آراءشويّة دردشة

ما ضاع حق وراءه مطالب .. تحرير طابا | بقلم د. روان عصام

احداث كثيرة وذكريات متعاقبة تمتلىء بها الحياة وتظل ذكرى يوم ١٩مارس١٩٨٩ عالقة بالذهون فهو أحد الايام التاريخية الذى يضاف الي انتصارات السادس من اكتوبر ١٩٧٣ لتكريم الارادة المصرية الصلبة والصمود البطولي، بل هو عيد للوفاء والاعتراف لكل من بذل دمة وروحة من اجل بلوغ الهدف والوصول الي هذة النهاية المشرفة لصراع دام طويلا ليجبر اسرئيل لاول مرة في تاريخها من الانسحاب من كل شبر في ارض سيناء.

ففي مثل هذا اليوم رفع العلم المصرى علي طابا والتى كانت اخر بقعة من الارض المصرية التي تم استردادها ،وأصبح هذا التاريخ هو العيد القومى لمحافظة جنوب سيناء.

وفي تصوري ان اهم درس من معركة استرداد طابا أنه لا يضيع حق وراءه مطالب، أنه لا يكفى أن تكون صاحب حق .. بل يجب أن تحسن الدفاع عنه وبالأسلوب الذى يفهمه الآخرون وان تتسلح بعناصر القوة الاقتصادية والقانونية والعسكرية، ثم الأعتماد على الخبراء والمتخصصين إلى جانب ضرورة معرفة الخصم وطرق مناوراته والحد الأقصى الذى قد يصل اليه والحد الأدنى الذى لايمكن تجاوزه، وأخيرا حسن إدارة الأزمات وإيجاد التجانس بين فريق العمل الذى يتشكل من عقليات مختلفة تجتمع على الوازع الوطنى من أجل الوصول إلى الهدف فجاءت ملحمة استرداد طابا تأكيد لقدرة الارادة المصرية علي صيانة التراب المصرى وعدم الخضوع للمزايدات التي كان لا يمكن الانسياق اليها والدخول في متاهات تعرقل عودة هذا الجزء الغالي من ارض الوطن.

والان وبعد مرور ٢٨ سنة على ملحمة استعادة طابا والتى فرضت نفسها على الوجدان المصرى القومى، فرغم أن مساحة طابا تتجاوز الألف متر بأمتار قليلة، إلا أن الدولة المصرية أثبتت ومازالت تثبت للعالم أجمع أن من أول مبادئها الحفاظ على كل حبة رمل او شبر او حفنه من تراب ولا تقبل التجزئة أو المساومة علي اراضيها فجاءت عودة طابا حدثا تاريخيا يمثل انتصارا فريدا في تاريخ مصر المجيد.

اما الدرس الثانى انه اصبح الجميع الان يدرك قيمة الارض والوطن، من كان يصدق ان شعوبنا التي انتفضت يوما ضد الإستعمار وسقط آلاف الشهداء والضحايا دفاعا عن الأرض والكرامة سوف تجد نفسها بعد عشرات السنين أمام هذه الحشود التي دمرت نفسها من الداخل، من كان يصدق ان تشهد الشعوب العربية كل هذه الإنهيارات التي اجتاحت أكثر من بلد عربي وأصبح الملايين من البشر بلا أرض أو وطن أو هويه، هؤلاء الملايين من اللاجئين اللذين انتشروا في ربوع الأرض يبحثون عن ملجأ وملاذ بعد ان دمرت الحروب الأهلية ديارهم وشردت أهليهم واستباحت دمائهم.

ويحضرني هنا ما قال أمير الشعراء: قد يهون العمر إلا ساعة وتهون الأرض إلا موضعا .. إلا طابا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى