أعد مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية لحزب مستقبل وطن، برئاسة المهندس محمد الجارحى، الأمين العام المساعد للجان المتخصصة، دراسة عن الاستثمارات المصرية في إفريقيا في ضوء رئاستها المرتقبة للإتحاد الإفريقي 2019، ويستهدف التقرير تحليل واقع وسمات الاستثمارات المِصريَّة فى إِفريقيا، وأهم التحديات التى تواجه تلك الاستثمارات، والآفاق المُستقبليَّة لها، وسُبل تعزيزها.
وأشارت الدراسة، إلى إنه تزامنًا مع استعداد مِصر لتولى رئاسة الاتحاد الإِفريقىّ فى دورته القادمة الحادية والثلاثين لعام 2019، أصدر مَجلِس الوزراء برئاسة الدكتور “مصطفى مدبولي” فى العاشر من نوفمبر 2018، قرارًا بمنح ترخيص لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي بالاشتراك مع عدد من الجهات الوطنيَّة، من أجل تأسيس شركة مساهمة باسم “الشركة الوطنيَّة المِصريَّة للاستثمار الإفريقى”.
وذكرت الدراسة، الاستثمارات المِصريَّة فى القارة الإِفريقيَّة، حيث بلغ حجم الاستثمارات المِصريَّة فى القارة الإِفريقيَّة حتى عام 2017 نحو 7.9 مليارات دولار موزعة على 62 مشروعًا، وقد ارتفع لنحو 10.2 مليارات دولار بحسب بيان وزارة الاستثمار والتعاون الدولى فى 8 نوفمبر 2018، وتشمل تلك الاستثمارات قطاعات البناء والتشييد والمواد الكيميائيَّة والتعدين والمستحضرات الطبيَّة والدوائيَّة والاتصالات والمكونات الإلكترونيَّة والخدمات الماليَّة، فى حين يبلغ حجم الاستثمارات الإِفريقيَّة فى مِصر 2.8 مليار دولار، وتتوزع على كل من قطاعات الزراعة والصناعة والماليَّة والخدمات والسِّياحة والبناء وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وبذلك، فإن مِصر هى المُستثمر الأكبر، وتُعدُّ كل من “الجزائر، والسودان، وليبيا، ونيجيريا، والمغرب، وإثيوبيا، وسوازيلاند، وتنزانيا، وكينيا، وكوت ديفوار” من أهم الوجهات المِصريَّة للاستثمار الأجنبيّ المباشر فى إفريقيا.
وأكدت الدراسة، تواجه الاستثمارات المِصريَّة فى القارة الإِفريقيَّة العديد من المنافسين على المستوى العالَميّ والإقليميّ، مما يجعلها بحاجة إلى تعزيز استثماراتها فى القارة، ماسيساعد على تعزيز وزيادة قدرتها لاستعادة دروها الريادى مرة أخرى ودفع العَلاقات الاقتصاديَّة المصرية مع دول القارة، فالتِّجارة والاستثمار يخلقان المصالح بين الدول، خاصةً فى ظل وجود نحو 32 اتفاقية استثمار ثنائيَّة مع الدول الإفريقيَّة منها 11 اتفاقية سارية ستسهل ذلك التوجه، كما أن اختيار القارة الإِفريقيَّة كبوصلة للاستثمارات المِصريَّة فى الفترة المُقبلة سيعود بالفائدة على الاقتصاد المِصريّ؛ لما تمتلكه دول تلك القارة من موارد اقتصاديَّة ضخمة، حيث يوجد بها نحو 30% من الثروة المَعدِنيَّة بالكامل فى العالَم، و8% من الاحتياطيات النفطيَّة، و7% من احتياطى الغاز،كما تشكّل سوق استهلاكيَّةكبيرة تضمُّ نحو 1.2 مليار نسمة وموارد بشريَّة، بجانب موقعها الإِستراتيجيّالمتميز عن بقية المناطق فى العالَم.
وتناولت الدراسة، التحديات التى تواجه الاستثمار المِصريّ فى إِفريقيا وآفاقه المُستقبليَّة، حيث تشهد القارة الإِفريقيَّة الغنية بالموارد البشريَّة والطبيعيَّة نشاط وتدفق الاستثمارات الضخمة من قبل العديد من الدول، إلا أنه مازالتْ هناك تحديات تواجه تلك الاستثمارات بما فيها الاستثمارات المِصريَّة، وتتمثل فى المخاوف المتعلقة بالأمن، وعدم الاستقرار فى بعض الدول، والمخاطر المالية القائمة، إلى جانب التحديات المتمثلة فى العقبات الإداريَّة والفَجْوات فى البنية التحتية بين الدول والوجود العَسكَريّ الأجنبى وقواعده المُنتشرة فى مناطق متفرقة داخل القارة، فوفقًا لتقرير بنك التنمية الإِفريقيّعن الاستثمار داخل القارة تمَّ تصنيف إِفريقيا كمَقصد استثمار يّعالى المخاطر.
