قال اللواء محمود توفيق وزير الداخلية، إن الإستراتيجية الأمنية للوزارة ترتكز على استقراء الواقع الأمنى الداخلى ومحيطه الإقليمى ووضع الخطط اللازمة لمواجهة التحديات الناجمة عن الصراعات والمتغيرات التى تشهدها المنطقة والتى أوجدت بيئة خصبة لمختلف الأنشطة غير المشروعة، باتت تهدد أمن واستقرار الدول فى ظل التطور الهائل للوسائل التكنولوجية الحديثة والقدرة على تطويعها لارتكاب الجريمة بأنماط جديدة.
جاء ذلك خلال حفل عيد الشرطة الـ 73 بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية، وكبار هيئة الشرطة، وعدد من الوزراء وكبار رجال الدولة، وشخصيات عامة وصحفيين وإعلاميين.
وأضاف وزير الداخلية في كلمته، ولا تزال فى مقدمة تلك التحديات، آفة الإرهاب ومخططات نشر الفوضى والتى تستوجب اتخاذ أقصى درجات اليقظة فى ضوء محاولات التنظيمات الإرهابية استغلال تراجع الأوضاع الأمنية بالمنطقة فى استعادة قدراتها والتمدد بالمناطق غير المستقرة واتخاذها منطلقاً لأنشطتها الهدامة، لتكوين بؤر جديدة ودفعها للقيام بأعمال عنف تستهدف مقدرات شعوبها.
فى هذا الإطار تسعى جماعة الإخوان الإرهابية لإحياء نشاطها عبر التوسع فى ترويج الشائعات والأخبار المغلوطة واستقطاب الشباب صغير السن ودفعه للقيام بأعمال غير مسئولة، أملاً فى زعزعة الأمن والاستقرار، فضلاً عن التنسيق مع عدد من ذوى التوجهات الفكرية الأخرى من منطلق المصالح المشتركة لتبنى الدعوة لإعادة دمجها فى النسيج المجتمعى الذى لفظها لفكرها القائم على العنف والتخريب.
وهنا تواصل أجهزة وزارة الداخلية جهودها فى الرصد المبكر لتلك المخططات وإحباطها عبر توجيه الضربات الأمنية الاستباقية لها وقطع خطوط ومسارات تمويلها، حيث نجحت الجهود على مدار العام الماضى وبمساندة شعبية فاعلة فى إجهاض العديد من محاولات تكوينها لبؤر إرهابية وضبط عناصر لجانها الإعلامية والكيانات التجارية التى تستخدمها كواجهات لتمرير الدعم المالى، بلغت قيمتها السوقية (2.4 مليار جنيه).
كما تحرص الوزارة على توضيح الحقائق للرأى العام عبر منابر الإعلام المختلفة وتكثيف برامج التوعية لدى الشباب لتحصينهم من مخططات إسقاط الدول.
بالغ التقدير والإعتزاز.. لتشريف سيادتكم سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي والحضور الكريم احتفال وزارة الداخلية في الخامس والعشرين من يناير عام 1952 ذلك اليوم، الذى تجسدت فيه روح الانتماء والتضحية عندما بذل رجال الشرطة البواسل دماءهم وأرواحهم دفاعاً عن الوطن وصون مقدراته أمام قوى الاحتلال، ليصبح علامة مضيئة فى سجل البطولات الوطنية وتأتى هذه الذكرى فى عامها الثالث والسبعين والشرطة المصرية على عهدها وعقيدتها بأن تظل حصنا منيعاً للأمن والاستقرار.
وانعكاسا لما تشهده المنطقة من تراجع أمنى، أدى إلى تصاعد ملحوظ لكافة صور الجريمة المنظمة وعلى رأسها جرائم المخدرات فقد اضطلعت أجهزة المعلومات والمكافحة بالوزارة بإفراد متابعة دقيقة لحركة ومسارات عمليات التهريب والقائمين عليها، حيث تمكنت من إحباط وضبط كميات غير مسبوقة من المواد المخدرة قدرت قيمتها بــ (15.7 مليار جنيه).
كما حالت دون نفاذ كميات ضخمة من المخدرات التخليقية للبلاد تمهيداً لإعادة تهريبها إلى دول أخرى والتى تقدر قيمتها بالدول المستهدفة بــ (28 مليار جنيه).
وانطلاقاً من حرص الوزارة على التصدى لهذا الخطر الذى يستهدف عقول الشعوب، فقد تم إنشاء مقر جديد لقطاع المخدرات والأسلحة غير المرخصة وتزويده بالتقنيات الحديثة التى تمكنه من مواكبة التطور النوعى لتلك الجرائم، فضلاً عن استحداث المركز المصرى الدولى للتدريب على مكافحة المخدرات ودعمه بأحدث الإمكانيات والوسائط التدريبية لصقل مهارات العنصر البشرى، ومن المقرر أن يمتد نشاط المركز إلى تدريب الكوادر الشرطية المتخصصة بالدول الشقيقة والصديقة فى إطار التعاون الدولى فى مجال المكافحة.
وفى ذات السياق، نشطت الفترة الماضية عصابات تهريب المهاجرين على المستويين الإقليمى والدولى والتى اتخذت فى نشاطها أنماطاً جديدة لتجنب الرصد الأمنى وقد تمكنت الجهود الأمنية من تقويض الهجرة غير الشرعية، انطلاقاً من البلاد وضبط القائمين عليها مما لاقى إشادة دولية.
