آراءشويّة دردشة

مجلس الشيوخ بين المطرقة والسندان| بقلم عميد دكتور عمرو ناصف

اذا كنت ترغب فى إبداء رأيك فى أى شأن من شئون دولتك فهذا حقك الشرعى والقانونى، ذلك أن تتخذ السبل القانونية والمحترمة والقنوات الشرعية لإبداء هذا الرأى، وتلك ما يطلق عليه ( الديموقراطية ).

واذا كنت ترغب فى تغيير ماتظنه خطأً أو غير مناسب، أو تساهم في وضع أو إرساء أى قواعد سياسية تسير عليها مؤسسات الدولة فهذا أيضاً حقك المشروع والقانونى شريطة أن تكون مُلماً بقواعد اللعبة السياسية دارساً لها ولأساليب المشاركة والمسموح لك بها قانوناً، وتلك ما يطلق عليها ( العلوم السياسية ).

ومابين الديمقراطية والعلوم السياسية كما بين السماء والأرض من حيث التأهيل و المحددات وطرق التنفيذ وقنوات الممارسة وغيرها، فالأولى .. نشاط محدد بقدراتك أنت، والثانية نشاط محدد بمحددات محلية وإقليمية ودولية، منصوص عليها فى دساتير و بروتوكولات عالمية دولية، مشروطة بإجراءات، مقيمة بنتائج.

من هنا يأتى الفرق بين رأينا فى تأسيس المجالس النيابية كمجلس الشيوخ ومجلس النواب وبين إلتزامنا نحو هذا التأسيس والإستحقاق.

ثم أما بعد:

فإن كل دولة من دول العالم مفروض عليها تنفيذ كل ماهو منصوص فى أوراق وبروتوكولات المنظمات السياسية الدولية ( القانونية والحقوقية والمجتمعية ) من حيث تشكيل الهيكل التنظيمي لتلك الدول والذى يقوم على تسيير الحياة السياسية فيها وما ينبثق عنه من مؤسسات حكومية تقوم بمباشرة هذا التسيير والسعى للوصول لأقصى درجات الجودة السياسية، وقد تاسست هذة المنظمات الدولية – مثل المؤسسة الدولية للديموقراطية والإنتخابات الـ IDEA على سبيل المثال – لتقييم الدول ووضعها فى ترتيبها الطبيعى ضمن مصاف دول العالم من خلال متابعة تركيب وتشكيل هيكلها التنظيمى، ومراقبة استحقاقاتها السياسية والإنتخابية ومؤسساتها ونشاطاتها وطريقة عملها، ومن ثم منحها درجات تحصيلية طبقاً لذلك التنفيذ فيتحدد ترتيبها بين الدول، وبالطبع كلما تقدم الترتيب كلما تميزت الدولة ديموقراطياً وسياسياً وهو ذلك الترتيب الذى تحتاجه كل الدول لتفتخر به أمام العالم كونها من رعاة الديموقراطية والسلام وحقوق الإنسان من جهة، وفى الإحتياج الأكبر فى أحوال التوترات السياسية والحراك الشعبي والسياسى والثورات والإنقلابات وكل مخاوف الشأن الدخلى والخارجى للدولة الطبيعية منها والمصطنعة والمبيتة فى ليل من جهة أخرى.

