ثقافة وفنونعاجل

مثقفون يؤكدون أهمية المواجهة الثقافية لأفكار جماعات الإرهاب

 

يقف المثقفون المصريون مع جماهير شعبهم في مواجهة الفلول اليائسة للإرهاب الجبان وسط اتفاق عام على أهمية “المواجهة الثقافية للأفكار الظلامية التي تشوه حقيقة وجوهر الدين الحنيف”.

ولئن حاولت فلول الإرهاب العميل القيام بعمليات إرهابية يائسة، فإن هذه المحاولات محكوم عليها بالفشل فيما تنطلق الرؤية المصرية على ضرورة المواجهة الشاملة والمتزامنة ضد جميع التنظيمات الإرهابية التي “تنشط عبر شبكة سرطانية تجمعها روابط متعددة في معظم أنحاء العالم”.

وفيما شدد النائب البرلماني والأديب يوسف القعيد غير مرة على أهمية أن يدرك العالم ان “مصر تحارب دفاعا عن عالم اليوم” فانه يشدد على ان “التهديد المتطرف الذي يأخذ من الدين ستارا له لن يبقى على ظهر الكرة الأرضية من يمكن استثناؤه من الحرب”.

والثقافة الإسلامية الحقة هي ثقافة منفتحة على الآخر وابعد ما تكون عن الأفكار الظلامية لجماعات الإرهاب فيما يشهد التاريخ على التفاعل البناء بين مثقفين كانوا نبتا أصيلا للإسلام وبين فلسفات إنسانية مثل الفلسفة اليونانية القديمة بما اسهم في اثراء العالم بفتوحات ثقافية ومعرفية.

وفي كتاب جديد في الولايات المتحدة صدر بعنوان “جمهورية الأدب العربي: الإسلام والتنوير الأوروبي”، يقول المؤلف الكسندر بفيلاكوا أن التنوير الإسلامي يضرب جذوره في عمق تاريخ المسلمين معيدا للأذهان أسماء مثقفين وعلماء مسلمين استفادت أوروبا بإبداعاتهم وإنتاجهم العلمي مثل ابن رشد وابن سينا وابن الهيثم والخوارزمي والفارابي والرازي.

ويقول الكاتب والباحث صلاح سالم إن تاريخ الإسلام في عصوره التأسيسية شهد انفتاحا على جميع الثقافات والحضارات فيما يشدد الشاعر والكاتب فاروق جويدة على أهمية المواجهة الفكرية والثقافية مع فكر الإرهاب متفقا في ذلك مع أصوات ثقافية متعددة تؤكد أن الثقافة بمقدورها النهوض بدور كبير على صعيد دحر الأفكار الظلامية.

وفي سياق التأكيد على أهمية مواجهة مصادر انتاج التطرف والإرهاب، ثمة دعوات يطلقها مثقفون لإجراء المزيد من الدراسات البحثية والميدانية بشأن الأفكار الظلامية لجماعات الإرهاب وتحليل أنماط خطابات التطرف مع اعتماد استراتيجيات بحثية تضبط المفاهيم في ضوء وضعيات محددة لأنماط التطرف والإرهاب كما يقول الكاتب والباحث المصري نبيل عبد الفتاح.

ولوزير الثقافة الأسبق والناقد والأكاديمي الدكتور جابر عصفور كتاب بعنوان: “مواجهة الإرهاب: قراءة في الأدب المعاصر” يتضمن قراءات لإبداعات أدباء مصريين وعرب واجهوا أفكار الإرهاب والتطرف وفي طليعتهم النوبلي المصري نجيب محفوظ ويوسف إدريس وأحمد عبد المعطي حجازي وفتحي غانم وعبد الحكيم قاسم ومحمد سلماوي والجزائري الطاهر وطار والسوري سعد الله ونوس.

ويرى جابر عصفور ان المبدع العربي لم يقصر في مواجهة الإرهاب. لافتا الى ان شاعرا كبيرا هو أحمد عبد المعطي حجازي وقف مع أقرانه المبدعين ضد الإرهاب وأكد دائما على قيمة الإنسان الحر والعقل المستنير.
ويصف أحمد عبد المعطي حجازي الإرهاب بأنه “وباء له ثقافته” مضيفا ان هناك حاجة لثقافة مضادة لوباء الإرهاب فيما تلاحظ الكاتبة والأديبة سكينة فؤاد أنه كلما خطت مصر خطوات للاستقرار “جن جنون الحاقدين والكارهين والراغبين في إلحاقها بما حدث من تدمير وتشريد لأشقاء اعزاء ولدول شقيقة”.

ومن نافلة القول، إن أعداء شعب مصر لا يمكن ان يشعروا بارتياح حيال المشاريع العملاقة والتقارير التي تصدرها مؤسسات دولية بشأن الآفاق الواعدة للاقتصاد المصري ” لكن “مصر بمشيئة الله منتصرة وماضية في تحقيق أشواق أبنائها للأمان وستظل صامدة وشامخة” كما تؤكد سكينة فؤاد منوهة بأهمية “استدعاء أعلى قدراتنا على الصلابة والثقة والثبات النفسي والوطني”.

