افتتاحية بروباجنداتحقيقات و تقاريرعاجل

فتش عن السوشيال ميديا.. تأجيل الدراسة حديث الصباح والمساء

افتتاحية بروباجندا

لم تشهد مصر عاماً اختلف فيه الناس وتحاور خلاله 100 مليون مصري عن موعد بدء الدراسة في التيرم الثاني على النحو الذي شهدته هذا العام، فرغم أن الموعد ثابت ومحدد منذ بدء العام الدراسي في سبتمبر 2019 كما أن مدة أجازة نصف العام هي الأخرى محددة بأسبوعين، إلا أن هاجساً ما كان يطارد المصريين طوال الوقت بأن الدراسة لا يمكن تبدأ في موعدها .

وجاء انتشار فيروس كورونا في الصين وانتقاله لعدة دول أخرى وما تزامن معه من ذعر اجتاح العالم ليزيد الطين بلة، حيث ارتفع سقف طموحات التلاميذ ومن قبلهم أولياء الأمور بحتمية تأجيل الدراسة، إلا أن يقظة وزارة الصحة واتخاذها جميع إجراءات الوقاية ومكافحة العدوى بالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم بددت جميع المخاوف وبالتالي انتفت أسباب التأجيل .

وقد شهدت ساحات غرف الدردشة ومواقع التواصل الاجتماعي (السوشيال ميديا) على هذا السجال الغريب، فهذا يؤكد، وذاك ينفي، وكأن القراء تحولوا صناع قرار أو عالمين ببواطن الأمور ولا أحد غيرهم يعرف مثلهم .. لدرجة دفعت الكثيرين للقول أن هذا الجدل نفسه ضيع بهجة الأجازة أو الاحساس بها نفسه .

ومنذ ذلك الحين لم تتوقف دموع الأهالي والأبناء لدرجة تستدعي أن تكون لنا وقفة .. فهذه الظاهرة ربما تحتاج من الباحثين جهداً كبيراً للتعرف على الأسباب والأبعاد والنتائج .. فهل أصبحنا شعب لا يحب العلم إلى هذه الدرجة التي يتمنى فيها التلاميذ وأولياء الأمور لو ألغيت الدراسة وليس فقط أجلت .. ولماذا ينظر البعض إلى العملية التعليمية على أنها عقوبة أو أن تأجيل الدراسة مكافأة .

وهنا نحن مطالبون بالإجابة على مثل هذا سؤال: لماذا تحولت الدراسة في مصر إلى كابوس يرتبط بحمل الهموم والمناهج التي تعتمد على الحفظ لا الفهم والدروس الخصوصية التي تلتهم دخل أي أسرة .. هذا طبعا بخلاف المشكلات الروتينية من مذاكرة الأبناء و “خناقات المدارس” واكتظاظ الفصول .. وقبل كل هذا نار مصروفات المدارس الخاصة .. باختصار تعتبر أغلب الأسر أيام الدراسة اشبه بعقوبة السجن .. فما أن يبدأ أول يوم دراسي إلا ويدعو كل أب وأم : “اللهم بلعنا إجازة آخر السنة” .

ويرتبط تفسير هذه الإشكالية ببعض الأوضاع التي تحتاج لحسم مثل الدروس الخصوصية فهذا يجعل مسألة تعليم أبنائهم أمر شاق للغاية لما يتكبدونه من نفقات باهظة، بسبب جشع بعض المعلمين وانتشار ظاهرة “السناتر” .

وفي واقع الحال فإن القضية رغم أنها تبدو بسيطة إلا أنها لا تحتمل التهاون أو التأجيل بأية حال من الأحوال، فجميعنا يعلم أن العلم هو الركيزة الأساسية لتقدم المجتمع وأنه حجر الزاوية في أي مسيرة نهضة شاملة ومستدامة مثل تلك التي وضعت مصر أقدامها عليها منذ ثورة 30 يونيو 2013، وفي ظل حرص القيادة السياسية على توفير كل ما يلزم لتأسيس أجيال المستقبل على أسس قويمة تحفظ أمجاد الماضي وترفع مستوى التنمية المستدامة، وكل هذا ما له أن يتحقق بدون الارتقاء بالتعليم ودراسة هذه الظاهرة بعناية .

كما أننا نحتاج إلى وضع ضوابط حاكمة لفوضى بعض مواقع السوشيال ميديا التي لا يهمها سوى تحقيق مكاسب مالية ولو على حساب مصلحة الوطن، حتى لا نقع فريسة لهوى الجهات التي تديرها وفق ما تشاء .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى