قال الرئيس عبد الفتاح السيسى، أن قارتنا الأفريقية تملك من المقومات والموارد المتنوعة والموقع الجغرافى المتميز جنبًا إلى جنب مع ما لديها من إرادة سياسية ورؤية واضحة المعالم لتنفيذ الإصلاحات وإقامة مشروعات الربط والاندماج الإقليمى وتفعيل اتفاقية التجارة الحرة القارية، بما يؤهلها لأن تصبح أحد محركى النمو الاقتصادى العالمى ومن أبرز وجهات أنشطة الاستثمار، وهو ما يؤكده حفاظها على مدار السنوات الأخيرة على كونها واحدة من أسرع المناطق نموًا، واقتران ذلك بارتفاع معدل نمو التجارة البينية، وتنامى تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر.
جاء ذلك خلال كلمة الرئيس صباح اليوم بالعاصمة الألمانية برلين خلال القمة غير الرسمية للاستثمار فى أفريقيا.
وإلى نص الكلمة:
“السيدة أنجيلا ميركل المستشارة الألمانية،
أصحاب الفخامة رؤساء الدول والحكومات،
السيدات والسادة رؤساء الوفود،
يسعدنى أن أشارككم مجددًا فى هذا الاجتماع الهام، وأتوجه بالشكر للقائمين على تنظيمه، لما تمثله قضية جذب الاستثمارات من قاطرة لا غنى عنها فى تحقيق التنمية الشاملة المنشودة فى قارتنا الأفريقية، فهى تشكل جزءًا لا يتجزأ من مكونات الاستقرار نظرًا لأثرها الإيجابى والعابر لقطاعات الدولة لما يصاحبها من زيادة فى فرص التشغيل، ونقل التكنولوجيا، وبناء القدرات، فضلًا عن إضفاء طابع من الثقة إزاء حالة الاقتصاد ككل، وبما يعزز من مساهمة القارة فى سلاسل القيمة المضافة للعملية الإنتاجية على المستوى الدولي.
وفى الوقت نفسه، فعلينا إدراك أن هذا التأثير الإيجابى لا ينحصر فى المحيط الأفريقى فحسب، بل تمتد آثاره عبر البحر المتوسط لجوارنا الأوروبى، فى ظل تنامى الطبيعة المترابطة والمتشابكة التى باتت تتسم بها العلاقات الدولية على نحو غير مسبوق، وهو ما يفسر حرصنا جميعًا على التحاور وتبادل الآراء بشكل متواصل فى مختلف الأطر الدولية، مثل اجتماعنا اليوم، وبما يرسخ من مفهوم أن نهوض دولنا الأفريقية يحقق المنفعة المتبادلة بيننا.
وإذا كنا نتوافق على منطق التأثير المتبادل، فيجب أن نعى حجم ونطاق التحديات المحيطة بنا، ففى الوقت الذى تتزايد فيه حدة التوترات التجارية العالمية، وتتصاعد التوجهات الحمائية، وتتنامى المخاوف من مواصلة تباطؤ الاقتصاد العالمى، فإن دولنا النامية بالتأكيد، وخاصة الأفريقية منها، ستكون الأكثر تضررًا من استمرار هذه التطورات السلبية، لاسيما عند الأخذ فى الاعتبار التحديات القائمة فى الأساس مثل محاربة الفقر والأمراض المتوطنة والتصدى لظاهرة تغير المناخ وأعباء الدين والهجرة وغيرها، الأمر الذى يستلزم قيام المجتمع الدولى بتوفير كافة صور الدعم الممكن لدول القارة لمجابهة تلك التحديات.
وعلى الرغم مما تقدم، فإن قارتنا الأفريقية تملك من المقومات والموارد المتنوعة والموقع الجغرافى المتميز جنبًا إلى جنب مع ما لديها من إرادة سياسية ورؤية واضحة المعالم لتنفيذ الإصلاحات وإقامة مشروعات الربط والاندماج الإقليمى وتفعيل اتفاقية التجارة الحرة القارية، بما يؤهلها لأن تصبح أحد محركى النمو الاقتصادى العالمى ومن أبرز وجهات أنشطة الاستثمار، وهو ما يؤكده حفاظها على مدار السنوات الأخيرة على كونها واحدة من أسرع المناطق نموًا، واقتران ذلك بارتفاع معدل نمو التجارة البينية، وتنامى تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر.
السيدات والسادة،
إن التقييم الأمين للعلاقات المصرية الألمانية يجعل منها مثالًا يحتذى به للتنسيق والتشاور السياسى، ولبناء الشراكات الاقتصادية والتجارية القائمة على المصالح والمنفعة المتبادلة. فمن ناحية، توفر مصر فرصًا استثمارية هائلة جراء ما تحقق من نتائج مشهود بها على صعيد الإصلاح الاقتصادى، إضافة لما توفره كبوابة للنفاذ إلى قارات ومناطق أخرى، ومن ناحية أخرى، يعد الجانب الألمانى بما لديه من خبرات وقدرات مالية وتكنولوجية متميزة شريكًا استرتيجيًا موثوقاُ على أصعدة متعددة.
وتأسيسًا على ما تقدم، فهناك العديد من التجارب الناجحة التى تحققت ويمكن الاسترشاد بها لتكون حافزًا لقيام المزيد من الشركات بتوجيه استثماراتها للدول الأفريقية، وبحيث تضيف للتاريخ الطويل من الترابط القائم بين القارتين الأوروبية والأفريقية، والتى تشكل الاستثمارات الألمانية فى مختلف القطاعات الاقتصادية الأفريقية ركنًا أساسيًا منه، وهو ما نأمل أن تُفضى مخرجات اجتماعنا إلى تطويره والارتقاء به من خلال إجراءات عملية توفر التمويل، وتعرض فرص الاستثمار، وتحفز الشركات بشكل عملي. ولعل المبادرة الألمانية بإنشاء صندوق لتشجيع الاستثمار فى أفريقيا تعد بمثابة تطور هام نحو تحقيق هذه الغايات المشتركة.
السيدات والسادة،
فى الختام، أود تأكيد وجود قصص نجاح عديدة للشراكة بين ألمانيا ودول القارة الأفريقية، لا يوجد مجال للتطرق إليها تفصيلًا، وإنما يكمن المغزى فى الاسترشاد بعوامل وظروف نجاحها وجعلها حافزًا لمزيد من التعاون، بما يمثل تطبيقًا عمليًا لمنطق المنفعة المتبادلة.
وشكرًا.”