وإذا كان ستيفن بينكر الذي يعد أحد أكثر المفكرين تأثيرا في عالم اليوم يدعو الإنسان المعاصر للفخر والغبطة بما أنجزته وتنجزه الإنسانية سواء على مستوى الفتوحات والاكتشافات العلمية أو التطبيقات التقنية وأوجه التقدم في مجالات متعددة سواء في الغرب أو عالم الشمال وكذلك في عالم الجنوب أو الدول النامية فأن مصر في مضت في هذا العام الذي يشارف نهايته لتستكمل مسيرتها التنموية في السنوات الأخيرة وتشكل نموذجا لاريب فيه للتقدم.
ولعل مصطلح “ثقافة النمو” الذي يقترن بثقافة الإنجاز والتفاؤل والأمل يتجلى في السعي الحثيث للمصريين في السنوات الأخيرة نحو التقدم في كل مجالات وأوجه الحياة فيما تؤكد دراسات لمؤسسات اقتصادية ومالية مرموقة ان مصر صاعدة بقوة ضمن التحولات في المشهد الاقتصادي العالمي.

ومصر عندما تقف على النسق الأول لجبهة الحرب ضد الإرهاب إنما تتسق مع رسالتها الحضارية وثقافتها الأصيلة للأمل والتفاؤل والتي ترفض التطرف والكراهية والعدوان على قيم الحق والخير والجمال بقدر ما انحازت دوما للتسامح والانفتاح على كل الأفكار وتشجيع كل الإبداعات الانسانية وهي ثقافة تشكل حاضنة طبيعية لكل صور النمو ومن بينها النمو الاقتصادي.

ويصف صاحب كتاب “التفسير النفسي للتطرف والإرهاب” الكاتب والناقد ووزير الثقافة الأسبق الدكتور شاكر عبد الحميد الإرهاب “بطاعون العصر الذي يكره البهجة والابتسام والتغيير والإبداع ويعشق الظلام والدماء والتشفي”.
ويؤكد الدكتور شاكر عبد الحميد على دور الإبداع في “حروب استباقية ضد الإرهاب” مشيرا لأهمية “تحليل سرديات التطرف والعنف وآليات تجنيد الإرهابيين الجدد وأساليب شيطنة الآخر” فيما دعا لتأسيس “مركز قومي لدراسات وأبحاث التطرف والإرهاب يتبع المجلس الأعلى لمواجهة الإرهاب”.

والممارسات الإرهابية للجماعات الظلامية تعكس الرغبة في بث الذعر في النفوس وترويع البشر في كل مكان لخلق حالة رهاب في النفوس كما لاحظ عالم اقتصاد حاصل على جائزة نوبل ومثقف امريكي كبير وهو البروفيسور بول كروجمان.

من هنا علينا إلا نسمح للخوف بأن يشل تفكيرنا ويعطل أوجه الحياة اليومية كما يقول بول كروجمان عالم الاقتصاد الأمريكي الحاصل على جائزة نوبل عام 2008 والذي يؤكد أن الإرهاب مهما فعل لن ينجح في تدمير الحضارة وإنما تلك الهجمات الارهابية “محاولة منظمة لبث الذعر في النفوس”.

ويلفت هذا العالم الاقتصادي والمثقف الأمريكي البارز إلى أن الإرهابيين يسعون لتصوير أنفسهم “كقوة لا تقهر” مع أنهم في نهاية المطاف مجموعة من أصحاب العاهات النفسية والمصابين بإيدز الكراهية ومصيرهم كفئة باغية الى هزيمة وزوال.

ويقول بول كروجمان ان الدول التي تتعرض لحوادث ارهابية اقوى واكبر بكثير من أن تهزم امام جماعة إرهابية مهما فعل الإرهابيون، ويرى أن التحول في استراتيجيات الإرهاب وتبني أسلوب القتل العشوائي علامة ضعف ودليل على يأس الإرهابيين.

وإذا كان أعداء مصر والمصريين راغبين عبر الإرهاب الأسود في فرض التشاؤم واليأس على أوجه الحياة المصرية فإن أمانيهم المريضة لن تتحقق أبدا لأن اليأس لم يكن أبدا ولن يكون خيارا للمصريين.

فأي قراءة متعمقة للتاريخ الثقافي للمصريين تكشف بوضوح عن هذه الحقيقة بل وعلى النقيض فان المعدن الأصيل لهذا الشعب العظيم يتوهج وتتجلى ثقافة المقاومة بالتفاؤل والأمل في خضم أوقات التحديات الجسام.
وتأمل التاريخ المصري على امتداده المديد يكشف دون عناء عن ان التفاؤل سمة اصيلة للانسان المصري مهما واجه من تحديات وأن إرادة الحياة عند المصري أقوى بكثير من عوامل التشاؤم ومثيرات الاكتئاب وأسباب اليأس.
ومع الإجماع على أن المصريين سينتصرون على الإرهاب فان الجماعة الثقافية المصرية متفقة على أن العمليات

واليائسة لفلول الارهاب التي يتوهم من يقف خلفها بأنها يمكن ان تؤدي للنيل من الارادة المصرية لن تزيد المصريين إلا إصرارا على استكمال مسيرة الإنجاز والنجاح في كل أوجه الحياة.

مثقفون يؤكدون أهمية المواجهة الثقافية لأفكار جماعات الإرهاب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى