هل يقود الجيش الزيمبابوي ثورة تصحيحية أم انقلاب على السلطة..؟

أحكم الجيش في زيمبابوي سيطرته على البلاد، اليوم الاربعاء، وانتشرت اليات عسكرية في العاصمة هراري بعد ان تصاعد الخلاف لخلافة الرئيس روبرت موغابي البالغ 93 عاما بعد اقالته نائب الرئيس ايميرسون منانغاغوا.
و تعود التفاصيل، إلى أن سكان عاصمة زيبمابوى (هرارى)، استيقظوا صباح اليوم، على صوت إطلاق نار بالقرب من مقر إقامة الرئيس روبرت موجابي، وسيطرة الجيش على المحاكم ومبنى البرلمان وهيئة الإذاعة والتليفزيون الرسمية للدولة، وانتشار وحداته فى شوارعها، وغلق مدرعاته للطرق المؤدية إلى مبنى البرلمان ومقر الحكومة والمحاكم بوسط العاصمة.
واستمر الوضع غامضا وبدا يميل إلى احتمالية حدوث انقلاب عسكري غير دموي على الرئيس موجابي، واستيلاء الجيش على السلطة، إلى أن بث الجيش بيانه عبر التليفزيون الوطني، نافيا الإنقلاب، مؤكدا أن أن الرئيس موجابي وأسرته بخير، وأنه لا يستهدف الرئيس وإنما يستهدف من أسماه بـ”المجرمين” المحيطين به، متوقعا أن تعود الحالة فى البلاد لطبيعتها بعد استكمال المهمة.
وكانت زيمباوى – ذات الأرض الزراعية الخصبة – على موعد مع انفجار الوضع المحتقن بين الحزب الحاكم والجيش إثر التصعيد الذى حدث بعدما أعلن قائد الحيش قنسطنطينو تشيوينجا، تحذيرا بالتدخل من أجل إنهاء حملة التطهير داخل حزب (زانو بي. اف) الحاكم، فيما وجه حلفاء رئيس زيمبابوي روبرت موجابي تحذيرا لقائد الجيش من التدخل في السياسة، واصفين تصرفه بأنه يرقى لدرجة الخيانة.
وجاء الاحتقان على خلفية ما يموج به الحزب الحاكم من صراع داخلى محوره “من سيخلف الرئيس موجابي”، وانتقاد قائد الجيش لموجابى ، قائلا إن “الحزب ليس ملكا شخصيا له ولزوجته”، محذرا من التدخل لإنهاء حملة تطهير الحزب؛ الأمر الذى قوبل بتصريح حاد من زعيم الشبيبة، كودزاي تشيبانجا إن الشبيبة لن تسمح للقوات المسلحة بالتعدي على الدستور، وإنهم مستعدون للموت دفاعا عن موجابي، وطالبت رابطة شبيبة الحزب الحاكم (زانو بي أف)، التي تدعم تولي زوجة موجابى جريس منصب نائب الرئيس، طالبا رئيس الأركان بالبقاء في ثكنته، معلنا أنه لا يحظى بدعم الجميع في القوات المسلحة.
“استكمال المهمة” التى أعلنها الجيش لم يفصح عم معالمها أو يحدد زمنا أو فعلا لانتهائها، حيث طلب من المواطنين التزام الهدوء والحد من تحركهم غير الضرورى، وألغى إجازات أفراد القوات المسلحة، وبعث برسالة طمأنينه للسلطة القضائية بضمان استقلالها، مطالبا الهيئات الأمنية التعاون معه من أجل خير البلاد، محذرا من أن أى استفزاز سيواجه بالرد المناسب، وترتب على إذاعة هذا البيان، طلب عدد من الدول الأجنبية من رعاياها الموجودين فى زيمبابوى الاحتماء لحين استجلاء الموقف، وإزالة الغموض بشأن الوضع السياسى والأمني في البلاد.
وفى هذا الصدد أغلقت الولايات المتحدة الامريكية سفارتها في هراري، فيما حذرت الخارجية البريطانية رعاياها من عدم النزول للشوارع يعد روبرت موجابى البالغ من العمر 93 عاما ثاني رئيس لزيميابوى منذ حصولها على الاستقلال عن بريطانيا فى عام 1980 بعد نضال دامت أكثر من عقد من الزمن، واستمر حكمه على مدى أكثر من 30 عاما؛ الأمر الذى يعد من نقاط ضعفه بالإضافة إلى طبيعة نظامة ونظام حزبه وموروثه كحركة تحرير زيمبابوى ، وإنهيار الدخل القومى ، وطموحات الطبقة الجديدة المحيطة به ، وإنهيار أسعار المحاصيل الزراعية التى تنتجها ( الذرة والقطن والدخان )، كلها عوامل خلقت أوضاعا يمكن من خلالها مهاجمة نظام موجابي.
وبدأت محاولات تغيير القصر – وليس النظام الأساسى في الدولة – منذ هبوط شعبية حزب (زانو) نتيجة للانكماش الاقتصادي، حيث تكونت حركة التغيير الديمقراطي، ومع حلول العد التنازلي لانتخابات الرئاسة مارس 2002 استهدف أعضاء حزب زانو حركة التغيير الديمقراطي ومؤيديها ووصل العنف إلى درجة غير مسبوقة.
