افتتاحية بروباجنداتحقيقات و تقاريرتقاريرعاجل

في “انتخابات الكوكب”.. معركة “اللحمة الجملي” بين الفيل و الحمار

افتتاحية بروباجندا

اللحمة الجملي” في الموروث الشعبي ترمز إلى طول مدة الطهي فهي تحتاج أضعاف الوقت الذي تحتاجه باقي أنواع اللحوم للتسوية، ومنذ ذلك الحين أصبح هذا المصطلح دلالة على طول أمد أي شيء.. المثير أن ينطبق هذا المثال على السيرك السياسي الدائر حالياً بين مرشحي الرئاسة الأمريكية دونالد ترامب (الفيل) و جو بايدن (الحمار) اللذان تجاوزا مرحلة طول الوقت بمراحل في حسم نتائج الانتخابات الرئاسية الأسخن منذ أكثر من 100 عام.

فلم يكن أحد يتوقع أو حتى يخطر على باله أن يحدث كل هذا الجدل والصخب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية الجارية حالياً، فمنذ عشرات السنين يولي العالم اهتماماً كبيراً بهذا السباق الرئاسي الذي يسود اعتقاد غير محدود بأنه يؤثر على “كوكب الأرض” قاطباً، وكيف لا وأمريكا هي التي تحدد مصائر الشعوب بقوة تأثيرها السياسي والعسكري والاقتصادي، لكن ما لم يكن يتصوره أحداً أننا سنكون أمام “ولادة متعثرة” لسيد البيت الأبيض الجديد على هذا النحو الذي شهدناه وما زلنا نشهده.

ورغم الصورة الذهنية المنطبعة في العقول عن واحة الديمقراطية وقلعة الحريات الأمريكية فوجئ المتابعون بجميع أنحاء العالم بأن هرم التكنولوجيا العملاق هذا كان صرحاً من خيال فهوى.. فلم يفلح إزاء أزمة اجتياح فيروس كورونا في تقديم أي شيء.. واضطرت الإدارة الأمريكية لإجراء الانتخابات عبر المظاريف البريدية وهو ما عطل عمليات الفرز وألحق عمليات تزوير وتصويت الأموات بحسب كافة التقارير الإخبارية الموثوق بها والتي جعلت ترامب يطعن في نزاهة النتائج خصوصاً بعد ما تقلص الفارق بينه وبين منافسه الشرس بايدن.

المدهش في هذه الحالة كمية المؤتمرات الصحفية التي يتسابق المتنافسان لإجرائها حتى وصلت إلى مؤتمر كل 10 دقائق في بعض الأحيان.. الأكثر دهشة أن تطورات هذه الانتخابات المثيرة أصبحت حديث الصباح والمساء لرجل الشارع العادي، فيكاد لا يخلو حديث أو مكالمة هاتفية من الاستفسار عن من الفائز (الفيل أم الحمار) حتى اعتقد الكثيرون أنها شتائم يتم سب المرشحين الأمريكيين ترامب وبايدن بها، ما يدعو لتوضيح أصل هذه الرموز وهو ما نتطرق إليه في السطور التالية.

فكالعادة يتنافس الحزبان الأمريكيان الأبرز الجمهوري والديمقراطي على الوصول إلى أعلى منصب بالعالم لكن ما هي قصة اختيار الحزبين الرئيسيين بأميركا للحمار والفيل كرمزين انتخابيين لهما.

حمار الديمقراطيين

فرغم أن الحمار يعرف بأنه رمز لمحدودية القدرات العقلية أو “الغباء”، إلا أنه تحول منذ عقود إلى أيقونة سياسية ورمزاً انتخابياً لأحد أبرز الأحزاب الأميركية.

وبدأت قصة الحمار مع الحزب الديمقراطي الأميركي عام 1828 عندما اختار المرشح الديمقراطي لخوض سباق الرئاسة أندرو جاكسون شعار “لنترك الشعب يحكم“، وسخر منه منافسه الجمهوري كثيراً آنذاك، مطلقاً عليه الاسم الحركي “Jackas” أو حمار، فما كان من جاكسون آنذاك إلا أن استخدم صورة الحيوان قوي الإرادة على ملصقات حملته الانتخابية.

ثم تحول الحمار بعد حين، إلى رمز سياسي للحزب الديمقراطي في عام 1870 عندما قام رسام الكاريكاتير الشهير توماس ناست في الرابع عشر من يناير بنفس العام، بنشر رسم كاريكاتيري في مجلة هاربر الأسبوعية، بعنوان “الحمار الحي يركل أسداً ميتاً”، في إشارة إلى الحزبين الديمقراطي والجمهوري.

وأصبح الحمار منذ ذلك الوقت، رمز الديمقراطيين المدلل، حيث يقومون بتنظيم مسابقات لرسم أفضل بورتريه له وأفضل الشعارات السياسية، التي يمكن أن ترافق صورته، هذا بالإضافة إلى القمصان والقبعات والنظارات الشمسية وعلاقات المفاتيح وأقداح القهوة، التي يطبع عليها رسم الحمار الديمقراطي والتي تباع خلال المؤتمرات الانتخابية للحزب.

فيل الجمهوريين

أما الفيل فقد ظهر كشعار للحزب الجمهوري لأول مرة في دعاية سياسية مساندة لإبراهام لينكولن في الانتخابات، التي فاز عام 1860، لكن رمز الفيل تحول إلى شعار سياسي للجمهوريين عام 1974 بعد رسم كاريكاتيري آخر لناست نشر في مجلة هاربر أيضاً، وكان عبارة عن رسم لحمار يرتدي جلد أسد قبيح تحاول الحيوانات في ذعر الفرار منه، ومن بينهم الفيل، والذي كتب على جسده التصويت الجمهوري، في إشارة إلى هروب الأصوات بعيداً عن الحزب الديمقراطي.

على أية حال ها نحن وإياكم منتظرون لنعرف من سيقود الولايات المتحدة الأمريكية خلال السنوات القادمة : الفيل أم الحمار؟.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى