آراءشويّة دردشة

مصريه .. بلا تعجب !!!| بقلم د. روان عصام يوسف

جمعتني إحدي المناسبات بالملحق العسكري الاردني بمصر و هو شخص خلوق، مثقف، شديد الحب لمصر اثناء تعارفنا سألني عن وظيفتي فاخبرته بانني طبيبه وكاتبه صحفيه فظهر علي وجهه علامات التعجب وقال لي ” كيف يعني انتي طبيبه و ايضا كاتبه ” ثم استطرد قائلا ” نعم و لم التعجب فانتي مصريه “، تعجبت من كلامه و سالته ماذا يعني بانني مصريه ؟ فرد قائلا يوجد مثل عربي قديم يقول ( مصر تكتب … لبنان تطبع … العراق تقرأ )

وفسر كلامه قائلا … مصر تكتب كنايه عن الابداع والسبق، لبنان تطبع كنايه عن الحرفيه والتقنيه، العراق تقرا كنايه عن الثقافه فالعراق شعب مثقف شغوف بالقراءه واشتهر عنه مكتبة بغداد العظيمه.

حينما سمعت منه هذه الجمله شعرت بتناقض كبير في المشاعر كان اولها فخر شديد بكوني مصريه عربيه وتعجبت هل حقا اقتنع بموهبتي في الكتابه دون ان يقرأ لي لمجرد ان جنسيتي مصريه ؟! …. ولكني ايضا امتلأت بالشجن والحزن علي حال العرب فاين مصر الان من السبق العلمي التي كانت به وقتما اشتهر هذا المثل واين لبنان الان من الطباعه والحرفيه المهنيه بعد كم الحروب الاهليه التي تدور بها واين العراق ومثقفيها ومكتبتها العظيمة …. أين العروبه التي تاهت وسط الارهاب والحروب الاهليه والسياسه !!؟؟

ان تدمير الحضارات هو سنة الغزاه منذ فجر التاريخ بدايه من احتلال التتار لبغداد وبينما كان فريق منهم يعمل علي القتل وسفك الدماء اتجه فريق اخر الي حمل الملايين من الكتب الثمينه والقوا بها في نهر دجله وهذا منطقي بعد ان اكل الحقد قلوبهم نتيجه للفجوه الحضاريه التي عانوا منها … فهم امه لا حضارة ولا أصل لهم ..أمة لقيطة .. نشأت في صحراء شمال الصين، واعتمدت على شريعة الغاب في نشأتها .. لقد قاتلت هذه الأمة كما تقاتل الحيوانات .. بل عاشت كما تعيش الحيوانات .. ولم ترغب مطلقًا في إعمار الأرض أو إصلاح الدنيا .. لقد عاشوا حياتهم فقط للتخريب والتدمير والإبادة.

وقد دُمرت مكتبه بغداد نتيجه لتتار العصر القديم لكنني اري ان التتار تطور من كونه شعب ليصبح فكره – تتار العصر الحديث – نعم اقصد الجماعات الارهابيه التي ظهرت حديثا هدفها الاول والاخير هو ان تعيث في الارض فساداً وتدمر كل ما هو حضاري وعظيم، ونري اكتمال الانهيار الثقافي في العراق بانهيار مثقفيها وقرائها اذ انشغلوا بالخلافات الداخليه بين السنه والشيعه مما اضعف الجبهه الداخليه وسمح للعنصر الاجنبي باسقاط بغداد.

وكذلك الحال في مصر – مصر الحضارة – الدوله الفرعونيه والكتابه الهيرغلوفيه والطب وفن التحنيط والنقش والاعمار الهندسي الذي اعجز العالم، ثم تطورت الحضارات في العصر اليوناني في الفن والعلم والصناعة والتجارة، و اُنشات الاسكندريه .. الميناء الأول في البحر المتوسط بفضل منارتها الشهيره، و استمر التطور الحضاري في عصر الدوله الرومانيه والعصر القبطي ثم الاسلامي ثم الاسره العلويه، حتى توقف التطور نتيجه للصراعات السياسيه الداخليه والخارجيه ومن ثم محاربه الارهاب في العصر الحديث.

ولكن كما يقال ” دائما بعد العتمه ياتي النور “، النور قادم واراه في محاولات الاصلاح الاقتصادي الحاليه في مصر الذي عند تحقيقه سيوفر ميزانيه للبحث العلمي واستقرار نفسي للشعب المصري بعد اطمئنانه علي رغيف العيش مما يؤهله ليعاود ادراجه في السبق الحضاري .. فلينتشر النور في كل ربوع الدول العربيه التي تتضررت من النزاعات السياسيه وتتار العصر الحديث (الإرهاب) ….
تسلحوا بالعلم يا عرب … العلم يرفع بيتاً لا عماد له والجهل يهدم بيت العز والشرف

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى