آراءشويّة دردشة

قمة بايدن – بوتين.. التقاعد المبكر| بقلم عميد د. عمرو ناصف

خرج (بوتين) اليوم على الصحافيين فى القاعة المغلقة بكامل هيئتة وعنفوانه، بوجه صبوح ضحوك يملأه الشباب والحيوية، وكأنه يقول لاحاجة لى بالأماكن المفتوحة فأنا بصحة جيدة ولا أخشى شيئا فى زمن الكورونا فنحن أصحاب اللقاح.

ثم بدأ – وبشكل عشوائي – فى تلقى الأسئلة والإجابة على الصحافيين بالإجابات الأقوى والأوضح والأسرع، والتى يقول فى طياتها للعالم أجمع ( أنا ملك الرقعة الشطرنجية ) وجاهز بكل عتادى للمواجهة، فإستشف العالم كله – ونحن منهم – أنه الأقوى، الأجرأ، الأكثر سيطرة، وأنه – وإن كانت أمريكا قد تعالى صوتها مؤخرا – فذلك بموافقة منه و بعد أن سمح لها بإستخدام الأبواق التى لايلقى لها بالاً، وكانت نماذج تلك الإجابات ملخصة فيما يأتي ولم تتجاوز الدقيقة الواحدة لكل إجابة منها:

س/ تتحدث أمريكا عن أن روسيا تنتهك حقوق الانسان، ماردكم ؟

ج/ لو أن هنا صحفى أمريكى فليوضح لنا ماهية ( معتقل جوانتنامو ) أو كيف مات المواطن الأسود تحت أحذية الشرطة الأمريكية ! … ثم يشير للسؤال التالى.

س/ بايدن يتهمك شخصيا بقمع المعارضين وقتلهم وسجنهم ؟

ج/ هناك ٤٠٠ مواطن أمريكى معارض مقبوض عليهم فى إقتحام الكونجرس ومنهم من حكم عليه بالسجن المؤبد بجريمة الإرهاب لأنه كان يحمل خشبة، وهناك سيدة خافت من الشرطة وشرعت فى الجرى فاطلقوا عليها النار من الظهر وقتلوها لأنها خائفة ! … ثم يشير للسؤال التالى.

س/ الرئيس بايدن يتهمكم بتجييش وعسكرة القطب الشمالي، ماردكم ؟

ج/ هناك إتفاقية للبحار وإتفاقية دولية للمياة الإقليمية وكلنا ملتزمون باتباعها ! … ثم يشير للسؤال التالى.

س/ هناك إتهامات متكررة من أمريكا لروسيا بالهجمات السيبرانية والإلكترونية عليها، ماردكم ؟

ج/ الفضاء واسع وليس به ماينظمه وبالنسبة لنا فقد قمنا بحصر الشركات والجمعيات الغير شرعية التى تدعمها أمريكا ( يقصد منها جمعية راديو اوروبا الحرة ) إليكترونياً وسنرسلها للرئيس بايدن إذا لزم اتخاذ اللازم ! … ثم يشير للسؤال التالى.

س/ أنا صحفية أمريكية أعمل هنا فى مكتب وكالة أنباء أمريكية هنا فى روسيا وأحب أن اقول لسيادتكم ان ابنتى الصغيرة تبلغ من العمر ٩ سنوات وتسألنى لماذا الشباب هنا لايتمتعون بالحرية ودائماً تحت القمع ؟

ج/ قولى لها أن العالم الذى نحيا فيه متوحش، وفى المرة القادمة التى نلقى القبض فيها على هؤلاء الشباب سوف نرسل لها صورهم مع الأسلحة الأمريكية المضبوطة معهم والتى يحملونها فى وجه الدولة.

ثم تلقى مراسلة احدى الصحف الأمريكية كرةً من اللهب فى وجه (بوتين) الشاب ليتلقفها بمنتهى الذكاء ويرد السحر على ساحره

س/ لماذا لم يدعوك الرئيس (بايدن) إلى البيت الأبيض ؟

ج/ قد يكون من الجائز لأنى لم ادعوه إلى بيتنا.