ويقول منتقدو موجابى إنه يقوم بتشديد قبضته على السلطة، بإدخال تعديلات على مؤسسات الدولة، وتزوير الانتخابات البرلمانية التي جرت فى عام 2000، وانتخابات الرئاسة فى عام 2003، وهو ما دعا قوى معارضة إلى مقاطعة انتخابات اختيار أعضاء مجلس الشيوخ التي جرت أواخر نوفمبر 2005، ووصفوها بأنها “مهزلة”، واتفقت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على مقاطعة مراسم تنصيب موجابي في أعقاب فوزه المختلف عليه في الانتخابات الرئاسية، التى جرت في أغسطس عام 2013 تم بحصوله على 61 فى المائة من الأصوات في الدورة الأولى، متقدما على منافسه ورئيس الوزراء مورجان تشانجيراى، الذي حصل على 34 في المائة من الأصوات، فيما حصل حزبه (زانو بي. اف)، على الأكثرية الموصوفة لثلثي أعضاء الجمعية الوطنية.
و قال جاكوب زوما، رئيس جنوب أفريقيا، إن رئيس زيمبابوي، روبرت موجابي، يخضع للإقامة الجبرية في العاصمة هراري، بعد أن استولى الجيش على السلطة، الأمر الذي أدى إلى حدوث اضطرابات سياسية في البلاد. .
جاء هذا الإعلان بعد أن تحدث زوما مع موجابي عبر الهاتف اليوم الأربعاء، وأكد زوما أن موجابي البالغ من العمر 93 عاما في حالة صحية جيدة.
وقال الأمين العام لجمعية المحاربين القدامى فيكتور ماتيماداندا إنه يجب الإطاحة بموجابي من رئاسة زيمبابوى وزعامة حزب اتحاد زيمبابوي الوطني الإفريقي- الجبهة الوطنية الحاكم.
وقال ماتيماداندا “يجب أن تكون هناك لجنة تحقيق في الجرائم التي ارتكبها بينما كان في القيادة”.
يذكر أن ماتيماداندا حليف رئيسي للجيش ونائب الرئيس السابق ايمرسون منانجاجوا الذى أقاله موجابي الأسبوع الماضي.
وحث رئيس جنوب افريقيا الجيش الزيمبابوي على عدم اجراء “تغييرات غير دستورية في الحكومة”.
وأضاف رئيس جنوب أفريقيا أن وزيرة دفاع بلاده، وسيفيو مابيسا ناكوله، ووزير الأمن بونجاني بونجو سيسافران إلى زيمبابوي للمساعدة في حل الأزمة سلميا وإنهما سيتحدثان مع الرئيس موجابي والقيادة العسكرية بشأن الخطوات الواجب اتخاذها.
ودعت منظمة العفو الدولية الجيش إلى “ضمان أمن وسلامة جميع الاشخاص في زيمبابوي بغض النظر عن ولائهم السياسي”.
وجاء التحرك للاستيلاء على السلطة بعد يومين من تحذير كبير قادة الجيش الجنرال كونستانتينو تشيونجا لموجابي من أن الجيش “سيتدخل” اذا استمر في طرد مقاتلي التحرير السابقين من الحزب الحاكم.
جاء هذا التحذير بعد أن قام موجابي الأسبوع الماضي بطرد نائب الرئيس ايمرسون منانجاجوا الذى ظل منذ فترة طويلة المرشح الأوفر حظا لتولي الرئاسة خلفا للرئيس موجابي، ويحظى بتأييد رابطة المحاربين القدامى المؤثرة.
وقال تشيونجا للصحفيين في العاصمة هراري برفقة كبار مسؤولي الجيش إن “التطهير الحالي الذى يستهدف بوضوح اعضاء الحزب الذين شاركوا في الماضي في التحرير يجب ان يتوقف فورا”.
كان تشوينجا يشير إلى تهديد موجابى بإقالة أكثر من 100 مسؤول لهم علاقة بمنانجاجوا.
فيما نوه رئيس الاتحاد الافريقي ألفا كوندي الاربعاء أن الازمة في زيمبابوي “تبدو كانقلاب”، داعيا الجيش لوقف ما يقوم به واعادة العمل بالنظام الدستوري.
وقال كوندي، وهو ايضا رئيس غينيا، إن الاتحاد الافريقي يدين تصرفات كبار الجنرالات في زيمبابوي التي تبدو “بوضوح ان جنودا يحاولون الاستيلاء على السلطة بالقوة”.
وأكد في بيان أن “الاتحاد الافريقي يعبر عن بالغ قلقه حيال الوضع الجاري في زيمبابوي”، معلنا دعمه لـ”المؤسسات القانونية” في البلد الواقع في جنوب قارة افريقيا.
وجاء في البيان أن الاتحاد يطالب “باستعادة النظام الدستوري فورا ويدعو كل الفاعلين لاظهار المسؤولية وضبط النفس”.