
أكد الدكتور عباس شومان وكيل اﻷزهر السابق، أن واجب المصريين أن يصطفوا صفا واحدا خلف القيادة السياسية المصرية وخلف الجيش والشرطة، وأن يدعم المواطنون كل قرار تتخذه الدولة المصرية لحماية أمننا الصحى والقومى والمائى.
وقال شومان، فى خطبة الجمعة التى ألقاها اليوم بالجامع الأزهر: “لإسلامنا منهجا واضحا فى كيفية مجابهة التحديات وحل المشكلات، ومصرنا فى وقتنا الحاضر تجابه العديد من التحديات من الداخل والخارج وبصفتنا من الدول الإسلامية التى تعتز بإسلامها فينبغى أن نعمل شرعنا فى كيفية التصرف مع هذه التحديات والمشكلات”.
وتابع: “بالإضافة إلى جهود التنمية وتحديث الدولة المصرية لتكون دولة معاصرة تتناسب مع تاريخ مصر الضارب فى عمق التاريخ وهى مهمة ثقيلة تحتاج لإنجازها وتحقيق نتائج طيبة تحتاج إلى تضافر جميع أجهزة الدولة ومؤسساتها وشعبها مع قيادتها لتحقيق نتائج مرضية، إلا أنها تجابه تحديات صحية وتحديات تتعلق بالأمن القومى وتحديات تتعلق بأمننا المائى”.
وأوضح أن مصر تتحدى وتتصدى مع غيرها لجائحة ضربت العالم كله فأربكت حسابات الدول الكبرى والصغرى على السواء وأصبحت على أولويات جميع الدول وتوارى الحديث عن القضايا التقليدية، وفى الوقت الذى أعلنت فيه بعض الدول المتقدمة أنها عجزت عن مجابهة هذه الجائحة وفوضت الأمر للسماء، فإن مصر حققت نتائج طيبة والأزمة فى انحسار.
وقال: “لا يسعنا فى هذا المجال إلا أن نتقدم بشكر واجب وعرفان بالجميل وحسن الصنيع للطواقم الطبية التى تقتحم المخاطر ويعرض أفرادها أنفسهم لخطر الإصابة بالمرض وبالفعل سقط منهم شهداء رحمهم الله، ونسأل الله عز وجل أن يتقبل من سقطوا جراء هذا المرض فى الشهداء والصالحين ونسأله القوة والعزيمة لأولئك الذين يجاهدون ويقاتلون فى ميدان هذه الجائحة التى أحلت بنا”.
ودعا المواطنين إلى تغيير سلوكهم وأن يحسنوا من تعاملهم مع الجائحة ولا يستهينوا بالإجراءات التى أعلنت لتقليل مخاطرها، وأن يعلموا أن من يفرط فى استخدام هذه التعليمات مقصر شرعًا وأنه إن أصيب سئل أمام الله عز وجل عن تقصيره، محذرًا الذين يستهينون بالمرض بعد أن يقعوا فيه ولا يراعون الله عز وجل ولا ضمائرهم يختلطون بالأصحاء دون أن يخبروهم أنهم من المرضى، معلقًا: “فليعلم هؤلاء أنهم يرتكبون جناية شرعية فى حق أنفسهم وفى حق من أصابوه بالمرض سيسألون عنه إن لم يكن فى الدنيا فبين يدى الله عز وجل”، وتابع: “هذا تحذير وإبلاغ وإنذار نضرع به إلى الله عز وجل ونحن نتضرع إليه أن يخرجنا من هذه الجائحة وأن يرفعها عنا وعن سائر الأمم”.
