في عهد الرئيس السيسي.. اهتماماً ودعماً غير مسبوق من الدولة لتكنولوجيا الفضاء
تولي الدولة المصرية في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، اهتماما ودعما غير مسبوق لمجالات تكنولوجيا الفضاء باعتبارها من المجالات الواعدة لصناعة المستقبل، حيث تم إنشاء وكالة الفضاء المصرية وهي هيئة عامة اقتصادية مصرية، لها شخصية اعتبارية وتتبع رئاسة الجمهورية، وأنشئت بالقانون رقم 3 لسنة 2018.
وجاء قرار إنشاء وكالة الفضاء المصرية تحقيقا لحلم العلماء المصريين العاملين في هذا المجال، والذي طالما تعثر حيث سبق ووافق مجلس الشعب ومجموعة من الوزراء المختصين على تنفيذه على أرض الواقع فى عام 2001 ولم يتحقق.
وبعد ثورة 30 يونيو تم إحياء الفكرة مرة أخرى وتم رفع مشروع قانون لإنشاء الوكالة الذي أعدته الهيئة القومية للاستشعار من البعد وعلوم الفضاء التابعة لوزارة البحث العلمى فى ذلك الوقت للمستشار عدلي منصور رئيس الجمهورية.
وتهدف وكالة الفضاء المصرية التي تقدر المساحة التى شيدت عليها بنحو 123 فدانا، بالعاصمة الإدارية الجديدة، إلى استحداث ونقل علوم تكنولوجيا الفضاء وتوطينها وتطويرها وامتلاك القدرات الذاتية لبناء الأقمار الصناعية وإطلاقها من الأراضي المصرية.
وفي فبراير 2019 تم إطلاق القمر الصناعي المصري (إيجيبت سات A) من قاعدة إطلاق بياكنور الروسية، لدعم أغراض البحث العلمي والاستشعار عن بعد ومجالات التنمية المستدامة المختلفة بالدولة على مستوى (الزراعة ـ التعدين ـ التخطيط العمراني ـ البيئة)، وكذلك الرصد السلبي للمخاطر الطبيعية مثل (التصحر ـ حركة الكثبان الرملية ـ السيول) وغيرها، كما تم إطلاق 3 أقمار صناعية من نوع (كيوب سات)، تم تصميمها وتنفيذها بالكامل دون الاستعانة بأية خبرات أجنبية، فضلا عن دورها في تطوير تكنولوجيا صناعة الفضاء المحلية.
وتتويجا للجهود العلمية والفنية التى قام بها فريق العمل المصري تم اختيار مصر لاستضافة مقر وكالة الفضاء الإفريقية والذى يؤكد قدرة مصر على توظيف الوكالة لخدمة القارة فى مجال تكنولوجيا الاستشعار من بعد وعلوم الفضاء، ودفع جهود التنمية الوطنية والإقليمية الإفريقية، وفقاً لأجندة إفريقيا 2063.
وتم افتتاح محطة رصد الأقمار الصناعية والحطام الفضائي التابعة للمعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية وهي محطة معنية برصد حركة الأقمار الصناعية في مدارات مختلفة وكذلك رصد حركة المخلفات الفضائية التي يمكن أن تؤثر على حركة الأقمار الصناعية.
وخلال العام الحالي 2023، أعلنت وكالة الفضاء المصرية الانتهاء من مركز التجميع والتكامل والاختبار بالوكالة، والذي يعد الأكبر من نوعه في إفريقيا والشرق الأوسط وتم تأسيسه في إطار الشراكة الاستراتيجية بين مصر والصين.
