عاجلمواطن مصري

في وداع بابا الفاتيكان.. رسالة حب للإنسانية| بقلم جورج عياد

«الْمَجْدُ للهِ فِي الأَعَالِي، وَعَلَى الأَرْضِ السَّلاَمُ، وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ» .. تحول هذا النص المقدس من انجيل لوقا إلى ملحمة محبة وسلام تجمع الإنسانية على نحو غير مسبوق خلال مراسم وداع البابا فرانسيس فكانت جنازة مهيبة عنوانها الأبرز أن الأديان إنما وجدت لجمع الإنسانية لا تفريقهم، لنشر المحبة لا الكراهية، لإرساء السلام لا إزكاء الحروب.

وتشهد جميع مواقف البابا الراحل فرنسيس بإدانته للاعتداءات الصهيونية على العزل الفلسطينيين، وكذلك لا أحد ينسى دعواته المتكررة لوقف الحرب الروسية الأوكرانية، بخلاف دعوته لوقف نزيف الدماء في السودان.. فلطالما نادى وصلى من أجل أن يحل السلام في أرجاء الأرض انطلاقاً من المبادئ السمحة لنشر المحبة والسلام وهي جوهر رسالة السيد المسيح.

ولعل ما قاله شيخ الأزهر الشريف د. احمد الطيب في نعي البابا فرنسيس ما يلخص مكانة بابا الفاتيكان في نفوس المسلمين، حيث نعى شيخ الأزهر أحمد الطيب البابا فرنسيس، مثنيا على “رحلة حياة سخرها في العمل من أجل الإنسانية، ومناصرة قضايا الضعفاء، ودعم الحوار بين الأديان والثقافات المختلفة”.

وقال شيخ الأزهر، في منشور عل صفحته في موقع “فيسبوك”، إن “العالم فقد اليوم رمزا إنسانيا من طراز رفيع، الصديق العزيز قداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، الذي سخر حياته لخدمة الإنسانية، ومناصرة قضايا الضعفاء واللاجئين والمظلومين، ودعم الحوار والتفاهم بين الأديان والثقافات المختلفة”.

وتابع شيخ الأزهر: “كان محبا للمسلمين، مخلصا في نشر السلام، ويذكر له أن آخر تصريحاته كانت للدفاع عن فلسطين وأهل غزة المضطهدين، وقد أسهمت جهوده في دفع جهود الحوار الإسلامي المسيحي، حتى وقعنا وثيقة الأخوة الإنسانية التاريخية عام 2019”.

فمنذ جلس البابا فرنسيس على مقعد الفاتيكان واعتبر السلام العالمي والسلام مع المسلمين بين أولوياته، ففي خطبته الأولى بعد الانتخاب قال البابا فرنسيس إنّ السلام العالمي تحوط به أخطار كثيرة وكبيرة، ولا بد من صونه بكل سبيل؛ لأن الحرب شقاء ومعاناة وقتل للإنسان وتدمير للعمران، ولا بد من الالتفات إلى الشقاء بالحروب في ديار الإسلام، فلا سلام في العالم إلا بالسلام مع الإسلام والمسلمين.

وتكررت نداءاته للسلام العالمي والسلام مع الإسلام في خطاباته السنوية، وقد زار خلال بابويته سبعة بلدان عربية وإسلامية، وفي كل رحلة كانت هناك الإشادة بالحوار وبالتعاون ومبادرات تقتضيها الرحمة الإلهية التي يقول بها المسيحيون والمسلمون باعتبارها مناط علاقة الله عز وجل ببني البشر، بيد أنّ ذروة رحلاته ومبادراته في نطاق الصداقة والتضامن والزمالة الدينية كانت في زيارته لأبوظبي وإعلانه عن وثيقة الأخوة الإنسانية مع شيخ الأزهر أحمد الطيب في 4 فبراير (شباط) 2019.

كان آخر كلام البابا فرنسيس قبل وفاته بساعات الدعوة لإنهاء الحربين في أوكرانيا وفلسطين، وربما كرر ذلك على مسامع نائب الرئيس الأميركي الذي تحدث إليه أيضاً.

كان البابا فرنسيس، بحسب شيخ الأزهر، هو رجل الدين المسيحي الأكثر حساسيةً تجاه آلام المسلمين ومشكلاتهم منذ مجمع الفاتيكان الثاني، والأمل أن تبقى مواريثه في الكنيسة العريقة.

فسلام على روح البابا فرنسيس، وعلى كل روح وهبت حياتها وجهدها لنشر مبادئ التسامح والعدل والسلام.. وعاشت رسالات السماء لتجمع أهل الأرض.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى