ثقافة وفنونعاجل
ملف خاص في مجلة «الأهرام العربي» يواكب الذكرى الـ43 لرحيل «أم كلثوم»
تضمن العدد الجديد من مجلة “الأهرام العربي” ملفا بعنوان “أم كلثوم لا تنتهي”؛ في الذكرى الـ 43 لرحيل سيدة الغناء العربي التي تحل اليوم السبت.
وأعد الملف وأشرف على تحريره سيد محمود؛ مساعد رئيس تحرير المجلة، وينظر العدد لصوت أم كلثوم كمنتج خطاب متعدد الطبقات يقبل القراءات الجديدة.
وحسب تعبير محرر الملف، فإن من يعرف أم كلثوم جيدا يعرف أنها لا تنتهي، وحسب المجلة التي يرأس تحريرها الزميل جمال الكشكي، فإن العودة لتناول كوكب الشرق بعد 43 عاما علي رحيلها لا يعد نوعا من التقديس أو التكريس، فقد بلغت في هذا الإطار مكانة لم يبلغها أحد، لكنها لا تزال نصا ينتج خطابات متعددة، مفتوحا على جملة من التأويلات تتنوع بتنوع الظاهرة ذاتها.
ووصفت المجلة أم كلثوم بأنها ليست مغنية عادية، لكنها هي المرأة الاستثناء (عاشت نصف قرن وهي على الصفحة الأولى) كما وصفها مؤرخ سيرتها الكاتب الراحل محمود عوض.
ويرى الملف أن طوال قرن كامل تحولت “الست” لأحد أبرز علامات الحياة اليومية في مصر والعالم العربي، فقد تحملت عبء النهضة عبر صوتها، كما تخطت صورتها العصر الذي تمثله فأكملت معنى الأسطورة وأصبحت “أيقونة” تمثل الجمع المثالي للقضايا الكبرى.
وحسب سيد محمود فإنه قبل أن يأتي زمن “الفيسبوك” ومعنى التواصل الاجتماعي لعبت هي دور الوصل في سهرات الخميس الأول من كل شهر.
وقال محمود: “بالأوراق الرسمية تنتمي أم كلثوم للماضي، وبالحضور تنتمي إلى اللحظة التي لا تنقضي أبدا، وشأن كل تاريخ حي تستطيع أن تخطو معنا إلى الأمام وتقفز إلى المستقبل.
وحسب العدد: بفضل الوسائط التكنولوجيا الجديدة حظيت أم كلثوم بمتعة الولادات الجديدة ولم تخفها (ستاير النسيان)، فقد ساعدتها مواقع التواصل الاجتماعي على أن تولد دائما مع (سيرة الحب).
ولا أحد يعرف أين يكمن السر، أو أي قانون صاغ علاقة أم كلثوم بجمهورها، وكيف أصبحت هي المغنية الشعبية التي يمكن تعميم صوتها على الجميع؟
ومنحت السلطة الملكية لقب “صاحبة العصمة” لتتوج مسيرتها في الصعود الطبقي وفي التحقق، رأى بسطاء الناس أنها “الست” وينبغي أن تبقى كذلك.
وبين مفارقة كامنة في التناقض الظاهر بين اللقبين عاشت أم كلثوم وتمتعت بالدلالة القاطعة لهما، وصارت عنوانا للقوة والدلال.
ويتأمل الملف صور “الوصل” مع سيدة الغناء عبر قراءات متنوعة لحضورها في الذاكرة، تجمع بين أكثر من جيل وأقلام تمثل حساسيات مختلفة في التعامل مع الأسطورة الخالدة.
ويضعنا القاص والباحث شريف صالح أمام مجموعة من التساؤلات بشأن مأزق تلقي أم كلثوم بأمل فك شفرات النص الكلثومي، وبالمثل يمضي الدكتور وليد الخشاب نحو قراءة تجمعها مع المغنية الفرنسية إديث بياف انطلاقا من ذكرى مرور خمسين عاما على الحفل الذي أحيته أم كلثوم في مسرح “الأولمبيا” الشهير في باريس، منتهيا إلى الاقرار بالنشوة الروحية التي يعيشها الجمهور في حضرة الست.
ويكتب عدد من المبدعين عن تجاربهم في الارتباط بأم كلثوم في طقوس “السماع” وحالاته، ويركز الكاتب نعيم صبري على ذكرياته في قاهرة الستينيات وعلاقة أم كلثوم باللحم، في حين يمسك الشاعر الجزائري صلاح باديس بمفارقة تخص الجزائر بلده الذي لم تقم أم كلثوم بزيارته لكنه أوجدها في المكان، ردا على هذا الغياب.
ويتعامل الكاتب اليمني جمال جبران المقيم في بيروت مع صوتها كوطن بديل، أما الكاتبة والمترجمة العمانية ريم داوود تربط بين سيرتها الشخصية وسيرة عائلتها في ظلال هذا الصوت، ربطا ذكيا لا تغيب عنه قسوة التحولات التي عاشتها المنطقة العربية.
وتختار الكاتبة الإماراتية الكبيرة عائشة سلطان أن تؤرخ للتحولات في إمارة دبي من خلال حضور هذا الصوت الاستثنائي، وفي حين يتمرد الشاعر البحريني الكبير قاسم حداد على تلك التجربة الطاغية، بتعبيره، تستسلم القاصة المصرية الشابة هند جعفر للصورة التي شكلها يوسف شاهين لهذا الصوت، وتكشف كيف تلاعب المخرج الإشكالي بالمادة الأرشيفية ليحفر في ذاكرتها خطا تتبعه الكاتبة برهافة.
ويستعرض مصطفى طاهر، في حواره مع المغترب عيسى متري، عينة من الجهود التي استهدفت الحفاظ على تراث أم كلثوم وإتاحته عبر الوسائط الجديدة، ويحاور شريف صالح اثنين من أهم مثقفي الكويت؛ الأول سعود صبيح السلطان الذي يروي جوانب من تجاربه في حضور حفلات أم كلثوم وذكرياته عنها، والثاني عبد الله عقيل الذي تحمل عبء إصدار أكبر موسوعة حول صوت أم كلثوم.
وعلى طريقتهما كعشاق للإذاعة يتخيل الإذاعي علاء أبو زيد اللحظة التي يمكن لثومة أن تكون معه في ستديو التسجيلات، واختار المذيع أحمد خير الدين أن يتأمل المقدمات الإذاعية التي كانت تمهد لحفلاتها وتشرحها متوقفا أمام كل صوت ومميزاته من وجهة نظره.
ويعود الكاتب ياسر عبد اللطيف لتأمل علاقة رياض السنباطي مع أم كلثوم، منتهيا إلى أن هذا الصرح المشترك كان بحاجة لحب غير معلن يتقصى أسبابه بجلاء، ومن جهته يتوقف الشاعر والمؤرخ الفني محب جميل أمام قدرات “ثومة” في حسم المنافسة مع مطربات عصرها، سيما فتحية أحمد ومنيرة المهدية.
ويحاول معتز أحمد فهم إصرار إسرائيل على أن يكون صوت أم كلثوم موضوعا للصراع طالما أنه كان أحد عناوين الهوية العربية.
ومن زاوية بصرية تماما يقدم السينمائي حسام علوان مدخل استيلاء أم كلثوم على الذاكرة انطلاقا من رصد بياني لصورها في مراحل زمنية مختلفة، ويختتم الناقد التشكيلي ياسر سلطان بتتبع التصورات التي حكمت تعامل التشكيليين مع أم كلثوم بين حمى الاستعمال التجاري والسعي لتأكيد حضورها كأيقونة تقاوم الزوال.