ألقى الأستاذ الدكتور/ هشام عرفات وزير النقل كلمة في منتدى تحديد أثر طريق الحرير وايجاد الفرص الاستثمارية بين الدول العربية والصين، وجاء نصها كالتالي:
يسعدني ان أرحب بحضراتكم في مدينة الاسكندرية العريقة التي مثلت عبر التاريخ مرفاء حضاري رئيسي ليس فقط لربط مصر بالعالم ولكن كنقطة تواصل رئيسية بين ضفتي البحر المتوسط ومصر لحركة التجارة عبر طريق الحرير القديم ، وهو ما سجلته كتب التاريخ الصيني القديمة ومنها كتاب “سجلات البلدان”.
واذا كنا نلتقي اليوم في هذا المنتدى الذي تنظمه الامانه العامة لجامعة الدول العربية بالتعاون مع الاكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا اعمالا لقرارات مجلس وزراء النقل العرب تحت عنوان ” تحديد آثر طريق الحرير وايجاد الفرص الاستثمارية بين الدول العربية والصين ” وبمشاركة ممثلين ليس فقط من الصين والدول العربية ولكن ايضا تمثيل لايطاليا كأحد الشركاء الاقليميين الهامين ، فان ذلك يعكس الحرص على دعم هذه المبادرة وتحقيق الاستفادة والرخاء للجميع في ظل عالم نأمل أن تسود بين دوله وشعوبه روح التكامل والعمل من أجل مصير مشترك أفضل للجميع.
ترتبط الدول العربية والصين بعلاقات تاريخية وثيقة قائمة على التعاون والاحترام والدعم المشترك تجددت في العصر الحديث باقامة العلاقات الدبلوماسية بين مصر والصين عام 1956 وتوجت بانشاء منتدى التعاون الاقتصادي العربي الصيني عام 2004 وجاءات مبادرة الرئيس الصيني شي جينيينج التي أطلقها عام 2013 لاحياء الحزام والطريق لتمثل فرصة لتطوير هذه العلاقات ، وهو ما انعكس في قيام الصين بتعزيز شراكتها الاستراتيجية مع 11 دولة عربية وابرامها لاتفاقيات تعاون بشأن المشاركة في بناء ” الحزام والطريق ” مع تسع دول عربية .
وعلى مستوى العلاقات الثنائية بين مصر والصين ، فقد شهدت هذه العلاقات تطورات استراتيجية غير مسبوقة خلال الأعوام الأخيرة ومنذ انعقاد القمة المصرية الصينية عام 2014 وحتى الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس السيسي للصين في بداية هذا الشهر للمشاركة في أعمال المنتدى التعاون الاقتصادي والصيني الأفريقي “فوكاك ” والتي شهدت ايضا ابرام عدد من اتفاقيات التعاون في عديد من المجالات.
فعلى الصعيد الاقتصادي تطور حجم التبادل التجاري بين البلدين وكذلك حجم وتنوع الاستثمارات الى جانب التعاون العلمي والتكنولوجي .فقد بلغ حجم التبادل التجاري في الربع الأول من العام الحالي 2,835 مليار .كما ان حجم التجارة الثنائية شهد نمو بنسبة 24% على أساس سنوي خلال السبعة أشهر الولى من العالم الجاري ليصل الى 7,5 مليار دولار أمريكي. وبلغت الصادرات الصينية لمصر 6,5 مليار دولار بيما بلغت الواردات الصينية من مصر مليار دولار امريكي بما يمثل زيادة تبلغ 60% عن عام 2016.
وقد شهدت الاستثمارات الصينية المباشرة في مصر ارتفاعاً يقدر بـ 106 ملايين دولار في النصف الأول من عام 2017 بزيادة تقدر بـ 75% عن نفس الفترة من العام السابق وبهذا احتلت المرتبة السادسة في قائمة الدول المستثمرة في مصر بعد ان كانت من المركز الـ 15 عام 2016 ، اضافة الى استثمارات الصين في منطقة التعاون الصيني – المصري .
ومن جانب آخر ، شهد التعاون بين المؤسسات المالية الصينية مع البنوك المصرية عام 2017 ابعاد جديدة من خلال الاتفاق لتبادل العملات المحلية مما يتيح تبادل المعاملات التجارية بين البلدين بعملتهما دون التقيد بالدولار خاصة بعد اعتماد صندوق الدولي ” لليوان الصيني” كعملة رسمية للمبادلات التجارية الدولية.
وتقف مصر اليوم على أرض راسخة ولديها قدرة فاعلة على الانفتاح والتفاعل في شراكات في اطار مبادرة الحزام والطريق معتمدة في ذلك ليس فقط على ما لديها من موقع استراتيجي منحها مكانه وقدرة متميزة في ربط الشرق بالغرب ، ولكن أيضا ما أنجزته خلال السنوات القليلة الماضية من ترسيخ لأركان الدولة المصرية وتحقيق الاستقرار وهزيمة للإرهاب وتفعيل وتعبئة قدرة مؤسسات الدولة المختلفة للمساهمة في انجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي والتشريعي الذي حقق حتى الآن نتائج أشاد بها العالم كله بمؤسساته الرسمية كالبنك الدولي وصندوق النقد ومؤسساته النوعية المتخصصة مما ساهم في رفع تصنيف مصر الأئتماني ، وهي كلها مؤشرات تشجع على جذب الاستثمار في مصر والتجارة معها والسياحة اليها.
ويأتي في قلب سياسة الاصلاح الاقتصادي التي تشهدها مصر المشروعات القومية الكبرى التي تقوم بها الدولة لتطوير البنية التحتية وخاصة في مجالات النقل ومنها مشروع انشاء شبكة طرق كبرى وتطوير شبكة النقل البري والسككي وربطها بمناطق لوجيستية والموانئ البحرية، وذلك في اطار العمل الجاري لتطوير ورفع كفاءة المنظومة البحرية والموانئ المصرية ووضع الخطط التنفيذية لمخطط شامل للموانئ المصرية حتى عام 2030 ، بما يساهم في دعم الموقع الاستراتيجي لمصر وربطها بطريق الحرير البري والبحري ودعم دورها كمعبر هام للوصول للأسواق العربية والأفريقية والأوروبية.
أخيرا نتطلع للوقوف خلال هذا المنتدى على رؤية المشاركين من الجانب الصيني والشركاء الاقليمين بالمبادرة من الدول العربية وايطاليا ، آملين أن تكلل حواراتنا بالنجاح في بلورة فكر مشترك حول سبل التعاون في اطار هذه المبادرة التاريخية .
ولا يفوتني أن أتوجه بالشكر للأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري على المجهود المبذول لاستضافة هذا المنتدى وحسن التنظيم.