أشاد وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة بتأكيد الرئيس عبد الفتاح السيسي أن الحوار الحضاري ينبغي أن يراعي ثقافة وخصوصيات الآخرين، موضحا أن الوزارة تتبنى قنوات متعددة للحوار، منها حركة التأليف والنشر، حيث نشرت وترجمت أكثر من 70 مؤلفًا، وبدأت في ترجمة خطبة الجمعة بـ8 لغات من خلال نخبة من أفضل الأساتذة المتخصصين.
وأكد الوزير – خلال كلمته في “ندوة للرأي” نظمتها وزارة الأوقاف بعنوان “ثقافة الحوار وعوامل نجاحه” بالتعاون مع الهيئة الوطنية للإعلام وقطاع القنوات المتخصصة بالتليفزيون – الفرق الواضح بين شهيد الحق وقتيل الباطل.
وقال إن وزارة الأوقاف اعتمدت بيان الأزهر الشريف بهذا الصدد، وجعلته ركيزة أساسية لخطبة الجمعة المقبلة، التي تخاطب العالم كله، وليس الداخل المصري وحده، حيث نص البيان على أن الشهداء الحقيقيين هم مَن يُدافِعون عن أوطانهم ضد كل مُعتَدٍ ويَدفعون أرواحهم فداءً لحماية ترابها وسمائها وأهلها وكلّ مَن يعيشون على أرضها، وليس هؤلاء الذين يُرَوِّعون أهلَ وطنهم، ويُهَدّدون أمنهم وأمانهم، ويَسعَونَ إلى نشر الفساد والفوضى في ربوع الوطن.
وأضاف جمعة أن الوصايا العشر في سورة الأنعام هي مشتركات إنسانية أجمعت عليها الشرائع السماوية والسنة النبوية، وهي قوله- تعالى-: “قلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ* وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ* وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ” .
وأوضح الوزير أن هناك اتجاها للتدريب المشترك بين جامعة مونستر الألمانية وأكاديمية الأوقاف الدولية، بفضل ترجمة خطبة الجمعة إلى اللغة الألمانية، ومن خلال المؤتمرات التي تقيمها الوزارة والتي حضرها مدير الجامعة الألمانية .
وأشار إلى أن من أفضل المبادرات التي شهدها، كانت من خلال حوار واعظات الوزارة مع راهبات وخادمات الكنائس المصرية ضمن حملة “طرق الأبواب”، مؤكدًا أننا نحتاج إلى السعي الدائم إلى التعارف والحوار الحضاري والانفتاح على الثقافات الأخرى، وليس الانغلاق المحكم الذي يؤدي إلى الخوف من الآخر، وأن نحلل ذلك تحليلا جيدًا محايدًا ومنصفًا قبل الحكم له أو عليه.
ولفت جمعة إلى أن وزارة الأوقاف انتهت قبل ساعات من إصدار جديد يعلي قيمة الحوار، ويظهر غلافه بمسجد الفتاح العليم محتضنا كاتدرائية السيد المسيح بالعاصمة الإدارية الجديدة، وهو كتاب “الحوار الثقافي بين الشرق والغرب” .
ودعا وزير الأوقاف إلى إعلاء قيمة الإنسان ومراعاة البعد الإنساني، مع الإيمان بالتعدد والتنوع، وتكريم الإنسان بغض النظر عن اللون أو العرق أو الجنس أو الدين، مبينا أن الدول التي آمنت بالتعدد والتنوع هي أكثر الدول استقرارًا وأمنًا وتقدما، كما حذر من التنازع والتناحر على أساس مذهبي أو طائفي، فالدول التي دخلت في حروب دينية وقعت في فوضى لم يستفد منها إلا أعداؤها.
وقال إن كثيرًا من الدول تضم طوائف وديانات مختلفة ولغات متنوعة، لكنهم انصهروا في بوتقة الوطنية، وأعلوا من شأن الدولة الوطنية، والعمل المشترك فتقدمت تقدمًا أذهل الجميع، بينما الدول التي دخلت في نزاعات طائفية، وحروب دينية انقسمت على نفسها، ولم تقم لها قائمة بعد ذلك.
بدوره، أكد الدكتور أحمد ربيع عميد كلية الدعوة الإسلامية الأسبق بالأزهر الشريف أن الاختلاف بين الخلائق سنة كونية جعلها الله- سبحانه وتعالى- في الأنفس، والآفاق، فالناس جعلهم الله- سبحانه- مختلفين في أشكالهم وألوانهم، فلكل شكله المميز له عن غيره، بل جعل الله الإنسان مميزا عن غيره، مبينًا أن الاختلاف يؤدي إلى سنة التدافع لعمارة الكون.
وقال إن للحوار آدابًا يجب التحلي بها، كما أن الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية وأنه يجب تقديم المصلحة العامة على الخاصة والاعتراف بالحق وعدم المماراة بالباطل.