مصر التي في خاطري.. وفي قلبي| بقلم جورج عياد
مع انطلاق ماراثون الاستحقاقات النيابية في مصر، والتي بدأت بمجلس الشيوخ، يليها انتخابات مجلس النواب ثم المحليات ترسخ الدولة المصرية مبادئ إقامة المؤسسات التشريعية والتنفيذية .. وهي الضمانات الأساسية لأي مجتمع يسير على خطى تحقيق النهضة الشاملة والتنمية المستدامة بعيداً عن دولة الفرد التي طالما حرمت البلاد من فرص حقيقية للارتقاء والتطور.
وخلال هذه الإجراءات تتعاظم آمال وطموحات ومطالب المواطن المصري في تشكيل مجالس نيابية واعية ومخلصة وذات كفاءة تتناسب مع طبيعة المرحلة الحاسمة التي تمر بها مصر والمنطقة العربية بل والعالم أجمع من تحولات وتحديات سياسية واجتماعية واقتصادية بل وصحية ربما لم تجتمع في وقت واحد كما هي الحال عليه الآن.
وهذا بطبيعة الحال يستلزم توافر بعض المقومات والصلاحيات في كل فرد يتقدم لخوض غمار هذا التنافس الذي يختلف بلا أدنى شك عن أي تسابق آخر .. ومن الخطأ بمكان اعتماد المرشح هذا أو ذاك على مساحة نفوذ يسعى لاستغلالها أو أموال يظن أنها ستكون الجسر الذي يعبر من خلاله إلى المقعد النيابي، فالرهان على هذه أو تلك هو رهان خاسر في جميع الأحوال، وبكل أسف يدفع ثمنه الوطن قبل المواطن.
فلابد من تغليب صالح مصر فوق أي اعتبار، ولا بد أيضاً من تنحية جميع الأغراض الشخصية والمكاسب الخاصة جانباً وتقديم مصلحة البلاد والعباد على ما دونها من مآرب أخرى، وهذا في واقع الأمر يستوجب رفع درجة الوعي لدى الناخبين بعدم الانسياق وراء دعايات انتخابية فارغة تدغدغ الأماني البعيدة وتعزف على أوتار تحقيق الفائدة الشخصية.
ومن هنا أيضاً .. وجب التأكيد على ضرورة وجود برامج انتخابية وطنية وطموحة تنطلق في الأساس من إدراك شامل ووعي غير منقوص بعوامل الارتقاء بجميع أجهزة الدولة لتكون مؤهلة على أفضل ما يكون لتلبية احتياجات المواطنين في توفير سبل المعيشة الكريمة والقضاء على الظواهر السلبية التي تخصم من رصيد أي مشروعات قومية أو جهود مبذولة لإصلاح ما أفسدته عهود سابقة من رشاوى وشراء ذمم وأصوات، وهو ما سعت الدولة المصرية للقضاء عليه بعد ثورة 30 يوليو المجيدة فالآن بمقدور كل مصري الإدلاء برأيه بمنتهى الحرية واختيار من يرى أنه بحق خير من يمثله.
المطلوب إذاً تضافر الإرادة الجمعية لأبناء الشعب المصري على أهداف وطنية عنوانها الأساسي نهضة مصر ومواجهة التحديات وإيجاد حلول ذكية للمشكلات المزمنة، وهنا تتحقق عدة فوائد لعل في مقدمتها تأسيس دولة قوية وقائمة على تساوي الفرص بين جميع شرائح المجتمع وعدم التمييز على أساس نوعي أو ديني أو طبقي .. فهذا هو الميراث الثمين الذي نتركه للأجيال القادمة ويجني ثماره الجيل الحالي.
فيا عزيزي المواطن .. أنت الآن مالك ناصيتك وقرارك، فكن أميناً مع نفسك ولصالحك قبل أي شيء .. واختيارك للعناصر الصالحة حق وواجب وطني لابد أن تمارسه وتؤديه، واعلم جيداً أن صوتك اليوم سيصنع لك ولأبنائك مستقبل الغد .. والكرة الآن في ملعبك .. قل كلمتك بحرية واختار أفضل من يمثلك ولا تنخدع في الوعود الزائفة أو زرف الأموال على شراء الذمم والأصوات .. لأنك ستدفع الثمن باهظاً أنت وأولادك بل وبلدك.