وعلى التوازى ولتحقيق مفهوم الأمن الشامل فى ظل التمدد الحضارى غير المسبوق بالبلاد، تحرص الوزارة على مكافحة الجريمة الجنائية والقضاء على البؤر الإجرامية والتشكيلات العصابية والتصدى للجرائم الاقتصادية وعلى رأسها الإتجار بالنقد الأجنبى حيث بلغ ما تم ضبطه نقداً مايقرب من (4.6 مليار جنيه).
وتشير الإحصائيات إلى انخفاض معدلات ارتكاب الجرائم الجنائية خلال العام الماضى بنسبة بلغت 14.2% عن العام الذى سبقه والذى جاء كمحصلة للجهود الأمنية إلى جانب جهود الدولة فى تنفيذ البرامج الاجتماعية والتطوير الحضارى للمناطق التى كانت تشكل بيئة خصبة لتنامى السلوك الإجرامى.
كما أولت الوزارة اهتماماً كبيراً لمواجهة الجرائم الإلكترونية بمختلف أنواعها عبر تحقيق التكامل بين مهارات العنصر البشرى ووسائل التكنولوجيا الحديثة بالتوازى مع استخدام تطبيقات الذكاء الإصطناعى فى إدارة العمل الأمنى عبر مركز العمليات الأمنية المستحدث وبما يحقق منظومة أمنية تكنولوجية متكاملة قادرة على مواكبة التطور المتسارع فى أساليب إرتكاب تلك الجرائم.
تشهد التجربة المصرية فى تطوير مفهوم العدالة الإصلاحية بتحويل المؤسسات العقابية إلى مراكز إصلاح وتأهيل نجاحات متميزة فى تحقيق أهدافها التى ترتكز على عدم عودة ذوى السلوك الإجرامى إلى الجريمة مرة أخرى عقب قضاء العقوبة.
وتحرص الوزارة على التوسع فى برامج التدريب والتعليم الفنى للنزلاء وتمكينهم من تصنيع منتجاتهم والمشاركة بها فى كبرى المعارض المحلية بما يعود عليهم بالعائد المادى المناسب أثناء فترة العقوبة ويسهم فى سرعة انخراطهم بالمجتمع عقب الإفراج عنهم.
كما تحرص الوزارة على مشاركة تجربتها على المستويين الإقليمى والدولى عبر المؤتمرات وورش العمل المعنية بحقوق الإنسان ومن خلال استقبال مراكز الإصلاح والتأهيل للعديد من الوفود من الدول العربية والإفريقية والمنظمات الدولية والبعثات الدبلوماسية ومنظمات المجتمع المدنى للاطلاع على التطبيق العملى للتجربة المصرية والتى حظت بإشادة واسعة بتلك المحافل.
وانطلاقاً من كونها جزءاً من النسيج المجتمعى للوطن، تولى الوزارة أهمية كبيرة لدورها الاجتماعى والتكافلى لتكريس التلاحم الإنسانى بين الشرطة والمواطنين عبر تقديم مختلف أوجه الدعم لأهالينا من محدودى الدخل والتوسع فى استحداث مراكز تقديم الخدمات الأمنية الثابتة والمتحركة لإتاحة تلك الخدمات دون عناء وتقديمها لكبار السن وذوى الهمم بمقار إقامتهم واستحداث مراكز الخدمة السريعة التى تقوم باستخراج المحررات والأوراق الثبوتية لحظياً.
كما حققت مبادرة “جيل جديد”.. برعاية القيادة السياسية نتائج متميزة فى الارتقاء بالمستوى الثقافى والفكرى لبراعم المناطق الحضارية وثقته إشادات مؤسسات وطنية وإقليمية بتقديم (20) منحة دراسية جامعية مجانية للمتفوقين من طلاب المبادرة بعد أن لمست إدراكهم بأنهم لم يعودوا فئة مهمشة بل أصبحوا جزءاً من المستقبل الواعد لبلادهم.
الأخوة والأبناء.. أعضاء هيئة الشرطة:
تحية لكم لما تبذلونه من جهود صادقة وما تقدمونه من تضحيات مخلصة لتحقيق رسالة الأمن السامية التى أقسمتم على الاضطلاع بمسئولياتها من أجل الحفاظ على أمن الوطن وأمان شعبه العظيم.
واليوم ونحن فى رحاب تلك الذكرى الوطنية الخالدة، أتوجه بتحية اعتزاز ووفاء لأرواح شهدائنا الأبرار من رجال القوات المسلحة الباسلة والشرطة الأبية الذين جادوا بأرواحهم فى سبيل وطنهم مع تمنياتنا لمصابينا بالشفاء والعودة لصفوف الواجب.
السيد رئيس الجمهورية:
ما تشهده مصر من أمن واستقرار.. إنما هو ثمرة قيادة رشيدة وعزم صادق كى تحتل مصر مكانتها الرائدة بين الأمم رغم كل المتغيرات المتلاحقة إقليمياً ودولياً ولم يكن ذلك يتحقق إلا بالتمسك بما تنادون به سيادتكم بوحدة الصف وتماسك أبناء الوطن.. كتلة واحدة فى مواجهة التحديات.
ويجدد رجال الشرطة العهد لسيادتكم بأن يظلوا فى أتم الاستعداد والجاهزية ماضون بكل عزم وإصرار فى أداء واجبهم، مدافعين عن أمن مصر عازمين على توفير المناخ الآمن لشعبها من أجل مواصلة مسيرة التقدم والتنمية.
أدام الله تعالى.. على مصرنا الغالية نعمة الأمن والسلام وحفظكم سيادة الرئيس ورعاكم وسدد على طريق الحق خطاكم، إنه نعم المولى ونعم النصير.