وفى هذا الإطار، على الرغم من تلك التحديات التى تواجه الاستثمار المِصريّ فى إِفريقيا، إلا أنه من المُتوقع أن يشهد زيادة ملحوظة خلال السنوات القادمة، خاصةً فى ظل مصر لاستعادة دورها الرياديّ فى القارة السمراء، واستعدادها لتولى رئاسة الاتحاد الإِفريقى لعام 2019، في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، هذا إلى جانب ما تتسم به القارة الإِفريقية باعتبارها سوقًا جاذبة للاستثمارات ذات توقعات مُستقبليَّة مشرقة وفقًا لتقرير الاستثمار بين الدول الإِفريقية لعام 2018.
واختتمت الدراسة بعدد من المقترحات والتوصيات، التى يمكن من خلالها زيادة الاستثمارات المِصريَّة فى إِفريقيا، وتحقيق الاستفادة المثلى من الموارد المتاحة بالقارة، والاستغلال الأمثل للمَواقع الجغرافيَّة المتميزة بها، منها إنشاء وحدة مُتخصِّصة بوزارة الاستثمار والتعاون الدولى، تعمل على توفير بيانات متكاملة عن احتياجات الدول الإِفريقيَّة، وتوفير قاعدة بيانات متكاملة للقطاع الخاص فى مِصر بشأن فرص الاستثمار فى إِفريقيا عن طريق الاتصال بالهيئات الحكُوميَّة الإِفريقيَّة من خلال السفارات المِصريَّة ومكاتب التمثيل التِّجاريّ للتعرف على الفرص الاستثماريَّة والمشروعات المتاحة والدعم الفنيّ المطلوب، وتوظيف المشروعات الصغيرة والمتوسطة المِصريَّة؛ لتخدم تلك الاحتياجات وتوفرها، واتخاذ السودان ودول القرن الإِفريقيّ كبوابة استثماريَّة، خاصةً للمشاريع المِصريَّة بحكم القرب الجغرافيّ، وإعلان مِصر إِستراتيجيَّة بعنوان “إِفريقيا أولًا”؛ لدعم وتعزيز الاستثمارات بينها وبين الدول الإِفريقية، مع توجيه الدعوة لرجال الأعمال المِصريين؛ لإقامة مشروعات استثماريَّة مُشتركة فى الدول التى تتوافر بها الفرص الواعدة، وتقديم مزايا للمشاريع المِصريَّة التى تتجه للاستثمار بالقارة، بتوفير دعم معنويّ وماديّ بإفريقيا يشمل توفير قروض ائتمانيَّة؛ لتمويل مشروعاتهم بأسعار فائدة منخفضة نسبيًا.
مضيفة:”عقد مؤتمرات فى القاهرة للتجمعات الاقتصاديَّة الإِقليميَّة بالقارة؛ بهدف دعم وتعزيز التعاون من أجل الوصول إلى قوة إِفريقيَّة موحدة اقتصاديًّا، ورصد التحديات والعمل على مواجهتها، وبحث التحديات والمعوقات التى تواجه تنفيذ اتفاقية “أبوجا”، والتى تهدف فى النهايةلتحقيق التكامل الاقتصاديّ الإِفريقيّ، والعمل على إيجاد الحلول لتلك المعوقات، مما سيساعد فى دفع زيادة الاستثمارات المِصريَّة فى القارة، وتوجيه عمل الشركة الوطنيَّة للاستثمار الإِفريقيّ، والتى وافق رئيس الوزراء على إنشائها، لتنمية الاستثمار الزراعيّ مع دول حوض النيل والتى تتمتع بالأراضى الخصبة، فعلى سبيل المثال يمكن لمِصر الاستثمار فى محاصيل الأرز والذرة فى كل من تنزانيا وكينيا، والقمح والقطن وقصب السكر فى أوغنذا والكونغو الديمقراطيَّة، والمحاصيل الزيتيَّة فى السودان وتنزانيا وأغندا، كما يمكن الاستثمار فى مجال الثروة الحيوانيَّة مع دول حوض النيل خاصةً كينيا وأوغندا وإثيوبيا وتنزانيا لما تتمتع به تلك الدول من ثروة حيوانيَّة ضخمة، وهو ما يساعد فى خفض الواردات المِصريَّة من اللحوم وتوجيه ذلك الفائض إلى دعم الصادرات المِصريَّة مع الدول الإِفريقيَّة، وتعزيز العَلاقات الدبلُومَاسيَّة بين مِصر والدول الإِفريقيَّة بزيادة الزِّيارات المتبادلة على مستوى رؤساء الدول، فالتوافق السياسيّ والدبلُومَاسيّ من شأنه أن يشكل طريقًا ممهدة لدعم التعاون الاقتصاديّ، وفتح آفاق جديدة للتبادل التِّجاريّ والاستثماريّ بين الدول، والاستفادة من المزايا التى تقدمها المؤسسة العربيَّة لضمان الصادرات،من تقديم الضمان للاستثمارات العربيَّة والإفريقية البينية التي تدار على أسس تِجاريَّة.