افتتاحية بروباجنداتحقيقات و تقاريرتقاريرعاجل

مصر أولى بأموال الحج والعمرة .. مبادرة بروباجندا لدعم الاقتصاد الوطني

افتتاحية بروباجندا

أصدرت المملكة العربية السعودية منذ ساعات قراراً سيادياً بوقف إصدار تأشيرات العمرة وذلك على خلفية الذعر الذي يجتاح العالم بسبب انتشار فيروس كورونا المدمر وانتقاله من موطنه الأصلي بمدينة ووهان الصينية إلى عدة دول خليجية في مقدمتها الكويت بخلاف التفشي المريع في إيران وظهور عدة حالات في العراق بالإضافة إلى عدة دول أوروبية وأمريكا.

جدل خطير

ومنذ إصدار الرياض لهذا القرار لم تتوقف حالة الجدل، فالبعض أبدى غضبه واعتبر هذا الإجراء صد عن زيارة بيت الله وشد الرحال إلى الأراضي الحجازية المقدسة وينتمي لهذا الفريق أولئك الذين أعدوا العدة لأداء مناسك العمرة أو الحج هذا العام.

أما الأراء السديدة المتأنية فقد استحسنت هذا الإجراء الاحترازي وأثنت على ما قامت به المملكة من تغليب المصلحة العامة والحفاظ على أمن وسلامة وأرواح زوار بيت الله العتيق واتباع القاعدة الفقهية التي تؤكد أن درأ الضرر مقدم ألف مرة على جلب المنافع.

ومن المعروف أن وقف تأشيرات زيارة بيت الله الحرام لم يكن هو الإجراء الاحترازي الوحيد الذي تم اتخاذه على خلفية الوقاية من الإصابة بل أن أغلب البلدان منعت جميع أشكال التجمعات بما فيها إيران التي منعت صلاة الجمعة والصلوات في المساجد خوفا من تفشي العدوى على نطاق يصعب السيطرة عليه، بخلاف تعطيل الدراسة وبعض المصالح الحكومية التي تشهد ازدحاما كبيرا.

مبادرة وطنية

وبعد هذا العرض التفصيلي لما هو عليه المشهد الحالي من مخاوف غير مسبوقة من انتشار وباء “كورونا” ، فإنه من الضروري بمكان لطرح قضية في غاية الأهمية تتعلق بما يمثله تضافر الجهود بين الدولة والشعب من ضرورة حتمية لتحقيق أي تقدم، فالمواطنين هم أيدي الدولة ومفاصلها الذين تتحرك من خلالهم وهم الذراع الحقيقي لتنفيذ أي مشروعات قومية.

وهذا يعني أنه لا ثمار أو حصاد لأي مسيرة تنمية بمعزل عن مشاركة أبناء الوطن وعلى وجه الخصوص القادرين بداية من أكبر رجال الأعمال والمستثمرين وانتهاءً بأصغر عامل كل على قدر سعته.

وإذا كان الحديث الموصول الآن عن وقف تأشيرات العمرة وعدم استبعاد احتمال تأجيل موسم الحج هذا العام .. فما المانع أن نوجه الأموال التي كنا ننوي دفعها للذهاب إلى الحج أو العمرة هذا العام، خصوصاً أولئك الذين سبق لهم أداء الشعائر الدينية المقدسة وهم ليسوا قليلين بالمناسبة، لدعم الاقتصاد المصري سواء بالمساهمة في الصناديق الاستثمارية المخصصة لهذا الغرض أو التبرع بشكل مباشر في مشروعات تطوير وبناء المؤسسات التي تقدم خدمات مباشرة للمواطنين من مستشفيات ومدارس وغيرها، خصوصاً إذا علمنا أن المواطنين يتحملون ما قيمته حوالي 10 مليارات دولار سنوياً خلال الموسمين مما يحمل الدولة أعباءً رهيبة لتوفير هذه العملات الأجنبية.

رأي العلماء

وتؤيد وجهة النظر هذه أراء منشورة لكوكبة من علماء الدين ولعل في مقدمتهم الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، الذي قال في أكثر من موضع إن قضاء حوائج الناس فى جميع المجالات من أموال الزكاة والصدقات وسائر التبرعات لسد الجوع وستر العورة وإيواء من يحتاج إلى مسكن فضل ألف مرة من تكرار الحج والعمرة.

