نعم إنه ” قادر”| بقلم شيرين خالد

حينما نتأمل التاريخ نجد فيه من الصور الكثيرات التي تؤكد على عظمة هذا الوطن الذي خاض الكثير من الحروب على مر التاريخ .
فما من بلاء لم يقع فيه وما من عدو إلا وتربص به .. وها هو نحن في القرن الواحد والعشرين، اختلفت معايير الحروب، وتباينت أنواع الأسلحة ما بين مادية ومعنوية .. وبينما نحن في عالم لا حدود فيه للمعلومات ولا للأفكار، ولا قيود على الآراء .. عالم اختلط فيه الحق بالباطل كثيراً، إما عن عمد من أعداء متربصين، أو جهل من أبناء غافلين .
فقد مرت مصر على مدار أعوام مضت بالعديد من الأمور التي راهن فيها القائد على شعبه، ووثق فيها الشعب بقائده ،فخضعت مصر لعملية جراحية قاسية، عقب فترة حكم الإخوان وثورتي الخامس والعشرين من يناير والثلاثين من يونيو.
كانت هذه الجراحة هي الحل الجذري لمشكلات باتت تشكل خطراً كبيراً على استقرار وبناء هذا الوطن، فكان لا محالة من اتخاذ إجراءات صارمة للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي وأيضا الاهتمام برفع الكفاءة القتالية والتسليح لقواتنا المسلحة والشرطة المدنية .. أبى من أبى وأيد وصبر وثابر الكثيرون من أبناء هذا الوطن المخلصين .. تعرضنا لحرب شرسة من الشائعات لبث روح اليأس وعدم الثقة في مؤسسات الدولة، ضعف البعض واستسلم لهذا الشئ، لكننا لم نتوقف ولم ننظر للوراء .
فأصبحنا نبني ونعمر في كافة الاتجاهات، أصبحنا نحارب الإرهاب ليس مادياً فحسب بل تنبهنا لغفلتنا وأدركنا أن المواجهة الفكرية للفكر المتطرف هي النواة الأولى للقضاء على الإرهاب، بدأت برامج الدولة للاهتمام بذوي الهمم والمرأة والشباب إيماناً بأن الأمة تُنصَرُ بضعفائها .
وفي خطة لتوفير حياة كريمة لمن لهم حق في مسكن آدمي تم بناء العديد من المشروعات السكنية لتحل محل العشوائيات ولتكن سكناً كريماً لهذه الفئة التي لطالما عانت من حياة غير آدمية فكانت هذه المشروعات بارقة أمل لأجيال جديدة تدرك أن الوطن يهتم لشكواهم فنجد مشروع بشاير الخير بمراحله والأسمرات وروضة السيدة وغيرها من المشروعات التي في إطار التنفيذ .
نرى بأعيننا حملات صحية جالت محافظات ومدن وقرى ونجوع مصر في سابقة هي الأولى للكشف عن الأمراض غير السارية واكتشاف وعلاج مرضى فيروس سي، بالإضافة إلى حملة الكشف عن مرضى سرطان الثدي، ومرضى العيون في حملات صحية تهتم لأمر المواطن البسيط .
وعندما أيقننا أنه من لا يملك قوت يومه، لا يملك حرية قراره قامت الدولة بالعديد من المشروعات القومية الكبرى فى مجال الزراعة والثروة الحيوانية والحبوب والأعلاف وأيضا الزيوت .
ومن هنا كان التركيز ضمن استراتيجية بناء الدولة المصرية بداية من عام 2014 هو تدشين مشروعات عملاقة زراعية لإنتاج الحبوب وخاصة القمح والسلع الغذائية الأخرى من خلال مشروع المليون ونصف مليون فدان ومشروع المائة ألف صوبة زراعية ومشروع المليون رأس ماشية بالإضافة إلى مشروعات المزارع السمكية فى كفر الشيخ وقناة السويس وإعادة بحيرات مصر إلى سابق عهدها .
وكل ذلك من أجل توفير الغذاء وسد الفجوة الغذائية وتوفير فرص العمل واستقرار الأسعار وخفضها، وبالتالى خفض الاستيراد إلى أقل حد ممكن من القمح والزيوت والماشية.
ونجد الاهتمام بالبنية التحتية للدولة في صورة كبيرة لم تحدث منذ أعوام كثيرة من خلال مشروعات كثيرة للربط بين أجزاء الوطن الواحد، والتوسع العرضي للقضاء على الاختناق السكاني في محافظات مصر كالعاصمة الإدارية الجديدة والمدن الجديدة في الوجه البحري والقبلي، ليس هذا فحسب بل كان الاهتمام بالبنية التحتية أيضاً لمساعدة ودعم وجذب المستثمرين من خلال تذليل العديد من العقبات وتوفير احتياجاتهم من شبكة قوية من الطرق والكباري التي تربط المحافظات ببعضها البعض في زمن أقصر وكفاءة كبيرة، وتوفير الطاقة اللازمة للإنتاج والتي قد ساهم فيها ظهور حقل ظهر .
علاوة على أنه إن أردنا القضاء على الإرهاب فعلينا بالتنمية ومن هنا كانت أنفاق الإسماعيلية وبورسعيد لربط سيناء بالقاهرة، وكانت قناة السويس الجديدة بما حولها من مشروعات اقتصادية كبرى تعظم الاستفادة منها ليس كمجرى ملاحي استراتيجي هام بل كتربة خصبة لمناطق استثمارية عالمية على أرض مصر .
لست أذكر إلا بعضا من الخطوات التي قامت بها مصر في ظل دولة تحارب الإرهاب، وتقاوم الأفكار الهدامة والشائعات المغرضة، دولة استطاعت أن تستعيد قوتها وتأثيرها الخارجي وأصبحت من خلال سياستها وجهودها الدبلوماسية أن تستأنف تأثيرها وقوتها في المجتمع الدولي، ولعل أبرز هذه العلامات رئاسة مصر للإتحاد الأفريقي وعودة مصر وتأثيرها الأفريقي مرة أخرى لتصبح في قلب أفريقيا كما كانت .
كما نجد أن مصر أصبحت قبلة لشباب العالم ومبدعيه من رواد منتدى شباب العالم ومنتدى الشباب الأفريقي الذين يجتمعون سنويا في أرض السلام لتجمعهم القضايا المشتركة ويتبادلوا الأفكار والرؤى تحت مظلة وطن هو مهد الحضارات .
وعلى الجانب الآخر فقد كان من الضروري وجود قوة تواكب هذه الخطوات السريعة في البناء والتنمية، فوطن بلا قوة تحميه كفريسة وحيدة وسط ذئاب جائعة، ولا سيما في ظل ما تمر به المنطقة من حروب ونزاعات وإرهاب بات آفة العالم أجمع وليس الشرق الأوسط فحسب، فنجد الاهتمام بالتسليح في صورة لم تكن من قبل لتأمين حقوقنا وحمايتنا براً وبحراً وجواً، فكانت القواعد العسكرية البحرية والجوية و التزود بالطائرات وغيرها من المعدات العسكرية الحديثة ضرورة لازمة، لنجد قاعدة محمد نجيب البحرية والفرقاطة فاتح والغواصات الحديثة وطائرات الرافال وأيضا الميسترال أنور السادات وجمال عبدالناصر، جميعها أضافت للقوة العسكرية المصرية وللثقل المصري بالمنطقة لنصبح قادرين على مواجهة أي تحدٍ قادمٍ بعزيمة وإيمان راسخين، وأخيراً نجد افتتاح السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي منذ أيام قليلة للقاعدة الجوية البحرية برنيس جنوب البحر الأحمر إضافة جديدة للقوة المصرية التي لا تنهزم ولا تيأس على مر الزمن، والتي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها وعن جندها أنهم خير أجناد الأرض فهم في رباط إلى يوم القيامة .
فهؤلاء هم من قاموا بتنفيذ عدد من الأنشطة التدريبية ضمن تنفيذ المرحلة النهائية من المناورة “قادر 2020″، التي شاركت بها وحدات من القوات البرية والبحرية والجوية والدفاع الجوي، والصاعقة والمظلات، لتتضمن عمليات تدريبية على كافة الاتجاهات الاستراتيجية للدولة وعلى ساحلي البحرين الأحمر والأبيض المتوسط، في صورة تلقي الذعر في نفوس الأعداء وترفع من حالة الثقة في نفوسنا نحن لنؤمن حقاً بأن لهذا الوطن وعلى الرغم من كافة العقبات والتحديات التي يواجهها له درع وسيف .. فهو وطن قادر على صنع المستحيل وصياغة المستقبل بحروف من نور في ظل قيادة سياسية حكيمة من السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي وقوة وجسارة قواتنا المسلحة وشرطتنا الباسلة، وأخوة وصداقة من دول شقيقة وصديقة، ودعم وثقة من شعب مدرك تماما ما تعنيه كلمة الوطن ليصبح كل فرد فيه جندياً في مكانه لا يقل دوره أهمية عن غيره من المقاتلين على الحدود وفي كل شبر من مصر .
فكما قال كامل الشناوي لتشدو كوكب الشرق أم كلثوم منذ عشرات الأعوام ” وصاح من الشعب صوت طليق .. قوي .. أبي .. عميق .. عريق .. يقول أنا الشعب والمعجزة، أنا الشعب لا شئ قد أعجزه، أنا الشعب لا أعرف المستحيلا ولا أرتضي بالخلود بديلا ” .
هذه هي مصر التي ذكرها الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم وكانت حامية الناس من المجاعة في عهد يوسف عليه السلام، والتي ولد بها سيدنا موسى عليه السلام وكلم مولاه في الوادي المقدس طوى و على جبل الطور في سيناء المباركة، واحتمى بها سيدنا عيسى عليه السلام وأمه السيدة العذارء مريم في رحلتهم المباركة، ليوصي بها خاتم المرسلين سيدنا محمد صلى الله وعلى آله وصحبه أجمعين السلام .. وهذا هو الشعب المصري الذي بنى الحضارة منذ فجر التاريخ وآمن بالعدل والحب والخير وترك لنا إرثاً إلى الآن فيه ما يحير العالم لقدرته .. فلتحيا مصر بقيادتها الحكيمة و جيشها وشرطتها الباسلة وشعبها القادر على العطاء والواثق في وطنه رغم كل المحن .