نحو عداله بيئيه في مصر | بقلم د. منال متولى

إن شح الموارد المائية العذبة ليست مشكلة محصورة بمصر فقط ولكنهـا أصـبحت مشـكلة عالميـة سـوف تفـرض نفسها فـى السنوات القادمة لذا فان الحاجة ماسة لترشيد استخدام المتاح مـن الميـاه مـع إعادة استعمال المياه العادمة مثل مياه الصرف الصحى والصناعى بينما يتوقف نجاح إعادة استخدام المياه علـى مجموعـة مـن المعايير والضــوابط البيئية والزراعية التــى ترتبط بطبيعــة هـــذه المياه والهــدف مــن إعادة استخدامها، والذى يجب أن يجرى فى إطار يكفل حماية البيئة والأفـراد، ولا يخفى علينا أنه يجب متابعة الآثار البيئية لإعادة استخدام هذه المياه على مكونات المنظومة البيئية؛ وذلك من خـلال وضـع بـرامج متكاملـة للرصـد البيئـى للملوثـات وطرق المعالجة الحديثة يجب أن تأخذ فـى الاعتبار الـتخلص النهـائى مـن المواد الملوثة المذابة من المياه علاوة على البكتريا والفيروسات فى المياه الناتجة .
وقد أثبتت الدراسات عدم كفاءة هذه المحطات وقدرتها على إزالة مخلفات الصرف الصحى والصناعى وذلك حسب الخصائص الفيزيائية والكيميائية لهذه المواد، وأيضاً للتكنولوجيا المعالجة المعتمدة، حيث أن العديد من الدراسات أثبتت وجود هذه المخلفات في مختلف البيئات المائية ” في المياه السطحية والجوفية، وفي البحر، وفي مياه الشرب” يؤدي استعمال المياه المعالجة وغير المعالجة بشكل عشوائي إلى آثار بيئية ضارة على كل من التربة والمحاصيل الزراعية والمياه السطحية والجوفية والصحة العامة والبيئة بشكل عام، وقد تكون سامة للانسان والنبات والحيوان ومنها العناصر المعدنية الثقيلة، والمواد العضوية وغير العضوية وبخاصة عند وجودها بتركيز عالي تتراكم في التربة ثم تنتقل عبر السلسلة الغذائية إلى النبات والحيوان ثم إلى الانسان مسببة أمراضا خطيرة، كما تؤدي إلى تغيرات هامة في الخصائص الفيزيوكيميائية للتربة.
وفيما يلي بعض العناصر من الموجودة في مياه الصرف الصحي، البكتريا وهي الاكثر وجودا ولها القدرة الكبيرة على التكاثر والانتشار في البيئة ومن هذه البكتريا الاشرشيا الممرضة، السالمونيلا وهي كائنات حية دقيقة ممرضة للإنسان، تسبب مرض التيفوئيد والبكتيريا العنقودية والتى تسبب إسهال وآلم شديد في البطن كما تسبب الفيروسات الموجودة في مياه الصرف الصحي عدد من الامراض منها التهاب الكبدA وشلل الاطفال .
ولعل أكثر المخاطر الصحية والبيئية هي تلك المرتبطة بتلوث التربة والمياه والنباتات بالعناصر المعدنية الثقيلة، وهي تلك العناصر المعدنية التي تتميز بكثافة تزيد عن قيمة محددة 5-6 غ/سم3 والتي تصل إلى مياه الصرف الصحي من خلال صرف مخلفات الصرف الصناعي في مجرى الصرف الصحي الرئيسى، حيث أوضحت دراسات عديدة أن انتقالها من مياه الري الملوثة إلى النباتات يختلف باختلاف النباتات والظروف البيئية،
ولعل هذا الموضوع هو من أهم المواضيع التي يجب على الدولة أن توليها الاهتمام الاكبر والتركيز عليها كمصدر أساسى. فمياه الصرف الصحي المعالجة بتقنيات حديثة يمكن إعادة استعمالها في ري الاراضي الزراعية وفي الصناعة تحت شروط وضوابط معينة بدلا من تصريفها إلى المسطحات المائية مما يتسبب في مشاكل بيئية خطيرة تؤدي إلى اهدار مصدر مهم من مصادر الثروة المائية، حيث تشير نتائج الدراسات إلى إمكانية استعمال هذه النوعية من المياه بدرجات مختلفة في الزراعة، عند تطبيق إدارة سليمة واختيار المحصول المناسب بما يتناسب مع نوعية المياه المستعملة في الري وخصائص التربة الفيزيائية والكيميائية.
وأن التحاليل الكيميائية المتعددة أثبتت أن مياه الصرف الصحي المعالج تعد مصدرا هاما وجيد لرى العديد من المحاصيل والنباتات، وأن استعمالها بكفاءة عالية يسهم فى زيادة الرقعة للاراضى المروية فى المناطق الجافة وشبة الجافة وبالتالى زيادة الانتاج الزراعى مؤدية إلى زيادة دخل المزارع وتحسين مستوى معيشته .