ثم يخرج ويخرج الصحافيون من القاعة متهللين مستبشرى الوجوة معجبين بل ومنتشين بتلك الإجابات ولسان حالهم يقول ( هيا بنا لنغرق العجوز فى ذلك التسونامى الذى أطلقة الفتى الصغير بوتين ) ليخرج بايدن عليهم – وطبقا لإختيار مسبق – فى منطقة خضراء مشمسة مفتوحة، وكأنه يقول ( أنا أكثر وعياً من صاحبكم )، ولكن بدا على الوجوه إنكار مايحاول إيصاله، وحتى حين خلع جاكيت البدلة أثناء المؤتمر ليلفت إلى كونه شاباً كذلك الروسى الناضح وجهه بالدماء، لم تتغير نظرتنا جميعا إليه فقد ظهر إنحناء عوده واستناده الى ( ستاند الاخبار ) لينفى كل ذلك بل ويثبت كبر سنه والتى تلاها مباشرة إثبات ضعف إدراكه وتناوله للأمور بمجرد أن أخذ فى الإجابة، ثم صرح بأنه قد حصل مسبقاً على كشف بأسماء السائلين مما أضفى عليه نظرة دونية من الحضور، فبالطبع قد جاء في ذلك الكشف أيضاً ماهية أسئلتهم، ولا أعزى ذلك إلا إلى خشيته من الأسئلة المحرجة ذات حساسية الإجابات والتى لايقوى على مجاراة جرأة (بوتين) وحنكته فى إجابتها، وبالاخص حين بدأ كلامه بجملة:

إستمعت لجزء كبير من حوار (بوتين) .

وتلك الجملة التى ما أراد بها إلا التنصل من التعليق على أى إجابة عن أسئلة (بوتين) يجدها محرجة له – وهى كثيرة – وقد تجلى كل ذلك أكثر فى ميوعة إجاباته وفضفاضيتها والتى تعودنا عليها من أى متحدث أمريكى منذ عقود على شاكلة:

– نعمل مع كل الأصدقاء نحو السلام.

– سنستمر يالقتال من أجل الديموقراطية.

– إتفقنا فى موضوعات حقوق الإنسان لأنه يؤدى إلى إستقرار إقتصادى وتبادل تجارى بناء، ولكن مقارنة (بوتين) لموقف إقتحام الكونجرس مقارنة سخيقة ( دون تعقيب ).

– الهجمات السيبرانية مسئولية المؤسسات الأمريكية ولن نسمح بتكرار ذلك (نفى التهمة عن روسيا).

ومع إدراكه بأن النزال لم يكن لصالحة بالنقاط والقاضية فى آن واحد، حاول الحفاظ على ماء وجه أمريكا قبل نهاية المؤتمر بتصريح لامحل له من الإعراب حين هدد روسيا بشكل مبتذل فقال:

لا اتوقع حرباً باردة مع روسيا ولكن لدى (٥٠ الف جندى) على حدود الصين ويمكن تحريكهم لأى إتجاه وفى أى وقت، ثم ما يفتأ يذكر أفغانستان أكثر من مرة فى خطابه كفزاعة لروسيا ليحاول مكافئة الميزان التى إختلت كفتيه بالثقل البيًن لـ (بوتين).

ثم لايجد حرجاً فى أن يقول صراحةً:

إن (بوتين) راضٍ عن وصفى له بالقانل، رغم أن مثل ذلك تعقيب من (بوتين) انما يصيب (بايدن) بالحرج لأنه يضعه فى موقف المضروب به وبكلامه عرض الحائط، ولكن لتستمر مهزلة الشيوخ قبالة الشباب، وحرب ( CIA ) مقابل ( KGB ) الغير متكافئة والتى فازت بها الـ ( KGB ) هذة المرة، لينتهى الحوار بإبتسامة صفراء هذيلة محرَجة من (بايدن )، لمؤتمر كان أكثر إحراجاً لحاكم أمريكا الجديد الذى ما أنفك يسب قرينه الروسى مؤخراً وكلما سنحت له الفرصة، ليخرج علينا اليوم رجلاً آخراً بلسانٍ آخرٍ لانعرفه ولا نستغربه من حكام وأعوان أبناء صهيون الذين جبلوا على الخوف ممن هم أقوى منهم وتملق حكامهم … حتى يتمكنوا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى