ثقافة وفنونعاجل

قصور الثقافة تعيد إصدار سجين ثورة 1919 في سلسلة ذاكرة الكتابة

 

أعادت الهيئة العامة لقصور الثقافة، إصدار طبعة جديدة من كتاب “سجين ثورة 1919” للكاتب الدكتور محمد مظهر سعيد في عددها رفم 207 من سلسلة “ذاكرة الكتابة”.

وجاء مشروع إعادة الإصدار لكتاب يحكي تجربة ذاتية لسجين سياسي إبان أحداث ثورة 1919 في إطار الاحتفالات بإحياء الذكرى المئوية للثورة التي كان لها بالغ الأثر في وجدان ووعي الشعب المصري على مدار 100 عام.

وذكرت الهيئة على غلاف الكتاب أن إعادة إصدار مثل تلك الكتابات يأتي “لأهمية ثورة 1919 في حياة المصريين”، لذا أعادت نشر أبرز الكتابات التي تناولت الثورة بالرصد والتحليل، احتفاء بالثورة التي ألهمت شعوب العالم الساعية للتحرر من قيد الاحتلال البغيض بالعديد من الدروس في العمل الوطني والسياسي.

الكتاب يعرفنا بمحمد مظهر سعيد الذي ولد فى 20 أغسطس 1897 ونشأ بين أسرة غرست فيه بذرة حب الدين والوطن وروح الثورة والجهاد ضد أعداء البلاد وكراهية النفوذ الأجنبي المفسد المستغل والحكم الداخلى الفاسد المستبد منذ البداية.

كان أبوه مهندسًا، فرنسي الثقافة، لقى من رؤسائه الإنجليز تعنتا وصلفا شديدا كأنهم حسبوه فرنسيًا، ما جعله دائم الجلوس بالمنزل وكثرت أحاديثه في العمل عن تاريخ الحروب الصليبية وتآمر الغرب وحملة نابليون وفساد حكم الأسرة الخديوية وعهد إسماعيل وديونه والوزراء الأجانب والثورة العرابية واحتلال بريطانيا مصر بالغزو والخيانة والرشوة، ويشيد في الوقت ذاته بالمصريين الوطنيين الذين جاهدوا بالسلاح لتحرير مصر.

وبدأت تجارب مظهر السياسية، كما يروي في كتابه، سنة 1906 عقب مذبحة دنشواى وهو في الثامنة من عمره بمدرسة عباس الابتدائية، وحينما زار المدرسة ذات مرّة مفتش إنجليزى ورأى وجهه الأحمر وطربوشه القذر- على حد وصفه، ثارت ثائرته وقال لزملائه “هذا جلاد دنشواى”.

وسارع زمائه بمشاركته في مظاهرة- لعلها الأولى لتلاميذ مصر- وهتفوا “فليسقط جلاد دنشواى.. فلتسقط إنجلترا”، وأصر المفتش على فصله نهائيا، بعدها ذهب الولد الصغير إلى جدته فى بنى سويف وتقدم لامتحان القبول للسنة الثانية باسم جديد بدل اسم شهادة الميلاد وهو “محمد حسن سعيد” فصار اسمه منذ ذلك الحين محمد مظهر سعيد حتى اجتاز مرحلة الثانوية بنجاح وتفوق، لذلك أصبحت التجارب السياسية منذ ذلك الحين صخرة على صدره، لا سبيل للتخلص منها إلّا بالتفجير، على حد تعبيره.

وانضم إلى مدرسة المعلمين العليا، ونظم طلابها إضرابا وخرجوا بمظاهرة تطوف الفنادق الكبرى والسفارات والقنصليات معلنة الاحتجاج على فرض الحماية البريطانية على مصر، ونظموا كذلك بعدها اجتماعات متتالية تجتمع في مقاهي باب الخلق والحلمية الجديدة وعابدين والسيدة زينب، ثم يجتمع الشمل مرة أخرى في دار المرحوم مصطفى بك أباظة خلف سراى عابدين، لتسلم نشرات مطبوعة.

