
تبنى مجلس الأمن الدولي أمس بصعوبة، قرارًا يردع للمرة الأولى، الانتهاكات الجنسية التي يرتكبها جنود قوات الأمم المتحدة، الأمر الذي تكرر خصوصًا في جمهورية إفريقيا الوسطى والكونغو الديمقراطية.
والقرار الذي اقترحته واشنطن وهو الأول من نوعه، نص على إعادة وحدات بأكملها إلى أوطانها في حالة الاشتباه بارتكاب انتهاكات أو استغلال جنسي، وفي حالة عدم اتخاذ بلد ما أي إجراء ضد جنوده المذنبين، يمكن استبعاده تمامًا من عمليات حفظ السلام.
وكان القرار الأمريكي أثار منذ طرحه، تحفظات من جانب العديد من الدول بينها روسيا والسنغال ومصر.
وأقر القرار بـ14 صوتًا، وامتناع عضو واحد (مصر)، وذلك بعد رفض المجلس تعديلًا مصريًا.
♦ مصر تمتنع عن التصويت
تم رفض القرار من أربع دول هي روسيا والصين وفنزويلا وأنجولا أيدت للوهلة الأولى التعديل المصري، قبل أن تتحول لتأييد المشروع الأمريكي.
وقالت مصر، إن القرار يفرض عقوبات جماعية على جرائم يرتكبها بضع عشرات من الخارجين عن النظام، بحسب وكالة «فرانس برس»
واعتبر السفير المصري عمر عبداللطيف أبوالعطا، أن المقاربة التي يقوم عليها القرار قد يكون لها أثر خطر على معنويات القوات وتلطيخ سمعة بلدان تمد الأمم المتحدة بجنود لقواتها.
أما الجانب الروسي فأعرب على لسان بيتر إلييتشيوف، نائب المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة، عن رفضه للوثيقة.
وأشار إلييتشيوف “إلى أن القرار لا تشمل موظفي الأمم المتحدة المدنيين والقوات الأجنبية غير الأممية”.
اعتبر مساعد السفير الروسي بيتر اليشيف، أنه “يتعين الاستماع لصوت الدول المساهمة بقوات وعدم تأليب مجلس الأمن ضد هذه الدول”، مؤكدًا أن الأمر ليس من اختصاص مجلس الأمن.
في المقابل،واعتبرت السفيرة الأمريكية، أن التعديل المصري كان سيسيء للهدف من هذا القرار، وهو “التصدي لسرطان الانتهاكات والاستغلال الجنسي الذي يقع ضحيته أناس منحوا ثقتهم لراية الأمم المتحدة”.
وفي النهاية تم أقر القرار بـ14 صوتًا، وامتناع عضو واحد مصر، وذلك بعد رفض المجلس تعديلًا مصريًا.
♦ اعتداءات واستغلال جنسي من قبل قوات حفظ السلام
دخلت الأمم المتحدة دائرة الضوء لشهور على خلفية مزاعم اغتصاب الأطفال على أيدي قوات حفظ السلام، لاسيما تلك المتمركزة في جمهورية إفريقيا الوسطى والكونغو.
وكشف التقرير الأممي الذي قدم يوم الـ 4 من مارس أن الأمم المتحدة تلقت 69 شكوى عن الاستغلال والاعتداءات الجنسيين من قبل عناصر قوات حفظ السلام الأممية في 10 بعثات تعمل في دول مختلفة.
وأشار التقرير إلى أن 23 من هذه الجرائم الجنسية،ارتكبت بحق قاصرين، وفقا للشكاوى.
ويصادق القرار الذي صاغته الولايات المتحدة على خطة الإصلاح التي يرفعها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، لاسيما قراره إعادة وحدات الجيش أو الشرطة “عندما يكون هناك دليل موثوق على استغلال جنسي واسع النطاق أو ممنهج أو أي اعتداء جنسي”.
وتنسب الاتهامات بارتكاب الجرائم الجنسية إلى موظفين أمميين من المغرب وكندا وألمانيا وسلوفاكيا ومولدوفا والكاميرون وجمهورية الكونغو ورواندا وتنزانيا وإفريقيا الوسطى والغابون وبنين وبوروندي وغانا وبوركينا فاسو والنيجر ونيجيريا وتوغو ومدغشقر.
ووردت 22 من أصل 69 شكوى على تصرفات القوات الأممية العاملة في جمهورية إفريقيا الوسطى، فيما تلقت المنظمة الأممية 16 شكوى على قواتها في جمهورية الكونغو الديمقراطية و9 شكاوى على قواتها في هايتي.
♦ نص القرار ضد انتهاكات قوات حفظ السلام
ينص القرار الأممي، الذي يحمل رقم 2272، على استدعاء وحدات الشرطة أو القوات العسكرية من تشكيلة البعثات الأممية في حال وردت أدلة مؤكدة تثبت وقائع ارتكاب الجرائم الجنسية من قبل عناصر هذه الوحدات.
ويقضي القرار باستبدال جميع الوحدات العسكرية، التي قدمتها دولة أثبت أن مواطنيها المشاركين في البعثات الأممية تورطوا في ارتكاب جرائم جنسية، وذلك في حال عدم إجراء سلطات هذه الدول تحقيقات مناسبة وعدم جلب المسؤولين إلى القضاء.
كما يشير القرار إلى أن تقدير الإجراءات، التي ستتخذها سلطات الدول المشاركة في البعثات الأممية بحق مواطنيها المتهمين بارتكاب جرائم جنسية، سيقوم به الأمين العام للأمم المتحدة.
وطالب القرار استبدال الوحدات عندما لا يتم التحقيق على نحو صحيح في المزاعم، وإذا لم تتم محاسبة المتورطين وإذا لم يبلغ الأمين العام بسير التحقيقات والتقدم المحرز فيها.
وخطوات الأمم المتحدة لم تسفر بعد عن النتائج المرجوة، إذ سجلت أمانة المنظمة منذ بداية العام الجاري 26 حالة مفترضة للاستغلال والاعتداءات الجنسيين، منها 22 في جمهورية إفريقيا الوسطى وحدها.
وسبق أن وزعت الولايات المتحدة الأسبوع الماضي بين أعضاء مجلس الأمن الدولي مشروع قرار يقضي بإشراك المجلس في مكافحة هذه الظاهرة، فيما دعت المندوبة الأمريكية الدائمة لدى الأمم المتحدة سمانثا باور الخميس جميع أعضاء المجلس إلى دعم المشروع.
♦ «بان كي مون» : الجرائم الجنسية تحمل طابعاً عالمياً
وأكد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي الخميس الماضي أن قضية الجرائم الجنسية التي ترتكبها قوات حفظ السلام بحق المدنيين الأبرياء تحمل طابعاً عالمياً ولا تقتصر على بعثة أو منطقة بعينها.
وشدد «بان كي مون» في كلمة له على أن “قضية الاستغلال الجنسي والاعتداءات الجنسية من قبل موظفي الأمم المتحدة تتطلب إجراءات حاسمة وجريئة”، بحسب ما ذكرت «روسيا اليوم»
وأشار الأمين العام للأمم المتحدة إلى أن التصرفات غير المناسبة لـ”أصحاب الخوذ الزرق” لن تبقى دون العقاب.
وأفاد «بان كي مون» الأمم المتحدة بدأت من جانبها باتخاذ خطوات ملموسة في إطار الرد على هذه الجرائم، بما فيها استعادة الوحدات العسكرية التي يشتبه في أن عناصرها ارتكبت جرائم جنسية، بالإضافة إلى إقالة العسكريين الذين يتحملون المسؤولية عنها.