مصر الكنانة .. لماذا !| بقلم د. ضحي اسامه راغب

قال فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوى – رحمه الله – عن مصر: مصر الكنانة .. مصر التي قال عنها رسول الله “صلى الله عليه وسلم ” أهلها فى رباط إلى يوم القيامة .. مصر التي صدرت الإسلام للدنيا كلها .. هي التي صدرت لعلماء الدنيا كلها علم الإسلام، صدرته حتى للبلد التي نزل بها الإسلام.
يتلخص معنى الكنانة في أمرين وهما معنى الماء والحماية، وذلك دليل على أنّ مصر دولة حماها الله سبحانه وتعالى وحفظها، فهي شهدت أعظم الحضارات التي وجدت على سطح الأرض، والتي منها الحضارة الفرعونية، فهي التي قامت ببناء مصر وأهراماتها، وما زالت هذه الأهرامات موجودة إلى يومنا هذا لتكون دليلاً واضحاً على عظمة هذه الحضارة وقوتها، واشتهرت أرض الكنانة بوجود السلاح على أرضها، لحمايتها وحماية شعبها، من أي مخاطر أو أعداء قد يتربصون لها، وكانت بداية لانطلاق الفتوحات الإسلامية، وقد لاقت هذه الفتوحات نجاحاً كبيراً، وتمكنت من نشر الدين الإسلامي في مصر والمناطق الأخرى.
يعود معنى أرض الماء إلى وجود نهر النيل الموجود على أرضها، وهي من الدول التي تطل وتشرف على البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر، لذلك أطلق عليها أرض المياه لإحاطتها بالمياه من جميع الاتجاهات، فجميع أراضيها بدون استثناء أراضي ذات خصوبة عالية وتتميّز بخيراتها الكثيرة.
تعتبر أرض الكنانة مصر من الدول التي دخلها العديد من الأنبياء الذين يدعون إلى توحيد الله سبحانه وتعالى، ومن أهمّ هؤلاء الأنبياء سيدنا يوسف عليه السلام، عندما عاش فيها وعمل كوزير لرعاية شؤونها، بعد قيامه بتفسير رؤية لملكها حماها من الوقوع في الهلاك والمجاعات لسنوات طويلة، ومن الأنبياء الذين دخلوها أيضاً سيدنا موسى عليه السلام، عندما بعث لأحد ملوك وحكام مصر وهو فرعون، ليدعوه إلى عبادة الله تعالى وتوحيده، إلا أنّه أبكى واستكبر وأعرض عن توحيد الله تعالى، وكان جزاؤه هو وقومه الغرق والهلاك.
كما يقول مجموعة من العلماء الذين درسوا الاشتقاق اللغويّ: إنّ اسم كِنانة جاء من لفظ المكنون أو المُحصن، وهو الاسم الذي يعبر عن أنّ مصر بلد حباها الله وميّزها بطبيعة آمنة، أمّا الحديث الوارد عن الرسول عليه الصلاة والسلام فهو: (مِصرُ كنانةُ اللهِ في أرضِهِ، ما طلبَها عدوٌّ إلا أهلكَهُ اللهُ)، فهو حديث لا أصل له؛ حيث قال شيخ الإسلام ابن تيمية: إنّ هذا الحديث مأثور، ولكن لم يُعرَف إسناده، أمّا بدر الدين الزركشي فلم يجده، وقال السخاويّ: إنّه لم يرَ هذا الحديث بهذا اللفظ في مصر، وقال السيوطي: إنّه لا أصل له، وكذلك قال عنه الألباني رحمهم الله جميعاً .. يا أرض مصر فيك من الخبايا والكنوز، ولك البر والثروة، سال نهرك عسلا، كثر الله زرعك، ودر ضرعك، وزكى نباتك، وعظمت بركتك وخصبت، ولا زال فيك يا مصر خير ما لم تتجبري وتتكبرى، أو تخوني، فالميم فيك يا مصر محفوظة من الله، والصاد صانعة الحياة، والراء راكعة ساجدة دومًا للإله، من أرادك يا مصر بسوء قسمه الله..
تحية من شعب مصر إلى كل شهيد ضحى بروحه من أجل أن تحيا مصر حرة أبية.