وناشد وزير الأوقاف جميع الجهات التي تقدم رحلة عمرة مجانية سواء للعاملين بها أو لغير العاملين بها أو في شكل جوائز بتوجيه قيمة هذه العمرات إلى إطعام الجائع وكساء العاري وإيواء المشرد أو في بناء أو صيانة أو تطوير المدارس والمستشفيات ونحو ذلك مما لا غنى للناس في حياتهم، كما قال “جمعة” إن سداد الديون سواء الفردية أو المجتمعية أولى من أداء فريضة الحج، قائلا: “إذا كان المواطن سدد كل الالتزامات تجاه بيته ووطنه سواء ديون أو ضرائب أو تأمينات يمكنه الحج للفريضة أو النافلة ولو أن الوطن أولى بحج النافلة”، ولعل هذا ما تتطابق ظروفه وملابساته هذا العام مع وقف السعودية لتأشيرات الحج والعمرة.

وعلى صعيد متصل، تتفق أغلب أراء علماء الإسلام وأساتذة الاقتصاد الإسلامي على مطالبة المسلمين القادرين ماديا، ممن يحرصون على السفر سنويا لأداء مناسك الحج والعمرة، بالتبرع بنفقات سفرهم للفقراء وأصحاب الحاجات خاصة في ظل ارتفاع معدلات الفقر والبطالة في معظم البلاد العربية والإسلامية، وأشار العلماء إن التبرع لأعمال الخير ومساعدة الفقراء والمرضى غير القادرين أكثر أجراً وثواباً وقربى إلى الله من حج التطوع وتكرار العمرة حيث تسقط فريضة الحج عن أصحابها بمجرد أدائها مرة واحدة.

ومن بين هذه الأراء ما قاله المفكر الإسلامي د. محمود حمدي زقزوق، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر وزير الأوقاف المصري الأسبق، من أنه على كل مسلم قادر توجيه نفقات حج التطوع وتكرار العمرة إلى الأعمال الخيرية، ويقول: لا خلاف على أن حرص المسلم على أداء عبادة تتوافر له مقوماتها أمر يثيب الإسلام عليه، بل يحمد له ذلك، لكن ما نريد توضيحه هو أن الحج فرض على الإنسان القادر عليه مرة واحدة في العمر، وتكراره مجرد عبادة تطوعية يثاب عليها المسلم الذي يؤديها بإخلاص ومن دون رياء، ولا يعاقب على تركها، ولذلك لو وجه المسلم نفقات حجه التطوعي إلى مساعدة الفقراء والمحتاجين كان ذلك أفضل وأكثر ثوابا عند الله.

ويتابع د. زقزوق: إن مجتمعاتنا العربية والإسلامية تعج الآن بالفقراء والمرضى وأصحاب الحاجات، وهذا أمر لا يجوز للإنسان أن يتجاهله، والمسلم لكي يعيش سعيداً في مجتمعه فإن عليه حقوقاً للفقراء والمحتاجين في هذا المجتمع وعليه أن يشعرهم أيضاً بقدر من السعادة والرضا حتى يمحو ما في نفوسهم من حسد أو حقد فلا بد من مد يد المساعدة لاتخاذ كل ما يلزم لتطوير الخدمات المقدمة لهؤلاء والمساعدة بكل ما أوتينا لدعم جهود الدولة في التنمية.

أما الدكتور محمود عاشور، عضو مجمع البحوث الإسلامية، فيستند إلى الحديث الشريف القائل: “وجعلت لى الأرض مسجدا وطهورا، وأيما رجل من أمتى أدركته الصلاة فليصل”، مؤكدا تفضيل بناء المدارس والمستشفيات وغيرها من الخدمات التى تلبى احتياجات المصلحة العامة عن المساجد قائلا: لدينا مساجد كثيرة والصلاة تصلح ولو على الارض ولكننا بحاجة ماسة للمستشفيات والمدارس، وبالتالى ينبغى أن نوجه الناس لأحتياجاتنا وأولوياتنا، فعلى سبيل المثال الناس التى تعتمر كل عام ما الداعى من ذلك فمن الأولى أن يوجهوا أموالهم لبناء المدارس والمستشفيات خاصة وأن العمرة سنة عن النبى صلى الله عليه وسلم، والاعتمار مرة واحدة يكفى مقابل المساهمة فى حل مشكلات مجتمعنا وفى رأى فى هذه الحالة سيجازينا الله خيرا ولنا ثواب اكبر بأذن الله .

كلمة أخيرة

لا تتردد عزيزنا المواطن في عمل كل ما يمكنك عمله لأجل دعم بلدك.. ولن يغضب الله منك أبداً إذا ساهمت في إعمار الأرض وسد حوائج من حولك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى