فن صناعة الإعداء | بقلم عبد الرحمن الصياد
منذ إطلالته الأولي في دور صغير بمسلسل السندريلا حيث كان يؤدي دور معبوده ومعشوقه أحمد زكي، لفت محمد رمضان الأنظار لموهبته التي لاينكرها جاحد.
ومن حينها تحلقت حوله العيون والقلوب تباركه وتترقب خطواته في مشوار الفن الصعب والقاسي وللحقيقة استطاع رمضان حجز مكانا مميزا من حصة المشاهدة فتتبعته شركات الإنتاج وتسارعت علي الفوز بتوقيعه بل واحتكاره حتي التقطه السبكي بذكاءه الفطري ” التجاري ” تحديدا وكان طبيعيا أن يجتذب السبكي رمضان إلي أرضه ومن ثم تعليبه ضمن توليفته الشهيرة ببهاراتها الشعبية حارة المذاق.
ولم يخيب رمضان ظنه فسرعان ماتصدر لائحة الإيرادات متفوقا علي أسماء كبيرة سبقته إلي التألق والنجاح لكنه ذلك النجاح المؤقت والمرهون بذائقة متغيرة اختبرناها كثيرا مع من سبقوه والذين تفننوا في السقوط والأفول ولعل أشهرهم ” محمد سعد ” والذي تم تحجيم موهبته الفذة ووقفها علي استنساخ شخصيات كاريكاتورية مضمونة النجاح دون النظر للمحتوي الذي تقدمه.
المشكلة أن الصعود السريع يعمي العيون والأبصار ولايترك فسحة للعقل أن يدرس ويتأمل ويتدبر، أطمأن رمضان للنجاح وبالغ في ردة فعله ناسيا ماحدث لغيره وغير ملتفت للدروس والعبر، كيف لا وقد تصارع كبار المنتجين علي توفيعه والاستفادة من جماهيريته العريضة، كيف لا وفد وجد الفتي حساباته تتضخم وحضوره يزداد وملايينه تتكدس في البنوك بين يوم وليلة.
كان يمكن أن يمر كل هذا دون أية مشاكل لولا أن رمضان بالغ في استفزاز جماهيره بما ظل ينشره تباعا لصوره بقرابينه وذبائحه وسياراته الفارهة وطائرته الخاصة وماهو أنكي وأضل من ذلك حين خرج علي الناس بكليباته التي تحاكي أسلوب ” الدث ” في أغنيات الراب منتقدا ومهاجما غيره من النجوم ومتفاخرا بأنه الأول وأنه الملك ونسي في غمرة نجاحه أن البسطاء يكرهون الملوك والتباهي والكبر.
بل لم يلتفت رمضان لمن انتقدوه ولا من نصحوه ونسي أيضا أن أحمد زكي العملاق لم يقلد أحدا وأن رمضان بني مجده من استنساخ طريق وأداء وحركات أحمد زكي ولم يعمل علي خلق بصمته الخاصة والاشتغال عليها وتطوير وعيه وأداءه.
كان يمكنه استشارة أهل الخبرة والعلم لكنه ظن أن النجاح صناعته وحده وأنه دائم وسرعان مانقلب الناس عليه بما فيهم جماهيره العريضة التي تقتطع من رزقها حتي تضمن تذكرة لمشاهدة أحد أفلامه، وأن هذه الجماهير وحدها تملك القرار بإعادته وغيره إلي نقطة الصفر.
أقول أنه تفنن في صناعة أعداءه وأنه ضحيه، نعم هو ضحية بكل ماتتضمنه الكلمة، هو جاني ومجني عليه، هو ضحية نفسه أولا وقوانين السوق ثانيا وكل من مارس الضلال بحقه وصور له أن الجماهير ستظل بمقاعدها تشاهده حتي عندما يخرج عن النص ويتحدي ظروفها الاجتماعية السيئة.
ربما لم يفت الوقت بعد فرمضان مايزال أمامه العمر والفرصة فقط إذا استمع لصوت العقل وقرر أن يطور من وعيه وأدواته واكتساب لغة أخري كان بوسعها أن تتجاوز به المحلية وتمكنه من اقتحام العالمية، نعم هو يقدر علي ذلك لكنه لايريد.