وفى أوائل 1915 أخطرت السراى المدرسة بالاستعداد لزيارة السلطان، واستدعاه الناظر ونصحه بالتركيز في تحصيل العلم والبعد عن السياسة وعدم تجاوز الأمور خلال هذه الزيارة وأنهى كلامه له قائلا: “وقد وضعك الإنجليز في القائمة السوداء.. فخذ حذرك.

واعتقل مظهر ومعه محمد حبيب، نقيب المرغنية، وجبالى عبدالنبى، ممثل العربان، والشيخ مصطفى قديس، ممثل الأعيان والتجار الأسوانيين، لتكوينهم ما يسمى المجلس الوطني للثورة بإقليم أسوان، حتى انتهى أمرهم بالإعدام رميًا بالرصاص في الساعة الحادية عشرة من صباح يوم 3 يونيو 1919.

لكن الأمر لم ينفذ وتم إلغاؤه قبيل التنفيذ بثوان معدودة، وعادوا إلى المعتقل مرة أخرى، حتى أفرج عنهم في 20 أغسطس 1919.

الكتاب يحكي عن بطل في الثورة يكاد يكون مجهولًا لكثيرين رغم عظم عطائه الوطني ليس في ثورة 1919 فقط وإنما امتد لما قبلها بسنوات، والتي وثقها في كتاب عن مسيرته فيما يشبه السيرة الذاتية.

وجاء في 237 صفحة من القطع المتوسط، تضمنت حكاية السجين البطل في أحداث الثورة، مستهل حكايته بآيات من القرآن الكريم ثم مجتزأ من خطاب للرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وآخر من ميثاق العمل الوطني، ثم رسالتين الأولى من المؤرخ الكبير عبد الرحمن الرافعي والأخرى من عالم التاريخ الدكتور محمد أنيس.

وقسم مظهر كتابه إلى سنوات بارزة وفارقة في تاريخه الشخصي، اعتبرها “بذرة الثورة” وهي على التوالي 1906 (مذبحة دنشواي) ثم 1914 (الحرب والحماية البريطانية وثورة الطلاب) و1917 (الانتقال إلى أسوان) و1918 (الوفد المصري وتجربة نيابته عنه في أسواني) و1919 (بدء الثورة في مصر).

ثم عرض للأيام التي أسست للثورة وبدأها بـ15 مارس وبداية الثورة في أسوان، ثم 20 مارس (برنارد باشا وحديث الاستعمار)، و27 مارس (القبض والاعتقال) و13 يونيه (تنفيذ حكم الإعدام والمعجزة) 20 أغسطس (الإفراج )، واختتم بيوم 15 مارس من العام 1944 (العودة إلى أسوان بعد ربع قرن).

وتحتفي سلسلة “ذاكرة الكتابة”، إحدى سلاسل النشر الثقافي بالهيئة العامة لقصور الثقافة، بمرور مئة عام على ثورة 1919، بإصدار تسعة مؤلفات جديدة تزامنًا مع هذا الحدث الهام، وهي السلسلة التي يرأس تحريرها الدكتور زكريا الشلق، ويتولى إدارة التحرير عماد مطاوع، وهبة يحيى سكرتيرًا للتحرير.

وتأتي الإصدارات التسعة كالآتي: 1- تاريخ مصر القومي من 1914 – 1919 – 2- في أعقاب الثورة المصرية ج1 -3 – في أعقاب الثورة المصرية ج2، للكاتب عبد الرحمن الرافعي -4- ثورة مصر 1919 دراسات تاريخية تحليلية، للكاتب عبد العزيز الرفاعي -5- بريطانيا وثورة 1919 المصرية للكاتب مكي الطيب شبيكة -6- دراسات في ثورة 1919 للكاتب حسين مؤنس -7- سجين ثورة 1919 للكاتب محمد مظهر -8- تأملات في ثورة 1919 للكاتب محمد عبد الفتاح أبو الفضل -9- سعد زغلول وثورة 1919 للكاتب عبد الخالق لاشين.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى