آراءشويّة دردشة

لكل جواد كبوة | بقلم د. روان عصام يوسف

بقلم د. روان عصام يوسف

لكل جواد كبوة مقولة تدل على أنه حتى الجواد رغم قوته قد يسقط وينهزم.

وفعلاً شاهدنا بعض الخيول تتعثر وتسقط، وكذلك حال الإنسان.

ولكن هناك فرق بين أن تسقط وتقوم مرة أخرى، وبين أن تستمر فى الهاوية.

قدرة الوقوف والاستمرار قدرة لا يتحلى بها سوى قلة من الناس فقد لا يكون النجاح حليفنا فى كثير من المرات، قد نمر بمراحل فى حياتنا نفقد فيها كل شيء، وتتبعثر أحلامنا ويضيع منا الأمل والحلم الذي رسمناه لمستقبلنا وتضيع ذواتنا، وذلك سهل أن يحدث لأي شخص، ولكن المرحلة الأصعب أن تقف مرة أخرى على قدميك وأن تلم ما بعثرته الحياة وتبني مستقبلك من جديد بعد أن غيرت الظروف مجراه، وذلك التحدي الصعب الذي لا يستطيع القيام به كثير من الناس.

شاهدت الكثيرين هوت بهم الحياة وسقطت بهم ولم يستطيعوا الخروج من ركامها المتحطم فوق رؤوسهم، وشاهدت فئة أخرى مرت بنفس الظروف والعقبات ولكن نفضت عن نفسها غبار وهموم الحياة وبدأت من نقطة الصفر غير مبالية بما حدث لها.

كذلك حال الآمم فلها نهضه و لها نكسه، و الايام تعلمنا ان كلاهما لا يدوم، فبعد كبوة الخيل ينهض وبعد هفوة العالم يستفق ويصحح هفوته، والآمم بعد ان تصاب بالنكسه وتتجرع مرارة الانتكاسه لابد ان تنتهض، ان اكثر الآمم مصارحة مع ذاتها و نقدها لنفسها هي الاكثر تهيئه للنهوض من جديد، فلابد للآمة ان تتصارح مع عيوبها و تضع يدها على الجرح و انين ألمها ذلك لكن حتى تقطع منه النزف، لايمكن ان نفكر بنهضة دون نقد واع وبناء لواقعنا وحالنا لا يعد مشروعا نهضويا فاعلا، لذلك ارتبطت النهضات غالبا بشعور الامم بانها اضاعت الكثير واسرفت الكثير، وعندما تنظر الى تاريخها والى حاضرها وترى ان مستقبلها امامها مجرد لوحة سوداء عديمة الملامح غير محددة التفاصيل، لذلك فان اول خطوات النهوض مصارحة الذات وتقبل نقد الاخر ونقد الذات، لكن يستحيل ذلك ما دمنا نرمي بفشلنا على شماعات كثيره، ولا نصارح انفسنا ولا نصدق معها ونعول فشلنا وانتكاستنا على غيرنا، اننا لا نصارح انفسنا ابدا، ان نقدنا لذاتنا سوف يعري عوراتنا التي نسترها بحجج غير مقبوله، لذلك يواجه النقد في مجتمعنا معيقات كثيره.

وفى ثقافتنا العربية وقوف مرير عند جراح الماضي ونبش قبوره المهجورة والتي مضى عليها وقت طويل ونشبه في ذلك الأسطوانة المشروخة التى تقف عند مقطع واحد وتكرره مراراً وتكراراً ولاتستطيع الانتقال إلى مقطع آخر.

تعودنا على ذلك ونربي أطفالنا عليه ونراه حتى في الأغاني والشعر العربي ولعلها جزء من سيكيولوجية الإنسان العربي التي تعوق تقدمنا كمجتمع وتشعرنا بالضعف والعجز.

ولعله حان الوقت لنبذ هذه العادة السلوكية لمستقبل أفضل لنا وللأجيال القادمة، فلكل جواد كبوة ..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى