كتب كرة القدم .. المتعة مستمرة رغم انتهاء المونديال

ساعات ويسدل الستار على مونديال روسيا الساحر لكرة القدم، والذي امتد على مدى شهر كامل ضيفا عزيزا على الملايين، بمباريات ممتعة ومفاجآت مدهشة.
تلك المتعة يمكن أن تستمر حتى بعد انتهاء المونديال من خلال القراءة، فعالم كرة القدم لم يعد يستهوي عشاق “الساحرة المستديرة” من اللاعبين والجمهور فقط، بل أيضا صار شاغلا للكتاب والمؤلفين، بل وحتى الفلاسفة.
تزخر المكتبة العربية والعالمية بالعديد من الكتب التي تتحدث عن كرة القدم وكأس العالم من مختلف الزوايا التاريخية والفنية والسياسية، وأيضا الفلسفية، أو حتى من زاوية القصص الطريفة والحكايات الغريبة.
واحد من الكتب الشهيرة التي تجعلك تتوقف كثيرا أمام صفحاته، هو كتاب “كرة القدم بين الشمس والظل”، للمؤلف إدواردو جاليانو، ورغم أن الكتاب صادر منذ سنوات، لكنه لا يزال يحظى باهتمام القراء المهتمين بكرة القدم، حيث يتناول المؤلف كرة القدم بشكل فلسفي مختلف عن ذلك المنظور الذي ينظر به الكثيرون إلى كرة القدم.
ويعتبر المؤلف أن كرة القدم مثلها مثل الفن مرآة لمجتمعاتها، وأن ملعب المباراة هو مسرح يحمل بين طياته العديد من القصص الإنسانية.
وقد ركز “جاليانو” على كل عنصر من عناصر اللعبة بشكل منفرد، كما تحدث أيضا عن أساطير اللعبة في كأس العالم مثل “بيليه” و”مارادونا” و”بلاتيني” وغيرهم من نجوم كأس العالم منذ عام 1938 حتى عام 1994، وتمت ترجمة الكتاب إلى العربية ونشر في مصر عن دار “طوى”.
ومن الكتب الشيقة أيضا التي يمكن الاحتفاظ بها عن كرة القدم وكأس العالم، كتاب الصحفي والكاتب الأرجنتيني لوسيانو برنيكي الذي يحمل اسم “أغرب الحكايات في تاريخ المونديال”.
وقد تصدر الكتاب المبيعات في عدة دول بأمريكا الجنوبية، حيث يتضمن نحو 400 قصة مثيرة وطريفة وقعت خلال البطولة منذ بدايتها قبل 88 عامًا.
ومن القصص المثيرة التي يتضمنها الكتاب الذي تمت ترجمته إلى اللغة العربية، وصدر في مصر قبل أيام من مونديال روسيا 2018 عن طريق الكاتب والمترجم المصري محمد الفولي، حكاية تعرض الكأس للسرقة قبل نسخة 1966 قبل أن يعثر عليها الكلب “بيكلز”، وكذلك حكاية رفض الهند المشاركة في بطولة 1950، لعدم السماح للاعبيها باللعب “حفاة الأقدام” كما اعتادوا، إضافة إلى بعض القصص التي تحمل طابعًا إنسانيًا مثل رفض يوهان كرويف أسطورة هولندا المشاركة في بطولة 1978 بعد تهديد حياته وحياة أسرته في برشلونة.
وهناك أيضا قصة طريفة تحمل عنوان (الميت الذي سجل هدفًا في كأس العالم) وتروي حكاية اللاعب خوان أوبرج الذي مثّل أوروجواي في كأس العالم 1954، وفي مباراة قبل النهائي كانت أوروجواي متأخرة بهدفين أمام المجر، ونجح أوبرج في تسجيل هدفين ليدرك التعادل، وأُصيب أوبرج بنوبة قلبية بسبب الإفراط في الحماس والاحتفال، وقيل إنه مات إكلينيكيًا في الملعب، ولم يكن مسموحًا آنذاك بتبديل اللاعبين، وبعد إفاقته عبر التنفس الصناعي وتدليك القلب عاد ليستأنف اللعب.
ولم يكن الكتّاب والمؤلفون العرب أقل اهتماما بالكتابة عن كرة القدم، فنجد الكاتب الصحفي د.ياسر ثابت يقدم مجموعة من الكتب التي يمكن أن تنتمي إلى عينة الكتابة الأدبية الرياضية، ومنها “موسوعة كأس العالم من الأوروجواي 1930 إلى روسيا 2018″، إضافة إلى كتابه الأخير الصادر قبيل المونديال بعنوان “الملك والفرسان الثلاثة” عن النجم المصري العالمي محمد صلاح، ويرصد الكتاب تفاصيل وملامح أدبية عن محمد صلاح باعتباره كما يقول المؤلف “ظاهرة كروية فريدة، ليست في الكرة المصرية ولا العربية فقط، بل العالمية”.
ولا يقتصر الكتاب فقط على تسجيل إنجازات “صلاح” كلاعب، بل يقترب منه كإنسان، فيحلل الجوانب النفسية لشاب من أعماق الريف المصري، وكيف استطاع استيعاب الصدمة الحضارية، والانتقال من قرية بسيطة إلى مدن الضباب والثلج، وقدرته على التأقلم مع الواقع الجديد متعدد اللغات والثقافات، وينعكس ذلك مثلا في نطقه للغة الإنجليزية بهذه الطلاقة، وتطويره من أدواته، وإجادته احتراف التواصل الإنساني وتطوعه للعمل الخيري، حتى تحول في محيط المجتمع المصري بل والعالمي إلى قدوة للشباب.
أما إذا قررت الانتقال من متعة الواقع العالمي لكرة القدم، إلى صخب الكرة المصرية فيمكنك قراءة كتاب د. ياسر ثابت أيضا “حروب كرة القدم” الصادر عن دار العين، والذي يتضمن رحلة بلغة أدبية في تاريخ كرة القدم في مصر، والعديد من المحطات المهمة التي مرت بها في علاقاتها مع أهل السياسة، ودور القوى السياسية المؤثرة في الرياضة مثل دور الاحتلال البريطاني، ومولد الأندية الشهيرة، وصعود أهل الحكم والقصر إلى المواقع والمناصب الكروية، وتلك العلاقة المتشابكة بين الدين واللعبة داخل المستطيل الأخضر وخارجه.