مغامرات أردوغان العشوائية تسببت في انهيار اقتصاد تركيا
تنبأت مؤسسة أعمال بريطانية مرموقة، قبل شهور، أن يكسر الدولار حاجز الثمانية ليرات تركية.
صرخ محلل مالي مقرب من صانع القرار في العاصمة أنقرة وقتها وقال، “هذا ضربٌ من الخيال”.. على هذا التنبؤ ولم ينس بطبيعة الحال أن يكرر ما اعتاد “قائده” على ترديده من عبارات المؤامرات الدولية التي تحاك ضد ” تركيا الناهضة “، وتبا لها فلن تنال مقصدها أبدا فالاقتصاد الأناضولي سيظل قويا وشامخا.
ومرت الأسابيع والغيوم الكثيفة تدق عنق الليرة بقسوة وتدفعها دفعا إلى المجهول من فرط ترنحها.
واليوم الخميس ومع اقتراب إغلاق أسواق الصرف وصلت إلى أدني مستوياتها على الإطلاق لتقرب من 7.93 مقابل العملة الخضراء، ولأنه لا يوجد في الأفق ما ينبأ باستقرار قريب قادم، فمن المحتمل أن يهل الأسبوع الجديد ( اعتبارا من الإثنين ) وقد وصلت إلى الرقم 8 .
وعلى الرغم من ذلك، فإن حزب العدالة والتنمية الحاكم والذي يقوده الرئيس رجب طيب أردوغان ما زال في حالة إنكار لمشاكل البلاد.
الطريف أنه في الوقت الذي تمر فيه بلاده بأزمة عملة فضلا على تلقي اقتصادها السياحي ضربة أخرى نتيجة الموجة الثانية لتفشّي كورونا في أوروبا، راح بيرات البيراك وزير المالية والخزانة والذي هو أيضا صهر أردوغان يؤكد أن اقتصاده سيتعافى تمامًا العام المقبل وسينمو بمعدل 6 بالمائة تقريبًا في تزوير فاضح للمعلومات الحقيقية المُتعلقة بهذا الشأن.
وقال “بيرول إدمير” المسئول السابق لمكتب الإحصاء التركي والمعارض السياسي حاليا، إن البيانات الاقتصادية الرسمية الأنية “منفصلة عن الواقع” حيث يتم اختيار مسئولي المكتب بحسب معيار الولاء للحكومة وليس على أساس الكفاءة والأستحقاق .
وهذا ما شدد عليه من كان حليفا حتى الأمس والمعارض بقوة اليوم أنه الاقتصادي البارز ” علي باباجان ” زعيم حزب التقدم والديمقراطية المعروف اختصارا ديفا ( أي الشفاء ) عندما قال إن هذا النظام لا يمكنه إدارة الدولة التي باتت غير قادرة على سداد ديونها لشركات توريد الأدوية والمستلزمات الطبية؛ لأن موازنتها في مرحلة الإفلاس ومع ذلك يُصر على إنفاق الأموال ببزخ على الترف والرفاهية.
وأوضح قائلًا: “الدول الأخرى تقدم الدعم للمؤسسات الصغيرة، ولكن نحن نؤجل مشكلاتهم بقروض صغيرة. بل ونضيف عليهم الفوائد”. ثم أضاف مستطردا ” لقد قضيتم على الكفاءات في المؤسسات”.
وفي تصريحات منفصلة لصحيفة سوزجو قال ” إدمير” إن البيانات الوطنية الخاصة بالنمو والوظائف والتضخم “مشكوك فيها” للغاية.
أردوغان لا يعير تلك الانتقادات أدني اهتمام فحكومته ستواصل تشجيعها على ازدهار الاقتراض من قبل الشركات والمستهلكين معا، ولا يهم أن أدّت هذه الإجراءات إلى ازدهار الواردات وهو ما يعني عمليا اتساع عجز الحساب الجاري وهذا من شأنه تعظيم الشكوك في السياسات المطبقة يضاف اليها احتمال تلقيها عقوبات مزدوجة من واشنطن وذلك علي خلفية الأنباء التي قالت إن أنقرة ستختبر قريبا منظومة الدفاع الجوي الروسية إس-400 والأخري من الاتحاد الأوروبي لسياستها الاحادية في شرق المتوسط.
الأخطر أن تركيا ستكون من بين أوائل الدول التي سوف تتخلف عن سداد ديونها الخارجية إذا ما ساءت أوضاع السيولة العالمية فبحسب خبير فالشركات والبنوك التركية سوف تواجه قريبًا مشاكل في سداد حوالي 300 مليار دولار من الديون المتراكمة عليها بسبب ضعف الاقتصاد والعملة.
والسؤال من يتحمل ذلك الوزر (والحقيقة هي جملة أوزار مرعبة) ؟ أنه المواطن البسيط الذي لا حول له ولا قوة، ضحية السياسات العشوائية والمغامرات ال أردوغان ية الطائشة ، التي لم تكتف بوأد أحلام الداخل وجعله على حافة الانهيار، بل ذهب بأساطيره العثمانية وشعاراته الشعبوبة القومية النارية مستنفزفا ملايين الدولارات من احتياطات البلاد، إلى ما وراء حدوده في مسعي لبسط هيمنة ،لم يطلبها شعبه، على الاخرين، تعيد مجد إمبراطورية غابرة!!
المذهل في الأمر أن البيراك أعلن بلا خجل أو مواربة أنه لا يهمه ارتفاع الدولار طالما الصناعة مستمرة، متناسيا عن عمد أن هناك 16 مليون عاطل يبحثون دون جدوي فأصحاب الأعمال الصغيرة والمتوسطة يفلسون وصغار التجار يغلقون متاجرهم.