من هنا نجد أن ترتيب الدول المتقدم فى لائحة الديموقراطيات والسياسات وحقوق الإنسان يدافع عن وضعها القائم ويشهد لها بالسيادة على شعبها وأراضيها، ويؤزر موقفها تجاه التقييم العالمى للحراك الشعبى والسياسى والثورى فيسميها دولة ديموقراطية ويسمى أعمال الشغب والقلاقل فى الشارع مجرد صراعات وتهديد من قبل جماعات متطرفة للأمن الداخلى، أو تقف ضمن صفوف الشعوب وتؤيد حراكهم وتصفه بثورة البحث عن الحرية والعدالة الإجتماعية حال تدنى الترتيب الديموقراطي والسياسى والحقوقى لتلك الدول، ومن هنا تصبح الدول فى مأمن من تدخلات الدول العظمى تحت رعاية الديموقراطية وحقوق الإنسان مثل النموذج المصرى، او فريسة للتدخلات الخارجية فيما يدعى بـ ( تحقيق ديموقراطيات الشعوب وعدالتهم الإجتماعية ) فنجد النموذج العراقى اليمنى.. وليس أوقع من النموذج المصرى كمثال لدولة ديموقراطية وحقوق إنسان ذات مؤسسات حينما نفذت كل الإستحقاقات السياسية فى فترة حكم جماعة الإخوان الإرهابية المحظورة كإلتزام دولى مقيم ومشروط، دون النظر لرأي مؤسسات الدولة فى تلك الجماعة، فقد رأينا خلال عام واحد إنتخابات رئاسية ثم مجلس شيوخ ثم مجلس نواب ثم تغييرات وزارية وحركة محافظين ومحليات .. الخ، ما ساعد الدولة المصرية وشعبها لاحقاً حين ثار على الخيانة والعمالة والإحتلال الداخلى وقام بدعمه الجيش المصري الوطنى الشعبى فى ٣٠ يونيو أن تجبر العالم على تسميتها بالثورة لا بالإنقلاب، وتحصل مصر من كل دول العالم على المساندة والدعم فى تلك المحنة، وذلك لتقدم تصنيفها ضمن دول الإستحقاقات والسياسات الديموقراطية وحقوق الإنسان.

كذلك:

نحن اليوم أمام إستحقاق سياسى برلمانى قديم وعريق يدعى ( مجلس الشيوخ )، ثم يعقبه خلال أيام إستحقاق سياسى برلمانى أعرق وأقدم يدعى ( مجلس النواب )، إجراءات سياسية ونيابية تعبر عن قوة دولة بعراقة وعظم مصر، وشرعية مؤسساتها، وإتباعها للأجندة السياسية الحقوقية القانونية الدولية، زد على كل ذلك مشاركات ونشاطات مصر ودورها السياسى والدبلوماسى الفعال على الصعيد العربى والإقليمي والإفريقي والدولي، ومن هنا يأتى الثقل السياسى للدول، ويتقدم تصنيفها الديموقراطي المتحضر والسياسى والداعم لحقوق الإنسان بين دول العالم، حتى إذا جاء يوم وضاقت علينا حلقات الخيانة الداخلية، ولاحت أيدى الغدر والعدوان الخارجى، وأُضرمت نيران الخديعة وتحركت مصر نحو المجتمع الدولي تطلب العون وتدافع عن موقفها وتؤمن نطاقها الأمنى الحدودى والإقليمي وأمنها القومى المائى ماكان من منظمات المجتمع الدولي ومؤسساته القانونية والمجتمعية وأممه المتحدة ومجلس أمنه وكل منظمات حفظ الأمن والسلام الدولى ودعم حقوق الدول على ظهر الأرض .. إلا أن تقف وتساند وتؤيد وتدعم مصر فى مساعيها نحو رد الحقوق وفرض الأمن وتأمين الموارد مرتكزين فى ذلك على أجندة مصر الداخلية والخارجية ومافيها من التزامات أخذت مسارها الطبيعي والصحيح وحققت مساعى الديموقراطية والسياسية والحقوقية تماماً فى الميعاد وبشكل رسمى وعلنى وفى وضح النهار وبشفافية تحت أعين و مراقبة المجتمع الدولى كشأنها دوما ً وعلى مر السنين.

من هنا ندعوا ..

مارس حقك فى إبداء الرأي فتلك حقوقك الديموقراطية، لكن مارس السياسة عن تأهيل ودراسة ودراية فتلك مصائر الدول.

تحيا مصر ، تحيا مصر ، تحيا مصر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى