
شارك الرئيس عبد الفتاح السيسي اليوم، في قمة حركة عدم الانحياز عبر تقنية الفيديو كونفرانس، التي عقدت تحت عنوان “متحدون في مواجهة جائحة فيروس كورونا المستجد”.
وإلى نص الكلمة:
فخامة السيد الرئيس/ الهام علييف، رئيس جمهورية أذربيجان الشقيقة،
أصحاب الفخامة والسعادة والسمو،
السيدات والسادة،
أتوجه بالشكر والتقدير لكم، فخامة الرئيس، على مبادرتكم الكريمة بالدعوة لعقد هذه القمة الافتراضية فى توقيت بالغ الأهمية نواجه فيه جميعاً المخاطر والتهديدات المترتبة على جائحة فيروس كورونا المستجد “كوفيد 19”.
وانتهز هذه المناسبة للإعراب عن خالص التعازى لأسر ضحايا الجائحة فى كافة أنحاء العالم، وخالص الأمنيات بالتعافى والشفاء العاجل للمصابين، وعن بالغ تقدير بلادى للدور الذى يقوم به من يساهم من خلال عمله بالتصدى للجائحة وتخفيف آثارها التى تطال الكل، ومن ثم يتعين أن يتعاون الجميع فى التصدى لها.
كما أود أن أوجه التهنئة بحلول شهر رمضان المبارك، الذى يتعين أن نستلهم معانيه النبيلة فى التضامن والإخاء الإنسانى.
السيد الرئيس،
يشهد عالمنا اليوم أزمة صحية كارثية غير مسبوقة من حيث اتساع نطاق انتشارها، وجسامة تداعياتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فسياسياً طالت الجائحة دول العالم بأسره، ولم تفرق بين حدود سياسية أو قارات أو ثقافات، وامتدت آثارها لتشمل إرغام الدول على الانعزال وإغلاق الحدود.
واقتصادياً، قوضت الأزمة مكتسبات اقتصادية وتنموية محققة عالمياً، واجتماعياً، أثارت الجائحة عدة مسائل كانت محلاً لأنماط مختلفة من التطبيق من جانب الدول، وذلك على غرار الحظر الطوعى أو الإجبارى للمواطنين، فضلاً عن تحقيق التوازن بين الحفاظ على الصحة العامة ومنع المواطنين من الاختلاط من جانب، وبين عدم التعرض لخسائر اقتصادية لا تحمد عقباها، وخيارنا واضح، فلا بديل عن التضامن العالمى فى التصدى لتلك الأزمة إيماناً منا بوحدة الغاية والمصير، وهو ما تجسده قمتنا اليوم.
من هذا المنطلق، تؤكد مصر الحاجة – الآن أكثر من أى وقت مضى – إلى تفعيل آليات التضامن والعمل الدوليين من أجل الاستجابة الفاعلة والعاجلة لهذه الأزمة، ويتعين أن تلعب حركة عدم الانحياز دوراً جوهرياً فى هذا الخصوص، فحركتنا تتمتع بثقل دولى كبير كونها تضم ما يقرب من ثلثى دول العالم الأعضاء بالأمم المتحدة، وتمثل إطاراً هاماً وواسع النطاق لتنسيق مواقف الدول النامية إزاء مختلف القضايا السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية المطروحة على أجندة النظام الدولي، وهو الأمر الذى يعزز من قيمتها المضافة فى مواجهة انتشار جائحة فيروس كورونا.
انطلاقاً من ذلك، وبحكم كون مصر من الدول المؤسسة لحركة عدم الانحياز، تؤيد مصر أخذ الحركة زمام المبادرة فى تنسيق مواقف دولها فى التعامل مع جائحة كورونا فى إطار العمل الجماعى متعدد الأطراف، وفى هذا السياق اسمحوا لى أن أشارككم النقاط التالية:
أولاً: نؤكد أهمية ضمان توفير المستلزمات الطبية والوقائية اللازمة لتمكين دول الحركة من تعزيز قدراتها على الاستجابة الفعالة للجائحة، خاصة فى الدول الأكثر احتياجاً، وعلى رأسها الدول التى تمر بنزاعات أو خارجة منها.
ثانياً: لابد من تكثيف التعاون الدولى وتوفير التمويل اللازم والعمل على حشده، وذلك لأغراض البحث العلمى للإسراع من جهود تطوير دواء ولقاح لفيروس كورونا المستجد، مع ضمان نفاذ كافة الدول والمجتمعات إليه دون شروط أو تمييز.
ثالثاً: ضرورة تضافر الجهود الدولية لدعم الدول النامية وتقديم حزم تحفيزية لاقتصاداتها، تشمل تخفيف أعباء الديون المتراكمة عليها من خلال إعفائها منها أو إعادة جدولتها.
وأشير هنا إلى ما تواجهه القارة الإفريقية تحديداً من ضغوط وتحديات كبيرة فى هذا الصدد، كما أشير إلى المبادرات التى طرحناها من خلال الاتحاد الإفريقى لتخيف وطأة الأزمة على الدول والشعوب الإفريقية.
رابعاً: لا يمكن إغفال أهمية الاستفادة من الأدوات المتاحة لدى مؤسسات التمويل الدولية، وعلى رأسها البنك الدولى وصندوق النقد الدولى، لمساعدة الدول على الحد من الآثار الاقتصادية السلبية للجائحة، وإعادة تنشيط القطاعات الاقتصادية الحيوية فى بلدان الحركة.
خامساً: الحد من تأثير الجائحة على الأمن الغذائى ونفاذ المساعدات الإنسانية لشعوب العالم الأكثر احتياجاً من خلال استدامة سلاسل الإمداد العالمى للغذاء وفتح ممرات إنسانية، والموازنة بين القيود المفروضة على الحدود وبين نفاذ التجارة.
سادساً: تدعو مصر لإفساح المجال فى مناطق الصراعات للجهود الصحية والإنسانية للقيام بدورها فى القضاء على فيروس كورونا، والعمل على الاستفادة من تهدئة المواجهات فى تنشيط المسارات السياسية لإيجاد حلول مستدامة لتلك الصراعات، مع ضرورة أن يتم ذلك تحت مظلة الاحترام الكامل للقانون الدولى.
السيد الرئيس،
تضع أزمة جائحة فيروس كورونا المستجد آليات النظام الدولى المعاصر أمام اختبار حقيقي، وهو وضع يتعين معه ضرورة ترسيخ مبدأ التعاون والتضامن، ويتعين أن تواكب حركتنا الظروف والتحديات التى يشهدها عالمنا اليوم، بما يتطلبه ذلك من ضرورة استمرار الحركة فى تطوير آلياتها، وجعلها أكثر كفاءة فيما يتعلق بالتعامل مع التغيرات الكبيرة التى تشهدها الساحة العالمية.
وفى الختام، أود أن أكرر الشكر لكم فخامة الرئيس على عقد هذه القمة الهامة، مؤكداً على تأييدنا للإعلان الختامى الذى سيصدر عنها، ومتمنياً أن تكلل رئاستكم لأعمالها بالنجاح والسداد تحقيقاً للمقاصد والمبادئ التى أسست عليها حركة عدم الانحياز.