب على المسلمين، ويذهب المقتدر إلى زيارة بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقضاء العمرة.
لقد ولد رسولنا الكريم صلوات الله تعالى عليه في عام الفيل، هذا العام الذي كان يرغب أبرهة في هدم الكعبة به عندما أحضر الفيلة لكي تقوم بهدم الكعبة، وأرسل له الله جلَّ وعلا طيرًا وقد جاء في كتاب الله تبارك وتعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ﴾ .
وعند مولد الرسول صلى الله عليه وسلم رميت الشياطين في السماء بالنجوم، وفزعت قريش عند رؤية هذا المنظر وكان يعتقدون أنه يوم القيامة، وجمع إبليس الشياطين وسألهم عن ما يحدث فأخبروه أنهم رموا بالشهب وأنهم منعوا من الصعود إلى السماء، فطلب منهم أن يسيروا في الدنيا ويعرفوا ما الذي حدث، ثم عادوا ولم يتوصلوا إلى شيء، فقالوا: لم نر شيئا، فقال: أنا لهذا، فخرق ما بين المشرق والمغرب فانتهى إلى الحرم فوجد الحرم محفوفا بالملائكة، فلما أراد أن يدخل صاح به جبرائيل فقال: اخسأ يا ملعون، فجاء من قبل حراء، فصار مثل اللذي صار قال: يا جبرائيل ما هذا؟ قال: هذا نبي قد ولد وهو خير الأنبياء، قال: هل لي فيه نصيب؟ قال: لا، قال: ففي أمته؟ قال: نعم، قال: قد رضيت.
وقد ذكر اليهودي يوسف أن في هذا اليوم سوف يولد النبي المنتظر، فقال له أهل مكة أنه ولد محمد بن عبد المطلب في هذا اليوم، فذهبوا معًا إلى باب آمنة فقالوا لها أخرجي أبنك لكي يراه، فكشف اليهودي على كتف محمد بن عبد المطلب فرأى شامة على كتفة ولما رائها سقط على الأرض، فضحكت عليه قريش فقال لهم: أتضحكون يا معشر قريش، هذا نبي السيف ليبرينكم، وقد ذهبت النبوة من بني إسرائيل إلى آخر الأبد.
سيظلّ يوم المولد النبوي الشريف، يوماً شاهداً على أعظم ذكرى في تاريخ الأمة الإسلامية، وهو يومٌ يمنحنا العبر والدروس، ويحيي فينا الشوق لنبيّنا وحبيبنا محمد، ويؤجّج القوة الإيمانية في نفوس المسلمين بأن يُحفّز على العبادة والصلاة والذكر والصلاة على صاحب الذكرى، بالإضافة إلى العمل بسنّة النبي والأحاديث النبويّة الشريفة.