معرض الشارقة الدولي للكتاب يناقش أدب السيرة الذاتية
استضاف ملتقى الكتاب في معرض الشارقة الدولي للكتاب كلًا من الروائي الجزائري الدكتور واسيني الأعرج، والروائي الكويتي الشاب سعود السنعوسي في ندوة تحت عنوان “نقوش”، تناولت أدب السيرة الذاتية وقدرته على تأريخ وجود الكاتب في الحياة، وسرد تفاصيل كانت أبعد ما يكون عن متناول القارئ.
وطرحت الندوة التي أدارتها الإعلامية المصرية دينا قنديل، عددًا من التساؤلات، منها هل السيرة الذاتية نسيج لغوي طيع يشبه الرواية؟ أم أنه واقع سردي أراد له الكاتب أن يصير نصًا متدفقًا من الصور المترابطة معًا لتشكل مسيرة حياة مليئة بالتفاصيل؟
وحسم الروائي الجزائري، الجدل حول السيرة الذاتي، بمداخلة له أشار فيها إلى أن السيرة الذاتية للأديب هي نوع إشكالي، لأن لا قارئ محدد له، ولا شواهد عليه، واصفًا إياه بالفضفاض قوله:” هذا النوع من الأجناس الأدبية لديه خصائص مشتركة بين جميع الكتابات الأخرى، ويمكن لأي كاتب أن يكتب السيرة لكن ليس من السهل أن نطلق عليه لقب أديب، وهنا تكمن نقطة الحسم”.
وأضاف:” السيرة الذاتية هي ترميم لثقوب الذاكرة، وأهم ما يكمن فيها هو اعتراف الكاتب منذ البداية بأنه يكتب سيرته الذاتية دون اختباء أو خوف، لكن الأهم هو الصدق، وأن يسرد الكاتب ما حدث في حياته وكأنه أمام مرآة، وأسوء ما في السيرة أنك تشعر وأنت تبدأ في كتابتها وكأنك تقف أمام الموت الذي تتلمس خطواته بداخلك وهي تقترب، لكنك تقوم بهذا الفعل الأدبي كونك لا تريد أن يكتب آخرون سيرتك”.
وتابع الأعرج:” على الكاتب الذي يخوض في كتابة سيرته أن يتحمل المسؤولية كاملة عن هذا النوع من الكتابة، كون السيرة في ظروف ما يمكن لها أن تقتل صاحبها، وهذا ما حصل مع عدد من الأدباء الذين ارتطموا في واقع الحال بحقيقة مجتمعاتهم فالمجتمعات العربية لا حرّية للرجل فيها فكيف المرأة، ومن يريد أن يكتب سيرته عليه أن يعيش في مجتمع يراعي الحرية بأبسط تجلياتها”.
ومن جانبه أشار الكاتب الكويتي سعود السنعوسي إلى أنه من المبكر أن أتحدث عن سيرتي الذاتية، لكن كل كاتب يكتب سيرته الذاتية بشكل أو بآخر ولا يوجد كتاب يخلو من سيرة ذاتية، لافتًا إلى أنه لو أتيح لي أن أكتب عن ذاتي سأتناول أيام الطفولة وهذا أمر خطير.
وقال السنعوسي في مداخلته:” السيرة موزعة في أعمال الروائي شاء أم أبى، لكن هناك تفاصيل كثيرة أنت بحاجة لقولها وتقف حدود الرواية في بعض الأوقات عائقًا أمام هذه المحاولات، ولو جانبها شيء من حياتك الشخصية، وإذا جاء يوم وبدأت فيه بكتابة السيرة فهي ستكون بمثابة المحاولات للحفاظ على تفاصيل ذاكرتي لكن التحدّي هو أن تقدّم نفسك للكاتب بأخطائك لكن إلى أي درجة يمكن لك أن تحقق هذا التحدي؟”
وأضاف:” كاتب السيرة يريد أن يتخلص من ذاته، أن يضعها في كتاب ويتركها عرضة للخلود في كثير من الأوقات كي لا تتسرّب إلى العدم،
وعلى جانب آخر هي محاولة للتقرّب من أناس أحببناهم بشكل مباشر وغابوا”.
ولفت السنعوس إلى أن قراءة السير الذاتية سيما للمؤلفين والأدباء هو بمثابة البحث عن مفاتيح الحكايات التي صاغوها، مدللًا على ذلك قوله:” قراءة السير الذاتية لأعلام الأدب هي أن تفتح خزانتهم الشخصية وتبحث عن ملابسهم ومقتنياتهم وحكاياتهم، ودلتني الكثير من السير على أصل المعنى الذي أراد إيصاله كاتب ما، لأشعر أنني أمام حياة تجمّدت في الزمن”.