كلمة مكرم محمد أحمد فى احتفالية الجامعة العربية بيوم التراث
أكد الكاتب الصحفى مكرم محمد أحمد، رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، فى كلمته خلال احتفالية الجامعة العربية بيوم التراث الثقافى العربى، اليوم الاثنين، إن الجامعة العربية ما زالت رغم ظروفها الصعبة تناضل من أجل عالم عربى أكثر تضامنا وقوة، وتدفع بالعمل العربى المشترك لمستوى الأمنيات التى تنشدها الشعوب العربية من المحيط للخليج، بقيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس.
وفيما يلى ننشر نص كلمة مكرم محمد أحمد فى الاحتفالية:-
السيد الأستاذ أحمد أبوالغيط، الأمين العام للجامعة العربية
السادة أصحاب المعالى الوزراء والسفراء
الحضور الكريم
تحية احترام وإجلال للجامعة العربية وأمينها العام، التى لا تزال تناضل رغم ظروفها الصعبة، من أجل عالم عربى أكثر تضامنا وقوة، وتدفع بالعمل العربى المشترك إلى مستوى الأمنيات التى ينشدها الشعب العربى من المحيط إلى الخليج، بقيام دولة فلسطينية تعيش فى أمن وسلام إلى جوار دولة إسرائيل، وعاصمتها القدس الشرقية، ولا تزال الجامعة تعتبر هذين الشرطين الواجبين الأساس الممكن والوحيد لقيام سلام شامل وعادل فى الشرق الأوسط، تحت شعار المبادرة العربية الصحيحة، كل الأرض مقابل كل السلام .
تحية إجلال واحترام للجامعة العربية التى لا تزال تناضل رغم كل ظروفها الصعبة، حفاظا على هوية العرب الثقافية التى تتهددها أخطار ضخمة تنذر باندثار حقوقهم التاريخية ومصالحهم المشتركة وتفتيت عناصر وحدتهم وتضامنهم، لأن الآخرين لا يريدون لهم أن يكونوا قوة مترابطة يجمعها وحدة النضال والمصير.
تحية إجلال واحترام لكل من أسهم فى أن يكون الاحتفال بيوم تراث الثقافة العربية حدثا مهما من أحداث الجامعة العربية، يؤكد القيمة الإنسانية لتراث العرب الثقافى الذى وحد الأمم والشعوب وقارب بين ثقافاتهم المختلفة فى العصر الوسيط، عندما كانت أوروبا لا تزال تعيش عصور الجهالة والخرافة، بينما يدرس العرب تراث سقراط وأرسطو بحثا عن الحقيقة، ويعلون قيمة العقل الإنسانى، ويجعلون حسن استخدامه واحترامه فضيلة إنسانية واجبة، ويفردون له مكانة تسبق مكانة النقل، إلا أن يكون النقل قرآنا أو سنة، ويبقون على باب الاجتهاد مفتوحا بلا قيود، ويجعلون ابن رشد وموسى بن ميمون وابن سينا والفارابى وابن الهيثم علامات بارزة فى تاريخ الفكر العربى فى تواصله مع الفكر الإنسانى .
ومن المؤكد أن من حقنا أن نفخر بتراثنا العربى فى مجالات عديدة، ونعتبره جزءا من هوية العرب وشخصيتهم، وقد يكون من الضرورى أن نبقى على هذا التراث حيًّا ينبض بالحياة، لا يموت ولا يتقادم، لأنه يجدد نفسه على نحو منتظم، مثل شجرة صالحة أصلها ثابت فى الأرض، لكن ما من شك أيضًا فى أن تراثنا مثل كل تراث إنسانى يحفل بكثير من الخرافة والسحر، بسبب نقص المعارف وحداثة التفكير العلمى وقلة التجريب، وسيطرة النقل وشيوع التقليد والمحاكاة، وتقديس الموروث، والفعل المتعسف بين التراث وبيئته الأصلية وأسبابه التاريخية، بما يحول دون الرؤية المتكاملة التى ترى الظواهر فى إطارها الزمنى الصحيح .
وأظن أننا عانينا كثيرا من سوء فهمنا لتراثنا التاريخى، وفصلنا غير الصحيح بين الموروث الثقافى وبيئته الأصلية، وتأويلنا المتعسف لكثير من المنقول، بما يوجب إعادة فحص هذا التراث وتقييمه فى ضوء معارف العلم ومطالب العصر الجديد، لأننا نعرف بدنيانا المتطورة المتغيرة التى تشبه ماء النهر فى حالة التغير والجريان المستمرة، ولا تناقض المرة بين اعتزازنا بتراثنا التاريخى الذى يشكل جزءا من هويتنا الأصلية، وبين رؤيتنا العصرية لبعض مفاهيم هذا التراث التاريخى فى ضوء اجتهادات العقل الإنسانى ومعارف الإنسان المتجددة المتطورة .