وقال وكيل الأزهر السابق، إن التحدى الثانى فهو يتعلق بتهيدد أمننا القومى من الجهة الغربية جراء التدخل الخاطئ للقيادة التركية فى النزاع الدائر بين الأشقاء فى ليبيا، لافتًا إلى أن القرآن الكريم علمنا أن التدخل فى حل النزاعات بين الأشقاء يجب أن يكون مقصودا به الإصلاح وجمع الشمل ونبذ الفرقة والعودة إلى الصف الواحد، داعيا الفصائل للتصالح والإحتكام إلى شرع الله، محذرًا القوى الباغية فى ليبيا بقوله: “لن ينفعكم الاستقواء بتركيا التى تضمر الشر للإسلام والمسلمين على مر التاريخ”.
وأكد أنه لا يمكن لعاقل أن يصدق أن تدخل تركيا فى ليبيا ينبثق من منطلق تعليمات الإسلام فى شئ، مشددًا على أن تاريخ اﻷتراك مع اﻹسلام والمسلمين سيئ جدا، فهم من أسقطوا الخلافة على أرضهم بعد أن تحاكم إليها المسلمون أكثر من ألف سنة منها ستمائة عام تحت قيادة العثمانيين ثم انتهت على أرضهم حين أعلن مصطفى أتاتورك إنهاء الخلافة عام 1924 فتفككت وتفتت دولة اﻹسلام وتقسمت إلى دول صغيرة وكبيرة لا كلمة لها ولا وحدة لها ولا حكم لها ولا شأن لها ولا اعتبار لها بين الأمم بعد أن كانت سيدة الأمم وقائدة العالم أجمع ويحسب لها الجميع ألف حساب، هذه الخلافة التى يتباكى عليها أردوغان ويزعم أنه سائر لاستردادها عليه قبل أن يفعل أن يعتذر عن خطأ أجداده وما فعلوه بالمسلمين .
واستطرد قائلاً: “كيف نصدق ما يدعيه أردوغان وتركيا أول دولة إسلامية اعترفت بالكيان اﻹسرائيلى وأقامت معه علاقات كاملة، مجرد أن سمعنا بهذا الكيان الذى زرع بأرض العرب، إذا بالدولة التركية تعلن اعترافها بإسرائيل وتقيم معها علاقات، أفضل أيامها فى حكم أردوغان حيث وصل إلى التعاون العسكرى فضلا عن التحالف التجارى وغيره من المجالات، فكيف نصدق أن هذا يتدخل فى صالح المسلمين”.
ووجه شومان نداء إلى الفرقاء فى ليبيا بألا يصدقوا هؤلاء الكاذبين وألا يجعلوا بلدهم مرتعا للطامعين والعابثين، وأن يعتبروا بقول وزير الدفاع التركى فى زيارته لليبيا “جئنا هنا لنبقى للأبد”، وتساءل: “هل هذا جاء للإصلاح كما يدعى؟”، ووجه خطابه لليبيين قائلا: “انتبهوا واحتكموا إلى كلمة سواء وأعيدوا بلادكم إلى سابق عهدها وازدهاره ولا تجعلوها ساحة لتصفية الحسابات”.
ونوه بأن عين تركيا على مصر ﻷنها كسرت اﻹرهاب واﻹرهابيين وجعلتهم يفرون كالجرذان لا يجدون لهم مأوى إلا على اﻷراضى التركية التى جعلها أردوغان، مأوى وموطنا لهؤلاء الهاربين يخططون ويبثون من خلالها سمومهم من خلال العديد من القنوات والنوافذ الفضائية التى تبث سمومها ليل نهار ﻹسقاط الدولة المصرية، معلقًا: “هيهات هيهات أن يخدعوا شعبنا العظيم، فعودوا إلى رشدكم وأحفظوا بلدكم”.
واستطرد قائلاً: “التحدى الثالث، فهو ما يتعلق بأمننا المائى، إن تهديد اﻷمن القومى المائى لمصر وما تفعله إثيوبيا من تصرفات من شأنها التأثير على مياه النيل التى هى ليست ملك إثيوبيا ولا غيرها بل هى ملك لله الواحد القهار، وليس من حق أى دولة من دول حوض النيل أن تتحكم فيه سواء كانت دولة منبع أو ممر أو مصب”.