آراءشويّة دردشة

لماذا لا نقرأ التاريخ ؟ | بقلم وليد عبد الرحمن

حينما يتحدث التاريخ فى العالم بأكمله عن أهمية الاعلام فى جميع دول العالم عبر تاريخ البشرية بالكامل، وعن دور الاعلام الهام والحيوى فى بناء الدول وتثقيف الانسان والعمل على تحضره فإننا امام صناعة هامة تخدم رسالة سامية تعمل على الارتقاء بمستوى البشر.

ولو قرأ الساسة وقيادات الدول التاريخ جيدا وتوقفوا مليا أمام التحولات الكبرى فى التاريخ العالمي باكمله لوجدوا الإعلام قاسما مشتركا فى تلك التحولات بل وأحيانا شريك فى بناء بعض الدول.

وعلى الرغم من اختلافنا مع قناة الجزيرة ودولة قطر وسياساتها وأهدافها الا اننا يجب أن نقر بان قناة الجزيرة قامت ببناء دولة قطر وساعدت فى أن تكون لها مكانة سياسية قد لا تكون حقيقية ولكنها صناعة الاعلام !.

ولو تحركنا على الخريطة قليلا لوجدنا أن الصهيونية العالمية ودولتها المحتلة قامت ونمت وترعرعت عبر استخدامها الاعلام الصهيونى وترويجه لافكار الدولة الصهيونية حتى ولو كان يروج لافكار خاصة بالاحتلال تساعد على ترويج المظلومية الصهيونية وما شابهها من محرقة هتلر المزعومة من اجل ابتزاز العالم و اقامة دولة حتى ان اعلامهم فرض بعض المصطلحات الصهيونية على الاعلام العربى و العالمى التى تدعم اهدافهم و توجهاتهم و هنا تكمن قوة و خطورة الاعلام.

وذات الحال فى الاعلام يتكرر فى الدول العظمى مثل الولايات المتحدة التى تقوم مخابراتها بإدارة اكبر الشبكات الإخبارية ولكن بمهنية شديدة وكذلك بريطانيا فى تعاملها مع الاعلام والتى اصبح لديها اكبر مؤسسات الاعلام فى العالم.

وحتى لو تحولت نظرتنا الى الدول الشيوعية فإننا سنجد اهتمام خاص من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بقناة روسيا اليوم من اجل استعادة موسكو لوضعها المفقود وهو ما حققته فعليا، فيما قامت الصين بذات التوجه حينما أطلقت قناتها الناطقة بالعربية.

ولجأ تنظيم القاعدة وجماعة داعش وجماعة الأخوان المسلمين ايضا إلى استخدام الإعلام بصيغة أو بأخرى من أجل الترويج لأفكارهم وتوجهاتهم أو بث رسائل الخوف لدى الاخر وهو ما يعنى أن الجميع يعلم أهمية الإعلام وتأثيره على الشعوب وقوته فى مختلف القضايا.

وإذا بحثنا فى آدبيات عمل أو تشكيل أجهزة المخابرات فى العالم أجمع نجد أن هناك إدارة خاصة بالإعلام فى كل جهاز من الأجهزة وحتى الأجهزة الامنية السرية منها الامر الذى يوضح أهمية الاعلام ودوره الحيوى لدى كل دول العالم عبر التاريخ.

ولو دققنا فى قرأة التاريخ وقمنا بتحليلات بسيطة نجد أن هناك من اخترع مواقع التواصل الاجتماعى لتكون إعلاما بديلا، وسواء كانت أجهزة المخابرات هى من اطلقت مواقع التواصل الاجتماعى و المنصات الرقمية لتحقيق اهدافها أو فعلا تم اطلاقها للتواصل بين البشر وتحولت بعد ذلك لمنصات اعلامية بديلة فأن هذا فى النهاية يعنى اننا أمام آلة اعلامية ضخمة ومستحيل السيطرة عليها او تحجيمها مهما صدرت قرارات من أجل هذا او تم ترويع مستخدميها خوفا من التجاوزات ضد الدول.

ولو عانت الدولة المصرية حقيقة من مشكلة الشائعات ضدها فكان من الواجب أن تكون أكثر رشدا فى استخدام إعلامها لوأد تلك الشائعات فى مهدها وتكون معلوماتها متدفقة وإعلامها قادر على توصيل الرسائل إلى المواطنين فعليا وليس كما يحدث حاليا من إغلاق للمنابر الاعلامية المسموعة و المقروءة والمرئية والاليكترونية او السيطرة عليها و تاميمها وتكميمها واستخدام مجموعة ليست لها مصداقية ولاحضور فى الشارع وغير معبرة عن الواقع بل الانكى انها تلجا الى سب الشعب ووصفه بالجهل، حتى الاراجوز الذى تم استدعاؤه لتوصيل رسائل إلى الشعب لم و لن تصل.

اذا ارادت الدولة أن تتحكم فى الإعلام فلا مانع فى اطار الحفاظ على الامن القومى والهوية المصرية ومكتسبات الدولة ولكن من خلال تدفق المعلومات والحفاظ على المهنية وحق المواطن فى المعرفة وليس بالطريقة الحالية التى ثبت فشلها الذريع.

واذا كان الدولة المصرية تشكو من هجمات متتالية من الاعلام المعادى فلقد دمرت بنفسها وسائل و خطوط الدفاع الاعلامية الخاصة بها.

يا سادة اقرأوا التاريخ وتعلموا منه، الاعلام ليس فيه سم قاتل .. ادعموه و لا تدمروه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى