كيف أكون حكيما ؟| بقلم د. روان عصام يوسف

يقول المولي عذ وجل”يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا”صدق الله العظيم.
اردت ان ابدأ مقالتي بالايه الكريمه التي تبين لنا ان الحكمه نعمه لما لها من مكانة عظيمة في الكتاب والسنة، ولحاجة الأمة حاضراً ومستقبلاً إليها في كل شؤونها فالحكمة نعمة ومن الناس من يظن أو يعتقد أن الحكمة تقتصر على الكلام اللين، والرفق، والعفو، والحلم..فحسب وهذا نقص وقصور ظاهر لمفهوم الحكمة؛ فمن يؤتي الحكمه فقد حاز علي نعما لا حصرا لهاوالحكيم هو المتقن للأمور، يقال للرجل إذا كان حكيمًا: أي قد أحكمته التجارب، وإنّ من أعظم الصّفات التي ينالها الإنسان في هذه الحياة الدّنيا ويظفر بها صفة الحكمة، بل إنّ سعي كثيرٍ من المفكّرين والمؤرّخين والفلاسفة عبر التّاريخ هو الوصول إلى هذه المرتبة من التّفكير والحدس والفراسة، فالحكمة هي اسم جامع لمعانٍ كثيرة، فقد تشتمل على معنى الفطنة والذّكاء في النّظر في المسائل والمعضلات، وقد تعني الرّأي السّديد والحكم الموفّق الصّائب في الأمور بعد التّفكر والنّظر والموازنة بين المصالح والمفاسد وترجيح الرّأي الأصوب، وغالبًا ما ترتبط الحكمة بكبار السّن والشّيوخ بسبب التّجارب الكثيرة التي يمرّون بها والخبرات التي يكتسبونها عبر مراحل حياتهم الطّويلة بحيث تعمل على صقل شخصيّتهم وتعميق نظرتهم إلى الحياة والكون والنّاس.
وقد خلّد التّاريخ ذكر كثيرٍ من الحكماء، الذين كانت لهم بصماتهم ونظرّياتهم الفكريّة التي أثّرت في تاريخ الفكر الإنسانيّ، بما أضافته من أفكارٍ، ونظريّات جديدة أفادت الإنسان في حياته، ومن العلماء الذين اشتهروا بالحكمة في التّاريخ الفلاسفة اليونانيون، كأرسطوا، وأفلاطون، وسقراط، ومن الحكماء العرب عُرف ابن رشد، والفارابي، وقد حدثّنا القرآن الكريم عن شخصيّةٍ اشتهرت بالحكمة وذهبت مثلاً فيها وهي شخصيّة لقمان الحكيم الذي اشتهر بوصاياه لابنه في مجال العقيدة والأخلاق.
فما أجمل الحكمه وما اروعها نعمه ينعم بها الله علي عبده، وأن رأس الحكمة هو مخافة الله، وإلا لكانت تلك الحكمة بدون مخافة الله حكمة زائفة وكالحمار يحمل أسفاراً، وليس صحيحاً قول الناس من باب المداعبة والفكاهة : ” خذوا الحكمة من أفواه المجانين ” ، فالحكمة يلزمها وجود عقل سليم تصدر عنه، وإن كانت الحكمة في جانبٍ كبير منها منحة من الله تعالى لعباده إلا أنّ هناك جانباً مكتسباً، بحيث يستطيع أيّ إنسان أن يعظّم جانب الحكمة في حياته، ففي الحديث الشّريف عن النّبي عليه الصّلاة والسّلام أنّ الحكمة هي ضالّة المؤمن التي ينشدها ويسعى إليها على الدّوام ذلك أنّه أحقّ النّاس بها بسبب سلامة عقيدته وصحّة إيمانه وتوحيده بالله والحكمة ليست جيناً وراثياً ينتقل بالوراثة من جيل إلى جيل، وإنما هو إرث ذاتي مكتسب، نابع من العديد من التجارب من خلال تعلم كل ماهو جديد والتعرّف على الكثير من الأمور، و الإنسان الحكيم هو خير مثال، وأجمل صوره يمكن أن تَصل للجميع عن فكر أو دين أو مجتمع، هناك مثلا اسبانيا يقول ” يمكن للحكيم الجلوس على عرش النمل ولكن لا يجلس على عرش النمل الا الحمقى “فالعقول المُتفتحة النَّيرة هي التي تَسعى لمعرفة كل ماهو جديد، ومن أولوياتها معرفة المجهول والإلمام بجميع مجالات الحياة.