ناصية الكلمة | بقلم د. روان عصام يوسف
من يمتلك ناصية الكلمة أي من يمتلك حسن الكلمات يستطيع أن يحقق الاهداف بأقل مجهود فيقول الله عز وجل في محكم تنزيله (وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ)، تعبيراً منه سبحانه وتعالى عن مدى أهميّة اختيار الكلمات والأسلوب المناسب للحديث، تفادياً لابتعاد الأشخاص ونفورهم، ومن هنا تبرز أهميّة الكلمة الطيّبة وتأثيرها الذي لا يقل عن تأثير السحر على النّفس والروح، ولا يمكن حصر الكلمات الطيبة التي يمكن أن يستخدمها الإنسان في التعبير عن نفسه وعن الأشياء، وفي إبداء رأيه وتعقيبه على الأمور، وفي الحديث مع الآخرين في شتّى الأمور وفي طلب الأشياء منهم، كما ويقول سبحانه وتعالى في هذا الصدد: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) .
إنّ صاحب الكلمة الليّنة الطيّبة يجمع حوله الكثير من الأخوة والأصدقاء والأحباب، ويرغب في قربه كافة الناس، كونه مصدراً للخير والتفاؤل، وبعيداً كل البعد عن البغض والمشاكل والخلافات، فلن نملك قلوب الناس إلابالكلمه الطيبه الصادقه التي تخرج من القلب وتستقر في القلب.
قد تكون كلمات بسيطه إلا أنها تبقى في القلب لها أثر طيب وقد تغير مجرى حياتك بالكامل، الكلمه الطيبه تقودك إلى قمة النجاح فكلنا محتاجين إلى شهد الحديث وإلى حلاوة الكلمه الطيبه.
فرسولنا صلى الله عليه وسلم أسس لنا نموذج فريد في إلقاء الكلمه الطيبه حيث انه كان ماشيا فرأى معاذ بن جبل ولقد شبك يده في يد معاذ وأخذا يسيران معا وقال له النبي صلى الله عليه وسلم “يا معاذ ” فرد عليه معاذ “لبيك يا رسول الله ” قال “يا معاذ إني أحبك، فلا تنسى أن تقول بعد كل صلاة اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ” لم يأتي بالأمر مباشرة ولا بزجر بل بتحبب بالكلمه الطيبه والفعل أنظر إلى صنيع رسولنا صلى الله عليه وسلم أخذ بيد معاذ وشبك يده بيد معاذ ثم أتى بالأمر ملك قلبه ثم أمره … أحبك يا معاذ كلمة لم ينساها معاذ علقة في ذهنه إلى أن فارق الحياه.
فالكلمة الطيبة صدقة والمعاملة الحسنة لا تحتاج إلى إمكانيات، بالكلمة الطيبة تستطيع أن تنال أكثر مما ترجو وتملك أعزّ شيء عند الآخرين .
الكلمة الطيبة لا تكلفك جهداً ولا مشقة وتستطيع أن تقولها في أي وقتٍ كان وبالكلمة الطيبة تروض الأعداء وتمتص حرارة الغاضب، لذا اجعل الكلمة الطيبة عنوانك.
فالكلمة الطيبة تعكس صورة رائعة عن الشخص، وعن خلقه ودينه وبلده، وتنشر مشاعر الألفة بين القلوب الغريبة، وتبعث طمأنينة في قلوب الأشخاص الّذين نراهم لأوّل مرة ويشعرون بغربة اتجاهنا.
فاذا امتلك ناصية الكلمة فقد إمتلكت خيرا كثيرا يوصلك لكل ماتريده، حاذر فالكلمةَ متى خرجت من اللسان سُجِّلت لكَ أو عليك؛ فإن كانت في خير أو معروف، فهي لك، وإن كانت في شرٍّ أو ضر أو أذًى من أي نوع كان، فهي عليك .
أختمُ كلامي بمقولةٍ للخليفة المأمون حيث قال: “نحن أحوج إلى أنْ نوعَظَ بالأعمال أحوجُ منَّا إلى أن نوعَظَ بالأقوال”، وصَدَق.
فالناصيه هي مقدمة الراس وان بها الجزء الذي يصدر منه القرار اي انه مصدر اتخاذ القرار اي انها مركز القيادة فمن صلحت عنده الناصية صلح عنده القرار واستطاع الوصول الي أعظم شأن وأفضل قرار.