ثقافة وفنون

مدحت صفوت يستجلى آفاق «السلطة والمصلحة» في أحدث إصداراته

unnamed

صدر ، حديثا، عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، كتاب “السلطة والمصلحة.. استراتيجيات التفكيك والخطاب العربي”، للباحث والناقد المصري مدحت صفوت.

يتكون الكتاب من مدخل وبابين، جاء المدخل بعنوان ” التفكيك.. خيانة مؤقتة وخطأ ضروري”، انتهى فيه المؤلف إلى أن التناقض سمة ملازمة للتفكيك ومصاحبة له دومًا لذا يؤمن البعض بأن أية محاولة لتلخيص ما يقوله دريدا، هي “تزييف لمشروعه”، لكنه التزييف الذي لا محيد عنه، بتعبير جوناثان كلر، لأن مجرد تحديد معناه يعني ارتكاب خطأ “الخطأ الضروري” الذي يحول المرء عن تحديد معالمه، فلا مهرب من أن نقول مع التفكيكيين بأنها غير قابلة للتعريف، ولا مفر من أن نقول – معهم- أيضًا: إن عملية المفهمة حتمية، حتى إن كانت خطأً، فلابد أن نرتكب الخطأ الضروري، وكما يرى دريدا أن أية محاولة لإبطال مفهوم من المفاهيم محكوم عليها بالوقوع في شراك المصطلحات التي يعتمد عليها هذا المفهوم.

وحسبما جاء في كلمة الناشر على غلاف الكتاب الذي تألف من 210 صفحات من القطع المتوسط، فمدحت صفوت ناقد يملك القدرة على الوصول لأساسيات الشىء، فلا يبهره البرّاق منها ولا يخدعه السراب ولا تعيقه الأتربة المنثورة على الأغلفة القيّمة، وفي نقده يسعى ليصنع حلقة مكتملة من الفن الذي يستطيع من خلاله إعادة بعض الطمأنينة المتسربة من الواقع المعاصر. وفي زمن المعاناة النقدية الذي نعيشه الآن نكون عادة بحاجة لنقاد لا يتعاملون معه بصفته “أكل عيش” لكنه “النقد” طريقهم الأكثر وضوحًا للوصول للحقيقة ومحاولة إعادة بناء المجتمع المأزوم، ومدحت صفوت يفعل ذلك بآليات مناسبة للنصوص العربية فلا يقهرها ولا يجاملها لكنه يقرأها ويكشف أضغاث أحلامها.

وعُنون الباب الأول بـ”التلقي النظرى لإجراءات التفكيك ومقولاته، التعريف، الترجمة والمساءلة”، في حين اهتم الباب الآخر بـ”التلقي التطبيقي”، ويرى صفوت أن الخطاب التفكيكي في شقه النظري نجح –إلى حد ما- في تأسيس تساؤلات جديدة في مجال الدراسات النقدية، وذلك بتقديم تصورات جديدة عن علاقة اللغة بالأدب، وخلخلة السائد والنمطي من الإجراءات المنهجية والنقدية، كذلك مقاومة استيطان “الميتافيزيقا” في الخطاب الأدبي وغير الأدبي، فيما لا يزال الخطاب التفكيكي – في جانبه التطبيقي– محدود التأثير في خارطة النقد الأدبي العربي، ولم تزل الممارسة النقدية للتفكيك مجرد “فلتان” بحثي، أو مغامرة “نقدية” من قبل باحث أو ناقد، ولم تتحول الممارسة النقدية التفكيكية إلى جزءٍ رئيس من طوبولوجية المجال النقدي العربي. وربما يعود ذلك إلى عدم الإلمام بالسياقات المعرفية والفلسفية والإجراءئية لاستراتيجيات التفكيك.

ويستجلي الباحث حدود وآفاق الفضاءات السيسوثقافية للخطابات التفكيكية في الباب الثاني، كما بحثَ عن آليات مفهومين داخل الخطاب التفكيكى وهما: المصلحة والسلطة؛ مصلحة الباحث التفكيكي وخطابه معًا، والسلطة التي تقاوم أو تساند تلك المصالح، مؤكدًا أن المصلحة قد تكون هدفًا ماديًا أو معنويًا، خطابيًا أو واقعيًا، ومشيرًا إلى إمكانية تحديد طبيعة الأهداف “المرامي” وتصنيفها من الناحية القانونية والأخلاقية، إلى مصالح مشروعة وأخرى غير مشروعة، إلا أنه يتعذر بشكل كبير مثل هذا التحديد التصنيف في مجال الدراسات النقدية واللغوية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى