آراءمواطن مصري

نحو ميثاق شرف انتخابي| بقلم جورج عياد

لا صوت يعلو فوق صوت انتخابات مجلس النواب .. لعل هذه هي الحقيقة التي لا يمكن تجاهلها في مصر الآن، حيث تكاد لا تخلو نقاشات رجل الشارع العادي من ذكر ماذا يحمله البرلمان القادم من قرارات وإجراءات لتحسين أوضاع المواطنين وتطوير الجهاز الإداري للدولة بحيث يتم ايجاد تشريعات وحلول ذكية لأوضاع مزمنة طالما انتظرت الحل وباتت لا تحتمل التأجيل.

ومن خلال المعايشة اليومية لهذه الحالة الانتخابية في مصر وعلى مدار عقود طويلة ماضية فإن بعض المرشحين يسرفون في بذل الوعود والعهود لأجل الحصول على تأييد وأصوات من لهم حق الانتخاب، فتجد مرشح هنا يبالغ في رفع مستوى الطموحات إلى عنان السماء بحيث يظن أبناء دائرته أن حياتهم ستتحول بمقدار 180 درجة، وتفاجأ بمرشح هناك يعلن أنه يملك عصا سحرية لمشكلات وأزمات تستعصي على الحل .. فيما يلجأ مرشح ثالث إلى اختصار كل هذه الطرق بتقديم الأموال السخية لشراء الأصوات.

وفي واقع الحال فإن أياً من هذه النماذج لا يصلح لمقعد مجلس النواب .. فلا هو يستحقه، ولا مصر وشعبها يستحقون منه ذلك، فإذا كان بذل الوعود والعهود يعتبره الكثيرون أمراً هيناً .. فإن الوفاء بها هو المحك الحقيقي للصلاحية والجدارة بالمنصب، وهنا تبرز أهمية توافر صفة الصدق والأمانة في المرشح لانتخابات مجلس النواب بعيداً عن المتاجرة بأحلام وأوجاع البسطاء والمهمشين.

كما أنه، وللأمانة، يجب التسليم بحقيقة في غاية الأهمية بأنه حتى النوايا الحسنة وحدها لا تكفي لملأ هذا المقعد الذي يفترض أن يشغله أصحاب الخبرة ومن لديهم برامج واقعية من أجل التطوير وترسيخ دولة المؤسسات وتحسين أحوال البيئة المحيطة التي تشجع على تدوير عجلة الانتاج وجذب الاستثمارات الكبرى والضرب بيد من حديد على جميع مفاصل الفساد التي طالما حرمت البلاد والعباد من الإحساس بعوائد التنمية والمشروعات القومية.

وصدقاً أحدثكم .. لو كان الأمر بيدي لشرعت على الفور في تأسيس آلية عمل لتقنين أساليب الدعاية الانتخابية ووقف جميع الأساليب الرخيصة في التأثير على قرارات الناخبين وضبط واحضار كل أنصار توزيع “المال السياسي” بعد أن عانينا لسنوات طوال من ظاهرة شراء الأصوات بالزيت والسكر، ليس هذا فحسب .. بل يكون من صلاحيات هذه الآلية محاسبة المرشحين، حال فوزهم بالمقاعد النيابية طبعا، على وعودهم وتعهداتهم التي قطعوها على أنفسهم أمام أهالي الدائرة التي منحتهم أصوات أبنائها.

الخلاصة إذاً أننا جميعاً مسئولون عن تشكيل مجلس النواب القادم، وكلنا شركاء في اختيار الأصلح .. وعلينا أن نستدعي المصلحة الوطنية لمصرنا الغالية ونتخلى عن مطالبنا الفئوية .. فإن كان من حق كل ناخب أن يعطي صوته لمن يريد، فعليه أمانة في عنقه أن يراعي في هذا الاختيار أن يكون صالحاً بمعنى الكلمة وبالأفعال لا الأقوال فقط لشغر هذا المقعد .. فنحن أمامنا فرصة ذهبية لتشكيل حاضر ومستقبل بلدنا مصر، ولن تسامحنا الأجيال القادمة إذا أسأنا الاختيار.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى