أكد مدير مرصد الدراسات الجيوسياسية بباريس الدكتور شارل سان برو، أن مصر شريك أساسي لفرنسا في العالم العربي الغارق في الأزمات وتشغل مكانة مهمة في السياسة العربية لفرنسا في ظل التقارب الاستراتيجي في وجهات النظر بين البلدين حول القضايا الإقليمية لا سيما لإيجاد حل عادل لمأساة الشعب الفلسطيني والتصدي لخطر التطرف والإرهاب وتعزيز الروابط بين ضفتي المتوسط.
جاء ذلك في كلمة مدير المرصد الفرنسي في ندوة نظمها المركز الدولي للدراسات الجيوسياسية والتحليلات الاستشراقية بباريس بحضور وزراء مصريين وفرنسيين سابقين حول العلاقات المتنامية استراتيجيًا، وسياسيًا، واقتصاديًا بين مصر وفرنسا.
وأكد مدير مرصد الدراسات الجيوسياسية بباريس أنه في الوقت الذي لم تتردد فيه الولايات المتحدة في عهد باراك أوباما في دعم وصول الإخوان للحكم، فإن فرنسا لم تتجاوز حدودها ومن هنا شهدت العلاقات المصرية الفرنسية دفعة جديدة، لافتا إلى أن تعزيز التعاون بين فرنسا ومصر يحمل مدلولا جيوسياسيا له أهمية كبرى، مشيرا إلى مواجهة مصر تحديات الحرب على قوى الكراهية والإرهاب.
واعتبر أن الدبلوماسية الفرنسية لا يجب أن تأخذ في الحسبان مناورات الأوساط الأيديولوجية المتواطئة مع الجماعات الرجعية والمتشددين الذين يريدون جر مصر إلى الفوضى، مشيرا إلى وجود تواطؤ بين النزعة اليسارية والتعصب الديني الزائف وأنه لا يجب على فرنسا أكثر من أي طرف آخر التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى.
وأكد المحلل الفرنسي أن مصر بحاجة لمساعدة أصدقائها في الحرب الشرسة التي تخوضها ضد تنظيم الإخوان الإرهابي والمجموعات الإرهابية في سيناء، مشيرا إلى وعد الرئيس عبد الفتاح السيسي عقب توليه رئاسة البلاد في 2014 باستعادة عظمة مصر وإلى ما تتطلبه هذه المهمة الجسيمة من إمكانية الاعتماد على أصدقاء موثوق فيهم وليس على دول مواقفها غير واضحة.
ورأى سان برو أنه آن الأوان لفرنسا أن تعزز سياستها العربية من خلال تحالفات ملموسة مع دول تشاركها نفس الشواغل والتحليلات وخاصة الدول التي تحارب التطرف في الصفوف الأمامية مثل مصر والإمارات، محذرا من ناحية أخرى من خطر حدوث مواجهة بين شمال وجنوب المتوسط وإلى ضرورة تجنب ذلك بتعزيز الروابط بين الحضارات المختلفة.
وشارك في الندوة من مصر كل من السفير محمد العرابي وزير الخارجية الأسبق الذي تحدث عن الشراكة الاستراتيجية بين مصر وفرنسا، والسفيرة مشيرة خطاب وزيرة الأسرة والسكان سابقا والتي تحدثت عن أهمية العلاقات الثقافية المصرية الفرنسية ، والدكتور مفيد شهاب الوزير الأسبق للشؤون القانونية والبرلمانية والذي تناول مسؤولية المجتمع الدولي في محاربة الإرهاب العالمي.
ومن الجانب الفرنسي تناولت مداخلة هرفيه دو شاريت وزير الخارجية الفرنسي الأسبق مواجهة فرنسا ومصر لاضطرابات الشرق الأدنى والأوسط بينما استعرض هوبير فيدرين وزير الخارجية الفرنسي الأسبق عن السياسة العربية لفرنسا بين القوى العظمى الأمريكية والسوفيتية الجديدة والتوسع الصيني..كما تحدث هنري جينو مستشار الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي عن “الاتحاد من أجل المتوسط” باعتباره ضرورة جيوسياسية لفرنسا وللعالم العربي.