والقمر الصناعي مصر سات 2 الذي أعلنت وكالة الفضاء المصرية إطلاقه اليوم بنجاح من الصين، تم تجميعه واختباره في هذا المركز، ويعد مركز تجميع وتكامل واختبار الأقمار الصناعية والقمر الصناعي مصر سات 2 لتطبيقات الاستشعار عن بعد، من أهم المشروعات التي يجري تنفيذها من موارد المنح الصينية المقدمة إلى مصر، حيث تم تنفيذ المشروعين بمنحتين بقيمة 92 مليون دولار، تنفيذا لاتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة عام 2014 والتي دشنت مرحلة جديدة من التعاون والشراكة الاستراتيجية بين مصر والصين.
وتعد مصر أول دولة تنفذ تعاونا في الأقمار الصناعية مع الصين في إطار البناء المشترك لمبادرة “الحزام والطريق”، ففي ديسمبر 2014 وقعت مصر والصين اتفاقية تعاون لتحديد التعاون في مجال أقمار الاستشعار عن بعد، وفي يناير 2019، وقع البلدان اتفاقية بشأن تنفيذ القمر الصناعي “مصر سات 2″.
ويخدم القمر الصناعي “مصر سات 2” أهداف التنمية المستدامة للدولة المصرية وذلك من خلال استخدام تكنولوجيا الفضاء في تطوير مجالات حيوية ومنها على سبيل المثال لا الحصر الزراعة، استكشاف الثروات المعدنية، تحديد مصادر المياه السطحية، ودراسة تأثيرات التغير المناخي علي البيئة؛ بما يسهم في دعم الاقتصاد المصري، فضلاً عن تعزيزه لدور مصر الريادي من خلال توفير البرامج التدريبية الهادفة لتأهيل الكوادر المتخصصة في القارة الإفريقية والشرق الأوسط وإمدادها بالبيانات الفضائية.
و “مصر سات 2” من الأقمار متوسطة الحجم، وزنه نحو 350 جراما، وعمره الافتراضي 5 سنوات، مزود بكاميرا تصوير عالية الدقة تبلغ 2 متر أبيض واسود و8 أمتار صور ملونة.
وتستعد مصر حاليا، عقب نجاح إطلاق القمر مصر سات 2، لإطلاق القمر الصناعي “نكس سات 1″، نهاية العام الحالي من الصين وفقا لما أعلنته وكالة الفضاء المصرية، وهو أول قمر صناعي تجريبي للاستشعار عن بعد تم تطويره بالتعاون مع شركة (BST) الألمانية، والذي يمثل إنجازًا مهما في توطين تكنولوجيا تصنيع الأقمار الصناعية في مصر.
ويعد القمر الصناعي المصري (نكس سات1) هو قمر صناعي للاستشعار عن بعد مزود بعدد (2) كاميرا أحادية الطيف بدقة (5) أمتار إلى جانب كاميرا ذات مدى واسع، ويبلغ وزنه 70 كيلوجراما، ويصنف من حيث الحجم من فئة الأقمار الصغيرة (Micro class)، بأبعاد 60*60*60 سم مكعب.
وقام الجانب المصري بتطوير برمجيات وأنظمة التشغيل الحرجة وكذلك عمليات الاختبارات الوظيفية لأنظمة القمر الصناعي وما تلاها من إجراءات التكامل والتجميع والاختبارات من قبل فريق مكون من أكثر من 60 مهندسا خبيرا في العديد من التخصصات المرتبطة بتكنولوجيات الأقمار الصناعية.وتم توفير المكونات اللازمة للمشروع من قبل شركة (BST) الألمانية وتم استلام الأنظمة الفرعية وبرمجتها واختبارها بمعامل وكالة الفضاء المصرية وكذلك بناء أنظمة وبرمجيات التشغيل سواء للقمر الصناعي أو للمحطة الأرضية وأنظمة التشغيل الخاصة بها وكذلك أنظمة الاختبارات الكهربية والميكانيكية، وكافة عمليات هندسة النظم، وهو مثال آخر على استراتيجية الوكالة التي تتمثل في تطوير المهندسين المتخصصين في علوم وتكنولوجيا الفضاء الذين يسيرون قدما للنهوض بالدولة في مجالات التكنولوجيا المتقدمة.