لا تكونوا أنتم والزمان على مصر !! .. بقلم جورج عياد
لا أستطيع أن أفهم ما يدور في فلك الفتنة الطائفية، لقد تم استنزاف كل الحيل و الألاعيب لإحداث ما تسمى الفتنة منذ 30 سنة عبر تجنيد أقباط المهجر – ملحوظة: فقد أقباط المهجر وضعهم بعد استخدام الإخوان من جانب وكاﻻت المخابرات الدولية – الذين بدأوا في استخدام الواقع، والوضع الداخلي في محاولة للرجوع للتجنيد مرة أخرى.
أما السلفيون، فبعد ولوج نشوة الشو والإعلام بدوا وكأنهم يلعبون الثلاث ورقات، فمرة يلعبون بورقة الخطاب الديني تارة وبورقة الانقسام تارة أخرى، فهذا يريد الدعوة فقط و ذاك يريد القيام بدور “الفزاعة” – مثل فزاعة الاخوان في الثلاثين سنة الماضية التي استخدمها النظام السابق – وهو الخطأ الأكبر، حيث كان من الأولى التخلص منهم.
اسمعوا وعو هذا الحدوتة، بعد ما سميت بأسوأ انتخابات في تاريخ مصر في سنة 2010 اتصل بي اللواء سعد الجمال ليدعوني لزيارة مدينة الصف لمحاولة الصلح بين المسيحيين و المسلمين، فذهبت إلى هناك في انتظار سيادة اللواء، وجلست في المندرة وأردت أن أعرف ما حدث، و تكلمت مع القس الموجود بالمدينة فقال لي إنها مسألة بسيطة و لكن تدخل بعض الناس واشعلوا الأزمة.
قلت لأبونا “احكيلي ” فقال ” الحدوتة بدأت عندما كان فلاح مسيحي عجوز لكنه قوي البنية مع جاموسته خارجا من الغيط، و كان هناك شاب مسلم يقود سيارته، وقد أطلق صوتًا من آلة التنبيه الخاصة بالسيارة، فما كان من الفلاح العجوز إلا أن شتم الشاب متهمًا إياه بخضة الجاموسة مقتنعا بأن هذه الخضة قد تؤدي لعدم انتاج اللبن، وما لبث أن رد عليه الشاب حتى تعدى عليه الفلاح العجوز بالضرب، في الوقت ذاته كان هناك صبي يرقب ما يحدث فذهب مسرعًا إلى إمام الجامع قائلا له ” يا شيخ الفلاح المسيحي يضرب الشاب المسلم ” فما كان من الشيخ إلا ان صاح قائلًا “حي على الجهاد المسيحيون يقاتلون المسلمين ” فقامت القرية بضرب بعضها البعض و أصيب من أصيب، واشتعلت الأمور إلى درجة خطف الأطفال و الرضع “.
ثم حضر الجميع الصلح العرفي و بدأ هناك القس والشيخ و أبناء القرية من الطرفين النفاق فهذا يحضن ذاك، و الآخر يحكي عن العشرة و سنينها حتى تم الصلح، ثم جاء الدور لأقول كلمة فقلت لهم ” أنا لا أستطيع أن أصدق ما حدث إذا كان حقيقي، وإن كان حقيقي فهذه كارثة سببها الجهل و التطرف”.
ثم أزدت قائلا “أنتم لا تستحقون الأرض التي تعيشون عليها ” مطالبًا إياهم أن يحبوا بعضهم في قرية يبلغ عدد المسيحيين فيها 700 فرد مقابل 7000 مسلم.
وددت بهذه الحدوتة أن أخاطب و أنبه رجال الدين المسيحي والمسيحيين إلى أهمية عدم استغلال هذه الفتن، لأن هناك من القساوسة والأساقفة من يستخدم هذه الفتن لأغراض شخصية من جلب الهبات والتبرعات، حيث إن هناك جانب من القساوسة يشتكي للبابا أنه مهدد ليصدر أوامره لهم بالسفر إلى الخارج، وعندما يسافرون لا يظهرون مرة أخرى، وهنا يبرز مثالا للقس فلوباتير الذي جمع شباب شبرا فقام بما يسميها معركة ماسبيرو واستشهد الكثيرمن شباب شبرا، و ظهر على الفضائيات في مداخلات مع السلفيين، و سمع ما لا يريد سماعه، و جرى راجعًا للبابا المتنيح شنودة ” الحقني يا سيدنا..السلفيين وعلى رأسهم ياسر برهامي يريدون قتلي” فأصدر البابا أمره وأرسله إلى الخارج، ومنذ ذلك اليوم لم يسمع عنه شيئا حتى الآن.
أما المسيحيون فصنعوا “سيديهات” و أرسلوها للسفارة الأمريكية للسفر إلى بلاد العم سام بدعوى الاضطهاد الديني للحصول على الإقامة، أما المسلمون البسطاء الذين بينهم عدد كبير من الأميين ممن يستمعون للفتاوى أو ينساقوا إلى خنادق الفتن الطائفية، ليصبحوا نادمين على ما انساقوا وراءه، وأنهم كانو أدوات لمصالح السلفيين و الإخوان.
إن الحادث الذي شهدته المنيا مؤخرًا هو أكبر دليل على فساد و جهل الكثيرين من بينهم المحافظ ومديرالأمن والشيوخ والأساقفة أو ما يمكن أن تسميته بفساد الجميع، فكل يعمل على مصالحه الخاصة.
لابد من سن القوانين لتجريم مثل تلك الحوادث و التعامل مع من يشعلها على أنه مس الخط الأحمر المتعلق بأمن مصر القومي مثله مثل تقسيم مصر، فهناك 5 أنواع من العملاء المخابراتيين ينتظرون مثل هذه الحوادث التي ينتمي مرتكبوها ومشعلوها إلى مرتكبي تهم الخيانة العظمى.
فالقيادة السياسية في بلادنا التي تبذل أقصى ما في جهدها لدحر الإرهاب الخارجي، لا ينقصها أيضًا أن تواجه إرهابًا ومحاولات تقسيم داخلية، وأنتم يا مصريين لا يمكن أن تكونوا سببًا للانقسام أو الترويج للشائعات، فلا تكونوا أنتم والزمان على مصر.